النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: العمل: من عناء الكد الى رحاب الانسانيه..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    موظف بريد
    المشاركات
    3,481
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    العمل: من عناء الكد الى رحاب الانسانيه..

    العمل: من عناء الكد إلى رحاب الإنسانية
    علي بوخمسين
    إن على الخيار الوطني أن يقرأ صحيفة العالم المقبل قبل أن يكتمل تحبييرها، وأن ينجز ذلك مستخدماً مفاهيمه الخاصة حول التنمية وترابطاتها الاجتماعية والثقافية ومجموعة الخصائص الوطنية سالبة وموجبة
    لا توجد سوى أفكار انطباعية يجري ترديدها على المستوى الرسمي، حول المستوى النوعي لقوة العمل الوطنية، الركيزة الأساسية لترسية كيانية اقتصادية قائمة على الدورة الكاملة، ومتصاعدة "مستديمة" في نطاق اتساقها البيئي والمجتمعي وصيغها الخاصة، منفتحة على حركية الاقتصاد العالمي وتطورات التقنية، وفي المقابل فإن المقترحات والأفكار المطروحة على الصعيد الثقافي والتداولي بقيت رغم رجاحة بعضها ومنهجيته، تمر بمسألة العمل كقيمة اجتماعية وثقافية مكتفية بتجريدات غارقة في عموميتها، في وقت يتشكل فيه مفهوم العمل داخل سياق آخر، يعمق الفجوة بين الحراك الاقتصادي المتطلع إلى بناء قاعدة صناعية وبين قوى العمل الوطنية، لا من حيث مستويات كفاءتها ومهاراتها فقط، ولكن وهذا هو الأهم استيعابها للعمل كقيمة إنسانية واجتماعية، تتخطى الحاجة والضرورة المعيشية.
    واقع كهذا يتسع ويتمدد بفعل اشكالية ثقافية تضرب في عمق الموروث والبيئة الجغرافية والتاريخ، وما يقدم الآن على الساحة الوطنية حيال ذلك لا يسوّغ الاعتقاد بأن المستقبل القريب الذي يلح ويطرق الأبواب بكل قواه سيكون مختلفاً.
    لا شيء يعترض حيوية التقدم والتغيير التي تنفتح البلاد على آفاقها، ليس ثمة عوائق لا يمكن ازاحتها نحو مستقبل مزدهر، أكثر خطورة من حالة الانفصام بين المفهوم القديم للعمل وبين مطلب النهوض على ايقاعات اقتصاد حديث.
    نقف على رصيد من المزايا المتاحة والمكتسبة تعاني معظم شعوب محيطنا الإنساني والجغرافي من انعدامها، بيئتنا الاجتماعية لا تضطرب تحت وقع الاحتقانات وجموح المشاعر والأعصاب المهتاجة، وليس ثمة طرق مسدودة ولا آفاق مدلهمة، بالرغم من أن الأمر ليس وردياً وسلساً كأحلام العذارى ولا أحد يدعي ذلك، توجد تفاعلات تتمظهر في بعض جوانب الواقع الاجتماعي ومستوى العلاقات وفي نطاق المجال العمومي، بعض من المظاهر الانحرافية وفساد إداري وعنف اسري وأحاديث عن ملامح الجريمة المنظمة، نحن من هذا العالم ونسعى على اديمه، لدينا ملايين من المقيمين وسكان يتكاثرون بسرعة وتحديات كبيرة اخرى، تستدعي مبادرات واعية بشرطها الموضوعي، ولكن لا شيء يستعصي على الإرادة والحكمة.
    لدينا موارد رخية وجزلة ولكنها ليست أثمن ما نملك، قبلها يأتي الوعي بمضامينها المستقبلية، بشروط تحققها واقعاً معاشاً ونابضاً، ما يفرّق وعينا المستجد عما سبقه هو خروجه على الانفعالية واغراءات الاستسلام للوهم والتمنيات، وعي يطمح إلى تخطي واقع الارتهان الاقتصادي وارغامات الأسواق النفطية ورعونتها المنفلتة، والإنطلاق إلى مرحلة تأسيسة مبدعة تجسد اصالتها بإنتاج تاريخ جديد ومتجدد، وتخلق شروطاً ومنظومات تراكمية يقع الإنسان في قلبها، تنقلب على الزمن الرث، تقطع سكونه وتصنع له وجهاً اصيلا ومبدعاً.
    هل هذه تهويمات هاربة من عالم مسحور؟ ليكن!، اليس الحلم تجلياً لرغبة جامحة تنوء بأثقال الكبت، لا ترتوي الا بورودها جداول الواقع؟
    اليوم وكما كان الأمس ولكن ببيان أوضح، يفصح الواقع عن أن الزمن الأصيل يضن بلحظاته على غير المؤسسين الأصلاء، لاتستجيب اقفاله لغير المفاتيح يحملها فاعل أصيل، علينا أن نتغير لنصبح ذلك الفاعل، لكي لا نضطر أن نستعير مستقبلنا من فاعل آخر له برامجه واولوياته، الموارد المالية الحالية بعد أكثر من ثلاثة عقود على قفزة مشابهة مرت كسحابة صيف، تطرح أسئلة جديدة وتعيد تشكيل عناصر المعادلة، ما كان انطباعياً وغامضاً حول استراتيجية التنمية، عليه ان يكشف اليوم عن قدرته على بلورة خيار استراتيجي متماسك، يترافق مع تعزيز استقلالية التخطيط والإدارة المسنودة بمؤهلات وطنية وارادة واثقة، على الخيار الوطني التنموي أن ينبني على محاولات التوثيق بين شروط الانخراط في اقتصاد عالمي متجه بقوة نحو الاندماج والتكامل، وأن يحدد استقلالية وطنية متماسكة وملتزمة بشرطها الوطني وخصائصها الموضوعية اجتماعياً وبيئياً ازاء اتجاهات العولمة التي تحيل إلى استبداد مطلق للارقام ومعادلات الربح والخسارة بمعنى مصادرة العدالة والميثاق الاجتماعي لصالح التراكم، المستحوذ على فاعليات المجتمعات والمندفع في طريق محتوم يفضي إلى اوليجارشية عالمية تحكمها عقيدة حسابية صارمة، اخذت تتماهى وتؤكد تماثلها في منتديات وتجمعات متجاوزة للمسألة الاقتصادية ومتطلعة لقيادة العالم.
    ، ربما لذلك يغدو التركيز وحتى المبالغة في التركيز على موضوع العمل كموقف اجتماعي وقيمة أخلاقية امراً مطلوباً وحاسماً، مقام العمل بين عناصر الثروة الحديثة تقدّم وتصدّر القائمة، بسرعة تتناسب مع تراجع مكانة الموارد الطبيعية، خيار التصنيع على قاعدة المورد الطبيعي الوطني النفط والغاز، عقلاني وبديهي، ولكنه لا ينبغي أن يتوقف عند مستواه التحويلي الذي يمارسه اليوم، الصناعة التحويلية ليست مجالاً خصباً لتوليد ما يسمى بالقيمة المضافة، ولكنه ينفتح على عالم فسيح من الفرص والممكنات المفضية إلى ذلك التمازج الخلاق بين الجهد والمعرفة والمادة الأولية، مما يطلق حركية اجتماعية تتصاعد بفضل قواها الذاتية، ترتقي بالرفاه وتعزز التفاهم والتماسك الوطني وتضع في يد البلاد مفاتيح مستقبلها.
    انه البرهان الأمثل على جدارة الأمة بما أنعم الله عليها، ورهان المستقبل الأكبر، الذي يكمن في اعادة تأسيس ثقافة العمل وربط المكافأة والمكانة بالإنجاز والكفاءة، ولكنه أيضاً طريق المجابهة الأصعب مع انطباعات وموروثات تحولت مع الزمن إلى قناعات مطلقة تستبد بالوعي الاجتماعي، تشكل تحدياً عنيداً وعائقاً عاتياً، فلقد ساعدت البيئة الطبيعية الشحيحة على ترسيخ قناعات ومفاهيم خاطئة، حيث يغدو العمل اليدوي بصورة خاصة نقصاً لا اكتمالاً، كداً تنوء به كواهل البؤساء لا ارتقاءً بالروح الإنسانية وتحرراً من عبودية الغريزة، تحققاً للتفاعل المبدع بين الإنسان وما اعطاه الخالق، امتناناً لنعمته وصوناً لها.
    الموقف الاجتماعي السلبي من العمل لا يحظى بأية شرعية ولا تبريرات من أي نوع، ولكنه مع ذلك قائم ومؤثر لانه ممتد ومترابط مع عوامل البيئة الصحراوية المحاربة، أخلاقيات العمل المعاصر على الجبهة المناقضة، تأتي من واقع اعتبار (القيمة) منتجاً حصرياً للجهد والكفاءة، وأساساً لمعايير الجدارة والمكافأة، لكن بعض أخلاقيات المنفعة الخالصة تخرج على ضمائرنا ونشجب برودتها وتجريداتها اللاإنسانية، بيد أن العمل كأساس لنهضة الأمم واكتساب العيش ومقياس للاستحقاق، قيم تحتمل الاندراج في انساق قيمنا ووعينا الأخلاقي، إذا لم يكن العمل معياراً للمكافأة يلجأ الناس إلى وسائل تتوزع على دائرتي الاستعطاء والتطفل أو اختراق الضمير الأخلاقي، تتكدس الثروة مغيبة في الخزائن أو خارج الحدود، تغترب في الحالتين، تهجر وطنها إلى لا وطن، قدر كبير أو صغير من هذه الصور يلوح يالاسفنا على صفحة واقعنا الحالي.
    إبان العهد الاقطاعي الاوروبي لم يكن العمل مقياساً للقيم، كان مطلباً لسد الرمق، ولكن نظام الرق حسب (ماكس فيبر) قدم للعصر الصناعي خزاناً هائلاً، من الفعلة المنضبطين، توجهوا جماعياً إلى الورش ووقفوا في انتظامية مألوفة أمام أنوال النسيج، لم يعانوا عسراً في تمثل انضباطية صارمة لبيروقراطيات تجريدية المنزع، إذا كانت الملاحظة صادقة فربما أصبح الصحراويون الاحرار يعيشون اغتراباً مزدوجاً في وجه عصر اختراق حياتهم عنوة، هيأمهم بابداعاته ومنتجاته وامتعاضهم حيال قواعد ولوازم العيش داخله، ربما كانوا يخوضون العصر بأخلاقيات القبيلة وقواعد الحياة تحت سقف الخيمة، سلوكية المدينة وانتظامية المصنع وانضباطية المكتب، اقتحامات تزلزل دعة الحياة وتمزق سكونية الزمن، ينبغي صدها عبر تطوير أنظمة الالتفاف والتقطيع وزرع الالغام.
    هذه اشكالية مركبة تندس ابعادها في الماضي والبيئة ونظام العلاقات واساليب العيش، الاشكاليات لا تحل نفسها بنفسها، قد تنحل في الزمن، تتفتت تحت اقدام السيرورة ولكنها لا تنتهي إلى حل، تعيد نفسها في اشكالية جديدة برؤوس متعددة.
    اشكالية الموقف الاجتماعي من العمل نموذج فريد للعقدة الغوردية ولكنها تستعصي على القوة ، لا يفكها غير تفريقها، بعثرتها وتبديد تجمعها، اختراق كثافتها وطبقاتها وبعثرة مكوناتها، نفيها إلى مواطن استفراخها في رموز الوجاهة والتراتبية الاجتماعية وفي العرف والموروث الاجتماعي والبيئة الطبيعية، التعرف على امتدادها وجذورها ثم الانخراط في الاشتباك مع أفرادها واحداً واحداً لكي تنفتح بوابات المستقبل بعد دحرها وازاحتها...
    من الصحافه المحليه لهذا اليوم الاربعاء 5 رمضان

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    DAMMAM
    المشاركات
    1,136
    Thumbs Up/Down
    Received: 9/0
    Given: 4/2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي الفاضل ابوفوزان أشتقنا لمواضيعك الهادفة ونشكرك على النقل المفيد ...

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. عمال النظافة ( البنغالية ) يضربون عن العمل في المدينة
    بواسطة الباحث في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-22-2014, 03:04 PM
  2. الا يكون ملك الانسانيه خادم الحرمين الشريفين قدوة للمسئولين
    بواسطة حقاني في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-13-2007, 07:43 PM
  3. آخر العلاج الكي ....
    بواسطة abufuzan في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 08-29-2006, 12:10 AM
  4. مكرمة جديدة من ملك الانسانيه ابو متعب
    بواسطة افتخر اني سعودي في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 08-07-2006, 11:05 PM
  5. الجـــافــل ..في رحاب منتداكم الموقــر ..!
    بواسطة s.a.s aljafeel في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-16-2005, 04:17 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
تعرف علينا
الساحة البريدية منتدى لمنسوبي البريد
للتعارف فيما بينهم ، وتبادل الآراء والأفكار
وطرح المشكلات وإيجاد الحلول لها
إن ما يطرح في الساحة البريدية هو تحت مسئولية العضو نفسه ،
والساحة البريدية تخلي مسئوليتها تماما من أي نشر أو طرح غير مسئول ،
ومع ذلك نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة والتحكم بكل ما يطرح حسب استطاعتنا ،
ونرحب بأي تواصل عبر البريد الالكتروني لإدارة الساحة
admin@arapost.com
تابعنا
للتواصل معنا
admin@arapost.com