ما زالت قضية إنتاجية الموظف الحكومي التي قدرها وزير الخدمة المدنية بساعة واحدة في اليوم تثير الجدل، وتطرح العديد من الأسئلة، وتستفز أكثر من مليون و200 ألف موظف وموظفة حكوميين، اعتبروها غير منصفة بحقهم؛ حتى أن مواقع التواصل الاجتماعي حولت التصريح إلى مادة للتهكم والسخرية على الموظفين الحكوميين، وتصويرهم على أنهم كسالى بلا عمل، وكعادتها تلقفت بعض وسائل الإعلام الغربية تصريح الوزير بسلبية وانتهازية كصحيفة "تايمز"، وقناة "cnn" اللتين أطلقتا على السعوديين لقب "الكسالى"!!



وإن كان خالد العرج، وزير الخدمة المدنية، قد اعتمد – كما هو متداول-في تصريحه على دراسة أجراها باحث منذ أكثر من 13 عاما، ومُنع توزيعها لأخطائها البحثية، وخروجها عن المنهج العلمي، ولوجود خلل رئيسي في قياس متغيراتها.. فإننا نوجه تساؤلاتنا إلى معالي الوزير:



- هل يعقل تحديد إنتاجية الموظف الحكومي بهذا الشكل المجحف، وإطلاق التصريحات الإعلامية بناءً على دراسة "وحيدة" قديمة تجاوزها الزمن، واختلفت حولها المعطيات، ورُفضت في حينها؟

- لماذا التعميم، والإساءة للموظفين والموظفات الحكوميين المنتجين في مختلف قطاعات الدولة؟

- أين "إنصاف" منتسبي القطاعات الأمنية، والصحية، والبلدية، والتعليمية، والتدريبية – على سبيل المثال لا الحصر- الذين أثبتت التجارب والأحداث إنتاجيتهم العالية كما وكيفا وفقا للظروف المحيطة والإمكانات المتاحة؟

- إلى أي مدى يمكن الحكم بواقع تدني إنتاجية الموظف الحكومي بالشكل المطلق على كافة الأجهزة والعاملين فيها على اختلاف مستوياتهم وإنتاجهم الفعلي؟

- لماذا الإصرار على أن إنتاجية الموظف الحكومي السعودي منخفضة، ولا تتناسب مع راتبه، وأنه يتقاضى أجرا يفوق إنتاجيته بكثير؟

- متى تطور بيئة العمل بما تشمله من مكاتب ومبان ومقرات للأجهزة الحكومية، وما يتوفر من تجهيزات لإنجاز الأعمال بكل سهولة؟

- متى تحدث اللوائح والقواعد، والقرارات، والإجراءات، وأنظمة الخدمة المدنية لتحقيق الجودة المطلوبة وخدمة المستفيدين؟

- أين الموضوعية في التعيينات، والتكليفات، والترقيات، والحوافز بأنواعها في مختلف الأجهزة الحكومية، كما يطالب بذلك الكثير من الموظفين؟

- أين توعية القيادات الإدارية والمديرين، والمشرفين بأهمية إدارة العمل، ورفع مستوى الأداء، ومعالجة الأخطاء والتقصير؟

- أين متابعة المسؤول، والتدقيق في نزاهته، وأسلوب إشرافه، وطريقته في توزيع المهام، ومتابعة إنجازها بين مرؤوسيه؟

- لماذا نظام الرواتب الحكومي ما يزال "غير مرن"، ويجعل من الصعوبة دفع رواتب مغرية أو مكافأة الموظفين الذين يؤدون أعمالاً بإنتاجية عالية؟

- أين برامج التدريب والتطوير الوظيفي المتخصصة التي تقدم للموظفين الحكوميين؟



فيا معالي الوزير.. إن إنتاجية الموظف الحكومي تحكمها العديد من الظروف، والمعطيات؛ ولا يخفى عليكم أن قياس إنتاجية الموظفين- كما يؤكد خبراء الإدارة- تعتمد على 3 طرق مهمة، هي: 1- درجة مواظبة الموظف، وارتباط إنتاجيته بطبيعة عمله؛ فالمعلم يختلف تقييمه عن الإداري، وعن الممرض، والطبيب.. الخ.2- التقارير الشهرية، والسنوية في تقييم الأداء.3- قياس الإنجاز من خلال برامج حاسب آلي التي تقيس بدقة إنجاز المعاملات، وساعات عمل الموظفين بكل حيادية. وفوق ذلك الاستعانة بخدمات مركز قياس الأداء الحكومي في رصد الإنتاجية بشكل عام.



وعليه؛ فإن تصريحكم الإعلامي "المستفز"، وتعميمكم بتدني إنتاجية الموظف الحكومي السعودي لم يكن موفقا؛ وكان فيه من الإجحاف الشيء الكثير، وهو محبط للشعب السعودي، وللمسؤولين، والموظفين، والموظفات المجتهدين الذين يعدون إضاءات فاعلة في مختلف مسارات العمل الحكومي؛ وعلى الرغم من اتفاقنا معكم بوجود موظفين غير منتجين، وفاسدين، وغير أكفاء في القطاع الحكومي تسببوا في هدر المال العام، وسوء الإدارة، وإضاعة وقت العمل، والمراجعين، ويجب التخلص منهم إلا أن ذلك لا ينسينا يا معالي الوزير وجود "مديرين" ومسؤولين، ومشرفين حكوميين مقصرين "فاسدين" غير أكفاء.. لا ينتجون، همهم التشدد في الحضور والانصراف، وتوجيه خطابات لفت النظر، وإحباط الموظفين بممارسات ملتوية، وإضاعة الوقت، وضعف التحفيز، وارتكاب التجاوزات المالية والإدارية؛ ولا يعنيهم؛ لا من قريب أو بعيد رفع الإنتاجية، ولا تحليل أسباب تدني الأداء، ولا معالجة الأخطاء الكثيرة المتراكمة في القطاع العام.



ونظن أن معاليكم تتفق معنا في ضرورة التخلص من هؤلاء المديرين و"المسؤولين" المقصرين فورا من أجل المصلحة العامة.