قت شرطة منطقة الرياض القبض على أربعة أشخاص كونوا عصابة لسرقة حسابات الأثرياء ورجال الأعمال من عملاء البنوك عن طريق سحب أرصدة ضحاياهم بشكل مهول.
واتبع الجناة الأربعة اسلوب تزوير بعض المستندات الخاصة بالبنوك وأوراق عملاء البنوك وسحب أرصدة ضحاياهم، وكان عدد من الضحايا قد لحظوا تعرض حساباتهم لتلاعب والبعض منهم سحب رصيده بالكامل وامتدادا للجهود الأمنية التي تقوم بها شعبة التحريات والبحث الجنائي أجرت الشعبة عدة تدابير أمنية أسفرت عن القبض على أربعة أشخاص كانوا خلف اختلاس الأموال من عملاء البنوك عن طريق تزوير بعض المستندات الخاصة بالعملاء وسحب تلك المبالغ ويجري حاليا التحقيق معهم.


غياب الأنظمة

وتعليقاً على الخبر يقول ماضي الماضي (كاتب): من وجهة نظري الشخصية لا يوجد في بنوكنا نظام رقابي دقيق يحافظ على خصوصية وسرية حسابات العملاء، حيث يسهل على أي موظف في أي بنك ان يطلع على حسابات العملاء ويعرف ما هي الحسابات التي تندرج تحت تصنيف حسابات الإيداع فقط والحقيقة ان معظم هذه الحسابات اما ان تكون لمجموعة كبيرة من الأثرياء الذين يرون تحريم فوائد الودائع ولا يرغبون في المغامرة في الصناديق الاستثمارية والبعض الآخر حسابات إدخار، إما للأبناء أو حسابات إيداع لعدد من السيدات ويسهل على أي موظف في أي بنك معرفة أرصدة تلك الحسابات، ولكن كيف يمكن له ان يقوم بعمل حركات سحب وإيداع عليها دون ان يعرف أصحابها، ولعلي أروي بعض القصص الحقيقية التي تؤكد ان الكثير من بنوكنا لا تحافظ على سرية الحسابات، بل إنها في كثير من الأحيان لا تحافظ على حقوق عملائها.

إحدى المؤسسات اكتشفت ان أحد موظفيها الأجانب قام بإيداع عدد من الشيكات الصادرة باسمها في حسابه الشخصي وقبض المبالغ وغادر المملكة بجواز منتهي الصلاحية ودون علم مؤسسته التي فوجئت عند بحثها عن مستحقاتها أنها قد صرفت بشيكات وتسلمها هذا الموظف وأودعها في حسابه مستغلاً صداقته لأحد مديري البنوك. ويذكر أنه مضى على هذا الموضوع أكثر من ثلاث سنوات فلا البنك اعترف بخطئه وأعاد المبالغ له، ولا البنك عاقب مدير فرعه ولم يتلق رداً رسمياً سوى رد شفهي قال فيه البنك أنه استشار مؤسسة النقد فأفادت ان موقف البنك صحيح (يودع شيكات باسم مؤسسة في حساب فرد دون تجيير صحيح).

أما القصة الأخرى فاستفسار بين مؤسسة وأحد موظفيها عن مبلغ هل أودع في حسابها أم لا. وكانت المفاجأة لصاحب المؤسسة عندما دخل عليه الموظف الأجنبي وهو يحمل معه كشف حركة حساب المؤسسة لمدة ستة أشهر حصل عليه من قبل أحد موظفي البنك الذي يرتبط معه بعلاقة شخصية.

والثالثة يروي أحدهم أنه سأل صديقا له عن شخص تقدم لخطبة ابنته فقال له أنه أحد الأثرياء ولديه في البنك (كذا مليون) ولم يكن هذا الشخص سوى موظف في بنك.

نعم الخصوصية ضعيفة ويبدو ان العقاب غير موجود فإضافة إلى قضية ضبط المتلاعبين في حسابات العملاء نشرت "الرياض" يوم أمس قصة مجموعة من عملاء أحد البنوك الذين استخدمت حساباتهم في الاكتتاب وتم بيع الأسهم التي خصصت لهم دون ان تكون لهم.

نعم لابد من وقفة جادة وعقوبات رادعة تفرضها مؤسسة النقد والجهات الجنائية على كل من يسرب معلومات أو يتساهل في الإفشاء بأي معلومات عن حسابات العملاء وان يتم إيجاد آلية للحسابات ذات الأرصدة المجمدة لا تسمح إلاّ لمجموعة محددة في الإدارات الإقليمية للبنوك للاطلاع عليها وليس لكل موظف يجلس وأمامه شاشة.

نحن في زمن لا أموال إلاّ في البنوك وولى زمن الأموال التي تحت البلاطة، ولكن هل علينا ان نفتقد السرية عندما ننقل هذه الأموال من تحت البلاطة إلى الشاشة.


زيادة العقوبات

من جانبه، يقول خالد الجوهر (مستثمر في سوق الأسهم): إن المعاملات البنكية من أهم وسائل الحركة الاقتصادية وترتبط هذه المعاملات بعامل الثقة الذي هو الغلاف الآمن للحركة البنكية، لذلك تلجأ البنوك إلى توفير كافة الاحتياطات اللازمة لتوفير قدر كبير من الأمن للمعاملات البنكية بعيداً عن التلاعب في حسابات العملاء.

ولا شك أنه من هذه المنطلق فإن وجود حالات تزوير لحسابات بعض كبار العملاء حادثة تستحق المزيد من الحزم رغم أنها لن تؤثر بشكل كبير على المعاملات البنكية لتمتع البنوك المحلية بسمعة طيبة في هذا المجال لندرة هذه الحوادث إلاّ ان الحادثة يجب ان تكون ضوءاً أحمر للبنوك المحلية لكي تتخذ قدراً أكبر من الاحتياطات للحفاظ على ثقة عملائها.

كما أنه نظراً لأهمية القطاع الصرفي في دفع العملية الاقتصادية وأهمية توفر عنصر الأمان في هذا القطاع لابد من زيادة العقوبات المقترحة عن أي مخالفات تصدر بخصوص هذا الشأن ويجب الإعلان خلال الأيام القليلة القادمة عن إجراءات تنظيمية لتلافي القصور الذي تسبب في حدوث هذه الحادثة. كما ان التواصل بين العملاء وبنوكهم من شأنه ان يقلل من حدوث مثل هذه التجاوزات من خلال متابعة العملاء لحساباتهم وكشوف الحساب الدورية التي يفضل ان تكون شهرية مع بنوكهم سيقلل ذلك بالتأكيد من حدوث أو تصعيد لمشكلات التزوير في الحسابات.

ولا يسعنا هنا إلاّ الإشارة إلى ان ما حدث يجب ألاّ يؤثر على ثقة العملاء في النظام المصرفي لأهمية هذا القطاع الهام في تحقيق ودفع العجلة الاقتصادية.