النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: حســـــــــــناء القطـــــــــــار !!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وادي الدواسر
    المشاركات
    835
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    حســـــــــــناء القطـــــــــــار !!

    روى أحد المكفوفين من الهند هذه القصة الطريفة التي حدثت له ، قال :

    لبثت في المقصورة وحدي حتى وصلنا إلى بلدة ( روحانا ) ، وهناك صعدَتْ فتاة وشاركتْني بالمقصورة .
    أغلب ظني أن الزوجين الذين وقفا يودعانها كانا والدَيْها ، فهما كانا قلقين على راحتها ، حيث أخذت المرأة تعطيها تعليمات مفصلة عن المكان الذي تضع فيه أمتعتها ، ومتى تُحجم عن الاتّكاء على النافذة ، وكيف تتهرب من حديث الغرباء .
    وحيث أنني أعمى ؛ فلم يمكنني تحديد مظهر الفتاة ، لكن عرفت أنها تلبس خفّيْن من صوتهما كلما ضربا قدميها ، إضافة إلى أنني أعجبت برنين صوت الفتاة .
    عندما تحرك القطار سألتها قائلاً : هل أنتِ متوجهة إلى دهرادان ؟
    يبدو أنني قابع في زاوية مظلمة ، لأن صوتي روّعها .
    قال بعد شهقة تعجُّب : لم أشعر بوجود شخص آخر هنا !!
    قلت لها : أنا أيضاً لم أرَكِ في البداية ؛ لكن سمعتك تدخلين .
    وفكّرت بيني وبين نفسي : هل بمقدوري أن لا أجعلها تلاحظ أنني أعمى ؟ لكن إذا مكثت في مقعدي فسيكون الأمر سهلاً .
    قالت : سأنزل في صحارنبور ، عمتي تنتظرني هناك ، فإلى أين أنت ذاهب ؟
    قلت : إلى دهرادان ثم موسوري .
    قالت : أنت محظوظ حقاً ، ليتني أذهب إلى موسوري ، فأنا أعشق الجبال خاصة في أكتوبر .
    قلت لها وأنا أستدعي ذاكرة أيامي المبصرة : أجل ؛ إنه أفضل الأوقات فالزهر يغطي التلال ، والشمس الدافئة تغمرها ، وفي المساء يطيب الجلوس أمام نار تتوقّد فيها جذوع الأشجار ، السياح غادروا موسوري الآن و لابد من أن الطرق هادئة وشبه مهجورة .
    ساد الصمت بيننا ، فأخذتُ أتساءل إن كان كلامي أثّر فيها أو أنها اعتبرتني شاعرياً و غبياً .
    ثم زلّ لساني وقلت : كيف يبدو العالم من الخارج ؟
    لم يظهر أن سؤالي أثار استغرابها ، ياترى ؛ هل لاحظَتْ أنني أعمى ؟
    لكن جوابها جاء بسيطاً : لماذا لا تنظر من النافذة ؟
    وتحسستُ بيدي حافة النافذة ، كانت مفتوحة ، فواجهتُها متظاهراً بالتحديق في الطبيعة الريفية ، وفي ذهني كنت أرى أعمدة الهاتف تمضي سريعة ، فقلت : هل تلاحظين أن الأشجار تبدو وكأنها تتحرك بينما نحن ثابتون في مكاننا ؟
    قالت : هذا يحدث دائماً .
    و أدرت ظهري للنافذة وواجهت الفتاة وبقينا صامتَيْن ، ثم قلت : إن لك وجها مشوقاً !
    أطلقَتْ الفتاة ضحكة صافية رنانة ، وقالت : جميل أن أسمع هذا منك ! فقد مللت من الذين يقولون لي إن وجهك جميل !
    وقلت في نفسي : إذن أنت تملكين وجهاً جميلاً !
    ثم رفعت صوتي وقلت لها : الوجه المشوق يمكن أن يكون جميلاً أيضاً !
    قالت : تبدو شهماً و صاحب مروءة ؛ لكن لماذا كل هذا الجدية ؟
    قلت : سنصل إلى محطتك قريباً .
    قالت : الحمد لله أنها رحلة قصيرة ؛ فأنا لا أطيق الجلوس بالقطار أكثر من ساعتين !
    أما أنا فكنت مستعداً للجلوس أياماً ، أستمع إلى حديثها وإلى صوتها المتلألئ كجدول جبلي ، لا بد أنها ستنسى لقاءنا العابر فور مغادرتها القطار ، لكن ذكراه ستظل تلازمني زمناً طويلاً .
    أطلقت الصفارة وتغير صوت العجلات ، و نهضت الفتاة تجمع أمتعتها ، ودخل القطار المحطة ، وسمعنا صوت الحمالين و البائعين ، و قرب باب العربة صوت نسائي عالي النبرات لا شك أنه صوت عمتها .
    سمعت الفتاة تقول لي : إلى اللقاء !
    كانت واقفة بالقرب مني لدرجة أنها وصلتني رائحة عطرها ، وسمعت عند الباب صوت ارتباك وصوت رجل يعتذر ، ثم سمعت الباب يغلَق ، فكأن العالم أغلق دوني ، وعدت لمقعدي ، ومرة أخرى خضت اللعبة مع مسافر جديد .
    قال لي المسافر الجديد الذي دخل مكان الفتاة : آسف لأنني لست رفيقاً جذاباً كتلك التي غادرت المكان !
    قلت له : كانت فتاة مشوقة ! هل لك أن تخبرني عن شعرها ؟ أكان طويلاً أم قصيراً ؟
    أجاب مرتبكاً : لقد رايت عينيها ! فغاب عني أن أنظر إلى شعرها ! كانت لها عينان جميلتان ، لكنهما لا تنفعان ؛ فهي عمياء ، ألم تلاحظ ذلك ؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    الــــــــــدمـــــــــام
    المشاركات
    1,300
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    احسنت يا بو علي وبارك الله فيك وفي مجهودك الرائع الدائم..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    1,067
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اخي العزيز المواصل

    قصة جميلة .. بارك الله فيك وفي جهودك المخلصة

    والله يحفظكم ويرعاكم

    من مواضيع ابوسلمان :

    {اللهم أدخلني مدخل صدقٍ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا }

    ( اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وادي الدواسر
    المشاركات
    835
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    تميم ، أبو سلمان
    شكراً جزيلاً على التواصل الدائم .
    المواصل

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
تعرف علينا
الساحة البريدية منتدى لمنسوبي البريد
للتعارف فيما بينهم ، وتبادل الآراء والأفكار
وطرح المشكلات وإيجاد الحلول لها
إن ما يطرح في الساحة البريدية هو تحت مسئولية العضو نفسه ،
والساحة البريدية تخلي مسئوليتها تماما من أي نشر أو طرح غير مسئول ،
ومع ذلك نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة والتحكم بكل ما يطرح حسب استطاعتنا ،
ونرحب بأي تواصل عبر البريد الالكتروني لإدارة الساحة
admin@arapost.com
تابعنا
للتواصل معنا
admin@arapost.com