البراك في حوار موسع :

فصل مالي وإداري بين قطاعات "الكهرباء" وتحويلها إلى "قابضة"



10/05/2008




.




.


أكد المهندس علي بن صالح البراك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء أن شركته انتهت من عمليات الفصل المالي بين قطاعات الشركة الثلاث، التوليد، والنقل، والتوزيع قبل تحويل قطاع التوليد إلى شركات مستقلة على أن تتحول الشركة الحالية إلى قابضة.

وقال البراك في الحوار الذي أجرته معه .. داخل المحطة التاسعة في الرياض وتنشر جزءه الأول اليوم إن الشركة وضعت منذ البداية رؤيتها وخطتها الاستراتيجية لذلك والمبنية على فصل الأنشطة، الذي بدأ تطبيقه بالفصل الإداري بين النقل والتوزيع والتوليد منذ سنتين. وفي هذا العام تم الفصل المالي بين الأنشطة على أن يتبعه لتحويل التوليد إلى شركات ضمن الشركة السعودية للكهرباء تكون متاحة للمستثمرين مستقبلاً. وقال إن البرنامج يفترض أن يتم خلال سنتين إلى ثلاث سنوات تحويلها إلى شركات وينظر في بيعها للمستثمرين الاستراتيجيين، وهذا الأمر يمكن أن ينطبق على التوزيع بحيث يكون هناك تنافساً في القطاع.

وأشار البراك إلى أن ارتفاع الأسعار العالمية رفع تكلفة مشاريع الشركة بنسب تصل إلى 60 في المائة لكنه قال إن ذلك لن يوقف خطط التوسع من خلال استخدام جميع الوسائل التمويلية المتاحة.

وفيما يتعلق بما يتردد بأن الشركة تعاني سلسلة استقالات من قبل كوادرها في ظل الشكاوى من تدني المرتبات مقارنة بالشركات الأخرى قال البراك إن موظفيه يعتبرون هدفا لبعض الشركات لاستقطابهم بسبب بروزها في في مجال تطوير الموارد البشرية وقال "عادة من لديهم خبرات فنية أو إدارية في شركة مثل الشركة السعودية للكهرباء مطلوبون من جهات عديدة ومع النمو الاقتصادي والصناعي في المملكة تتوافر فرص وظيفية لمثل هؤلاء ويتلقون عروضا من تلك الجهات وتسعى الشركة إلى الاحتفاظ بمثل هذه الخبرات وتأهيل أجيال جديدة من خلال برامج التدريب والتأهيل ليحلّوا مكان من يترك الشركة لأي سبب.

هنا تفاصيل الحوار:


* اليوم نحن في المحطة التاسعة في الرياض.. هل يمكن أن تعطينا لمحة عنها وأن تعرفنا بمشاريع التوسعة التي يتواصل تنفيذها حالياً؟
- يعد مشروع توسعة المحطة التاسعة في الرياض من المشاريع المهمة بالنسبة للشبكة الرئيسية المترابطة بين المنطقتين الوسطى والشرقية. وقد وضع حجر أساس هذا المشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله عام 1997 عندما كان وليا للعهد. وبدأ المشروع بـ 1200 ميجاواط ثم توالت التوسعات تبعا, ويتواصل العمل حالياً في آخر توسعتين في المحطة بقدرة 1100 ميجاواط ليصبح إجمالي سعة المحطة بالكامل مع اكتمالهما نحو 4100 ميجاواط، تغطي تقريبا 50 في المائة من احتياجات مدينة الرياض من الطاقة الكهربائية. وتبلغ تكلفة مشروع التوسعة نحو خمسة مليارات ريال. وهناك مشروع لتبريد الوحدات سيضيف 500 ميجاواط ليصبح إجمالي التوسعة 1600 ميجاواط.

وتعتبر المحطة التاسعة في الرياض والتي ستكتمل أعمال التوسعة فيها خلال الشهرين المقبلين وستدخل الخدمة قبل فصل الصيف أكبر محطة تروبينات غازية في العالم، لاتضاهيها أي محطة في العالم من ناحية الحجم، فهي تحتوي على 56 وحدة تربينية، إضافة إلى أربع وحدات بخارية تستخدم نوعين من الوقود، حيث تستخدم الغاز الطبيعي لعدد من الوحدات وتستخدم الزيت الخام، بعد أن تتم تنقيته ووضعه في خزانات للاستهلاك اليومي..

* هل تعتقد أنه سيكون للمحطة التاسعة أثر في الوضع الكهربائي خلال فصل الصيف الحالي؟
- تمثل المحطة عنصراً أساسياً في الشبكة الكهربائية، ونسعى إلى أن تكون مشاركتها بكامل طاقتها، لأننا نتوقع زيادة كبيرة في الأحمال الكهربائية خلال أشهر الصيف على النظام المترابط بين المنطقتين الوسطى والشرقية، تقدر بـ 23 ألف ميجاواط، ويمثل استهلاك مدينة الرياض منها أكثر من الربع، إذ إنه يتجاوز ثمانية آلاف ميجاواط خلال ساعات الذروة.
وهنالك محطات أخرى بمدينة الرياض لها أهميتها أيضا، منها محطة التوليد الثامنة في العريجاء والسابعة بالصناعية حيث تسهم كل منهما بألفي ميجاواط. وبالإضافة إلى ذلك هناك محطات رئيسية أخرى في نظام التوليد بالشركة تزود النظام المترابط بالكهرباء ومنها محطتا غزلان والقرية البخارية بالمنطقة الشرقية.
ووفقا لخطط الشركة وتقديراتها، فإنها ستقابل الزيادة التي طرأت على استهلاك الكهرباء بين صيفي 2007 و2008، الذي يقدر بنحو 1300 ميجاواط عند بدخول هذه التوسعات الخدمة.

* هل هناك مشاريع لتوسعات جديدة تقابل الطلب المتنامي على الطاقة الكهربائية في السعودية؟
- نعم، لدى الشركة مشروع المحطة العاشرة, وقدرتها المبدئية 1600 ميجاواط، وستتم توسعتها بإضافة وحدات بخارية لتصبح ذات دورة مركبة وليكون إجمالي قدرتها 2500 ميجاواط، وقد تم تحديد موقعها في منتصف الطريق بين الرياض والخرج، وطرحت في مناقصة وتمت ترسية محطة التحويل الخاصة بها قبل شهر, وتبلغ تكلفة المشروع نحو سبعة مليارات ريال وستكون ترسيتها خلال الشهرين المقبلين.

* ماذا عن فصل قطاعات الشركة؟
- تساند الشركة دائماً إنجاح برنامج هيكلة قطاع الكهرباء، وقد وضعت الشركة منذ البداية رؤيتها وخطتها الاستراتيجية لذلك والمبنية على فصل الأنشطة، الذي بدأ تطبيقه بالفصل الإداري بين النقل والتوزيع والتوليد منذ سنتين. وفي هذا العام تم الفصل المالي بين الأنشطة، وسيتبعه إن شاء الله حسب الخطة تحويل التوليد إلى شركات ضمن الشركة السعودية للكهرباء وستكون متاحة للمستثمرين مستقبلاً. البرنامج يفترض أن يتم خلال سنتين إلى ثلاث سنوات تحويلها إلى شركات وينظر في بيعها للمستثمرين الاستراتيجيين، وهذا الأمر يمكن أن ينطبق على التوزيع بحيث يكون هناك تنافساً. ونحن نطمح إلى الوصول لسوق تنافسية لكن يجب أن يعتمد برنامج مناسب من حيث الأسلوب والتوقيت لهذا البرنامج ويجب ألا يغفل بعض المتطلبات الأساسية من أجل نجاح عملية فتح السوق.

* مثل ماذا.. كأنكم تلمحون إلى وجود تحفظات على هيئة تنظيم الكهرباء؟
- ليست لدينا تحفظات، فالهيئة هي الجهة المختصة بذلك، ولكن هناك بعض المتطلبات لإنجاح الهيكلة وفتح السوق مثل ضرورة وجود تعرفةمتوازنة لا تحتوي على إعانة بينية كبيرة، تعرفتنا الحالية تنطوي على تكافل فيما بين فئات المستهلكين مثل التجاري والحكومي وبعض الفئات مثل القطاع السكني حيث تباع له الطاقة بمتوسط لا يزيد عن ثماني هللات في حين أن التكلفة لا تقل عن 12 هللة. التجاري أو الحكومي يباع بـ 26 هللة وبالتالي هنا نوع من الإعانة البينية بين الفئات المستهلكة للطاقة.

الثاني، أنه لا بد من وجود احتياطي للتوليد.. لا نستطيع الانتقال إلى المرحلة الثانية وفتح السوق قبل أن يكون هناك احتياطي في الطاقة، حتى نضمن عدم تعرض الخدمة لمخاطر الانقطاعات.

الثالثة، وجود شبكة نقل جيدة، نحن لا نزال نبني هذه الشبكة، فإذا ما بنيت وأصبح هناك تبادل ومرونة في الطاقة بحيث يعرف المستثمرون الذين يستثمرون في المحطات أن هناك عملاء في مواقع متعددة يمكن نقل الطاقة إليهم بسهولة. إضافة إلى ذلك فنحن في الشركة نسير في اتجاه قوي لإشراك القطاع الخاص في موضوع إنتاج الكهرباء حيث ساندنا وأسهمنا في مشاريع المياه والكهرباء. وهناك ثلاثة مشاريع تحت التنفيذ في الشعيبة والشقيق الجبيل وفي رأس الزور تحت المناقصة وهي بقدرة إجمالية في حدود 5500 ميجاواط ولدينا ثلاثة مشاريع رئيسية أخرى، الأول تم طرحه للمستثمرين في رابغ بقدرة 1200 ميجاواط لإنتاج الكهرباء فقط، وسيتم ترسيته على المطورين من القطاع الخاص قبل نهاية العام. والمشروعان الآخران في كل من الرياض والقرية بقدرة إجمالية في حدود 5000 ميجاواط.

* ماذا عن مشاريع الربط الكهربائي.. قبل فترة أعلنتم عن مشروع لربط المدينة المنورة بالقصيم ؟
- تنظر الشركة لمشاريع الربط الكهربائي بين مناطق المملكة كمشاريع مهمة، إذ إنها تشكل جزءاً من الشبكة الوطنية، وتهدف إلى تبادل الطاقة الكهربائية بين المناطق, وهو هدف من الأهداف التي ظلت الشركة تعمل على تحقيقها منذ سنوات. وقد بدأت مشاريع الربط الكهربائي قبل عدة سنوات حيث تم الربط بين المنطقتين الشرقية والوسطى . وتعمل الشركة حالياً على ربط المنطقة الوسطى بالغربية كهربائياً حيث تمت ترسية العقود بقيمة 2.8 مليار ريال. إن اكتمال هذا المشروع الحيوي يعني أن الكهرباء ستنساب من الشرقية إلى الغربية أو العكس، وهذا يساعدنا كثيراً على تحويل الطاقة الكهربائية ونقلها وفقاً للطلب عليها.

* زادت أسعار المواد عالمياً فارتفعت بالتالي تكلفة المشاريع، فما تأثير ذلك على خطط الشركة وكيف ستواجهون هذا الوضع؟
- تواجه الشركة بالفعل تحدياً حقيقياً شأنها في ذلك شأن غيرها من القطاعات التي تنفذ مشاريع كبيرة تعتمد فيها على مقاولين وتحتاج فيها إلى مواد يتم تصنيعها في دول متعددة. ويتمثل هذا التحدي في النقص الكبير الذي تواجهه سعات الإنتاج في العالم، فقد أصبحت المصانع مشغولة بالإنتاج لتغطية احتياجات مناطق كثيرة في العالم، وطالت مدة التوريد، وأصبحت أطول بكثير مما كانت عليه قبل عامين. كما أن للمقاولين المحليين معاناتهم التي تعود لحجم المشاريع ولصعوبة الحصول على الأيدي العاملة الجيدة، وقد حدت هذه المعاناة من قدراتهم، وهذا في حدٍ ذاته تحدٍ كبير يعيق إنجاز هذه المشاريع في وقتها. ولمعالجة هذا الوضع، ظلت الشركة تعمل على عدة جبهات مثل استقطاب أكبر عدد من المقاولين المؤهلين للعمل في مثل هذه المشاريع ومساندتهم في كل ما يحتاجون إليه وتسهيل أمورهم مع الجهات المختصة, سواء مع وزارة العمل أو مع غيرها.

* كيف أثرت زيادات أسعار المواد في تكاليف المشاريع؟
- لا شك أن الزيادات في أسعار المواد قد انعكست على تكاليف المشاريع التي ارتفعت بدورها بشكل كبير يتجاوز 50 إلى 60 في المائة، مثلا محطة التحويل التي تكلف قبل عامين 70 مليون ريال أصبحت تكلفتها أكثر من 100 مليون ريال ويعود ذلك إلى التضخم العالمي وارتفاع أسعار الحديد والنحاس حيث إن جميع معدات الكهرباء مصنعة من الحديد والنحاس. كما أن لارتفاع تكاليف العمالة على المقاولين أيضا أثر في تكاليف جميع مشاريعنا، لقد أصبحنا في كل منافسة نفاجأ بأن التكاليف تزداد بشكل مستمر.

* كيف ستواجهون ذلك؟
- لم يقف ارتفاع التكلفة عائقاً أمام الشركة، لأن المشاريع لا بد أن تنفذ إذ لا يمكن تأجيل أي منها، لذلك فقد عملت الشركة على ترسية جميع المشاريع المهمة، بينما يجري تعزيز البنود والميزانيات من قبل مجلس الإدارة، والاستفادة من جميع وسائل التمويل المختلفة لأن مشاريع الكهرباء تتعلق بخدمة مشاريع أخرى صناعية ومرافق خدمية وسكنية وغيرها. والاستثمار في الكهرباء يعنى لنا الاستثمار في حاضر المملكة ومستقبلها .

( غدا الجزء الثاني )