تحرش و «ترقيم» وغزل مفضوح
المعاكسات خدش الحياء العام
منقول
ما حجم حوادث التحرش بالمملكة؟ وما الذي يدفع ببعض شبابنا الى معاكسة النساء؟ وكيف نحد من هذه الظاهرة التي تخدش الحياء العام مما يكبح جموح وفلتان الذكورة. «عكاظ» تطرح هذه القضية رغم ما يكتنفها من صعوبات في ظل شح المعلومات عنها والتكتم الذي يحيط بها نظراً لحساسية وضع المرأة في المجتمع، كما ان كثيراً من اللائي يتعرضن لهذه التجربة المشينة لا يتحدث عنها خوفاً من الفضيحة.
تأتي حوادث التحرش في المرتبة الثالثة من حوادث الاعتداء الاخلاقي في المملكة من حيث الكم حيث كشفت تقارير رسمية عن ضبط 1012 شخصاً بتهمة معاكسة النساء 892 منهم بالغون و 104 احداث.
والتحرش عادة لا يكون فقط بالاعتداء المباشر بل يمكن ان يكون عن طريق اللفظ او النظرة او الحركة وحتى عن طريق الاغواء.
وتتفاوت التحرشات بين التحرش الشفهي واطلاق النكات والتعليقات والغزل المكشوف والمفضوح وبالتلميحات والنظرات الموحيه وتتطور الى اللمس والتحسس وتعد الاسواق والشوارع والاماكن العامة من اكثر المناطق التي تكثر فيها معاكسة الفتيات باطلاق الكلمات الساقطة والتصوير بالجوال واستفزازهن من قبل مجموعة شباب يستقلون السيارات والروايات التالية تعكس الظاهرة.
مطاردة مثيرة
تروي يسرا مازن حادثة تعرضها لملاحقة اثناء عودتها من مقر عملها الى منزلها قائلة: لم يتمكن السائق من الحضور لاخذي في ذلك اليوم مما اضطرني لايقاف سيارة “ليموزين” واثناء الطريق اذا بسيارة تلاحقني مما جعلني اشعر بالتوتر وزاد خوفي اثناء توقف الليموزين عند اشارة المرور وذلك عندما خرج شاب مسرعاً من سيارته وقام بفتح باب “الليموزين” حيث كنت اجلس في الخلف ورمى لي برقم هاتفه.. حينها طلبت من السائق تأمين ابواب السيارة جيداً وعند وصولنا الى احد البنوك نزلت على الفور وتوجهت الى اقرب حارس امن وما ان رأى ذلك الشخص حارس الامن حتى ولي الادبار لأواصل مشواري الى منزلي وانا في قمة الرعب مما حدث لي.
غزل مفضوح
وذكرت ريم حامد تعرضها لمضايقات في مكان عام.. تقول ريم: كنت متجهة الى احدى المجمعات التجارية الشهيرة لشراء بعض المستلزمات الخاصة واذا بي فجأة اسمع صوتا هامسا يقول لي “ياجميل محتاج حد يوصلك.. انا تحت الطلب”.
وتستطرد ريم في ذكر ما حدث بعد ذلك قائلة: رغم شتمي له الا انه كان يقابل ذلك بابتسامة سخيفة ما جعلني اترك السوق أعود الى منزلي.
في النقل الجماعي
وتحكي سعاد احمد تعرضها لمعاكسة سخيفة في النقل الجماعي “اثناء سفري من جدة الى نجران برفقة والدتي لتقديم اوراقي الى الديوان غفوت من طول المسافة واذا بي استيقظ فزعة من هول المفاجأة فاثناء استرخائي على المقعد كان احدهم يقوم بملامسة قدمي ما دفعني الى تغيير مقعدي فوراً مع احد الركاب.
تركت وظيفتي
وفي واقعة اكثر وضوحاً تروي “س. م” الحكاية التالية: اعمل موظفة بالقطاع الخاص ولقد فكرت مراراً بترك الوظيفة لما الاقيه من مضايقات من رئيسي المباشر في العمل فهو لا يكف عن التلميح لي بالخروج معه لتناول العشاء باحدى المتنزهات رغم صرفي له دون جدوى بل تمادى في الامر عبر الاتصال بي في اوقات متأخرة من الليل لاستيقظ من نومي واجد رقم هاتفه ورسائله غير اللائقة لم اعد احتمل المزيد من مضايقاته وتلميحاته وغزله ما دفعني للتفكير جدياً في ترك الوظيفة رغم حاجتي الملحة للعمل.
89 تحرشا في عام
الى ذلك ذكر مسؤول امني بجدة بقوله: لقد تم ضبط ما يقارب 89 حالة تحرش في مركز واحد لعام 1427هـ منها 83 حالة تحرش معلومة الفاعل و 6 منها مجهولة لم نتمكن فيها من العثور على الفاعل وتابع: ان معظم حالات التحرش او المعاكسات والمضايقات تردنا من خلال بلاغات من جهة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث انها هي التي تقوم بضبط مثل هذه الحالات او من خلال اخبارية عن مواقع معينة لكن الامر المبشر ان نسبة الفتيات السعوديات اللاتي يتعرضن للمضايقات او يتعمدن لان يتم مضايقتهن قلة جداً بينما الغالبية العظمى من حالات التحرش اللفظي او المضايقات تأتي من قبل الوافدات المرتديات للزي السعودي حيث يشكلن النسبة الكبرى لما يقمن به من لفت للانتباه متسترات بالزي السعوي، وللاسف الشديد الكثير من ابنائنا وشبابنا استغل هذه المتغيرات على اساس انها جزء من الحضارة وأصبح يقوم بعمل أشياء خارجة عن المألوف ومن هنا خرجت علينا قضايا وسلبيات غريبة عن مجتمعنا لم تكن موجودة في السابق أو كانت موجودة ولكن غير واضحة للعيان الآن أصبح لدينا وسائل اتصال متطورة تساعدنا في الوصول لأي شخص وهذا لا شك يرجع الى سوء التربية وضعف الوازع الديني.
مسألة تربية
ويرى الدكتور عايض بن مقبول بن حمود القرني دكتوراه في الفقه الاسلامي المقارن ان المعاكسات من الظواهر المحرمة التي انتشرت في مجتمعات المسلمين والتي غالبا ما يمارسها المراهقون من الفتيان والفتيات، وهي غالبا ما تنطلق من واقع ضعف الدين عند كل من الابن أو البنت اللذين يتجرأن على هذه التصرفات، ويعود الضعف الديني في هذه الحالات الى البيئة التي يعيشها الابن أو البنت في منزله أو مدرسته، فكم من منزل قد اغفل جانب الرقابة على الاولاد فلا الأب ينظر أين يذهب ابنه بل لا يكلف نفسه مجرد السؤال اين هو ومن يصاحب وماذا يجتمع عليه هو ومن معه، وكذلك الأم لا تراقب تصرفات ابنتها في المنزل وجلساتها البعيدة عنها، ولا من هم رفيقاتها، ولا ماذا تهتم به، هل هو الحفاظ على وقتها والحصر على حشمتها وحيائها أم هو الاهتمام البالغ بمظهرها ومكوثها الساعات الطوال أمام مشاهدة ما يثير غرائزها سواء على شاشة التلفاز أم الانترنت أو حتى اهتمامها بجمع مشاهد «البلوتوث» غير الشريفة ممن تستطيع فكل هذه الأمور تجعل الابن والبنت في اندفاع لتلبية الغرائز الموقدة في نفسيهما، ولا يجدان تفريغ هذه الشحنات الا في اتباع هذه الخطوات الشيطانية المحرمة التي ربما افضت الى الخلوة المحرمة وممارسة الرذيلة والفاحشة، وكل ذلك تحت مظلة اقناع البنت لأهلها بالخروج الى زيارة صديقة، او شراء لوازم هامة من السوق أو غير ذلك. فالرعاية للابناء والبنات تبدأ بازالة كل ما يخرب اخلاقهم من آلات لهو محرمة، او السماح بخروج البنات الى الأماكن العامة بدون محرم مما يجعلهن عرضة لما لا تحمد عقباه، بل ان بعض البنات ربما ذهبت بكامل زينتها وأخلت بحجابها الشرعي مما يجعلها مظنة لاثارة الفتنة وجلب الانظار اليها.
علاقة الرجال بالنساء
وتعزو غنية محمد (استاذة علم نفس) اسباب انتشار هذه الظاهرة الى التنشئة الاجتماعية للرجال في علاقاتهم بالنساء، ونظرتهم الى المرأة على انها مصدر للمتعة بالاضافة الى نقص في الوازع الديني. كذلك لا نستطيع تجاهل دور الاسرة وما تزرعه من عادات ثقافية واجتماعية منذ الصغر حيث ان الاسرة لا تقوم بتعليم وتربية ابنائها على كيفية التعامل مع المرأة او كيفية تعامل المرأة مع الرجل الى جانب ثقافة مجتمعنا العربي الذي للاسف دائماً ما يلقي باللوم على المرأة وانها هي الوسيلة والادة الحقيقية للتحرش بها نظراً لسلوكها الى جانب ما يلعبه الاعلام من دور كبير في تفشي مثل هذه الظاهرة عموماً.
ضعف الوازع الديني
وترى حنان الخياري (مشرفة تربوية) ان من اسباب انتشار هذه الظاهرة وتفشيها في مجتمعنا ضعف الوازع الديني لمعظم الشباب، ومن اعرض عن الله آخاه الشيطان (انسياً كان او جنياً) فيوسوس له ويزين له مغازلة الفتيات ومعاكستهن ومضايقتهن.
وخروج الفتيات متبرجات وحدهن مما يدفع الشباب لمعاكستهن بسبب طريقة ملبسهن او زينتهن وعطرهن، مع ان ديننا الحنيف قد نهى الفتاة المسلمة من الخروج بهذه الصورة درءاً للمفاسد والفتن.
وانتشار الهواتف النقالة وسهولة توفرها في يد الجميع دون مراقبة واعية من الوالدين وهو عامل مساعد وقوي لاستقبال المعاكسات اللفظية وما يتبعها، اما السبب الاهم بنظري هو فقد كثير من الابناء للعواطف ومشاعر الحب في المنزل مما يسبب شعور الفتيات بالنقص ومن ثم تقبل كثير منهن المعاكسات وابداء رضاهن في سبيل البحث عن الحب.
السبب برأيك ؟
