..
..
المقدمة:
(( الله هذا بديع !)) عبارة نطلقها دوما على الشيء الذي نستحسنه و نعجب به .
و (( هذه بدعة )) عبارة نستنكر بها الأمر أو الحدث الذي يفاجئنا و نستهجنه .
و اننا نظهر بهاتين العبارتين تقبلنا أو رفضنا للأشياء و الأمور المبدعة أو المبتدعة في حياتنا , فأذا وافقت هوانا لأنها ترضي ذوقنا , أو تحمل قيمة أو تحل مشكلة معينة , وصفناها بهذه الصيغة التي تدل على الثبوت و الاستمرارية و الاصالة فقلنا (( بديع )) الفتحة , وأن كانت على غير ما نحب و نهوى وصفنا الفعلة بالكسرة و قلنا (( بدعة )) . وأنعكست نظرتنا هذه للفعل على الانسان الذي يأتي به فوصفناه بأجلال و أعجاب إذا أتى بما نحب , و أطلقنا عليه أسمه الذي يستحقه (( المبدع )) بينما يكون وصفنا لمن أتى عملا لا نرتضيه أو لا نوافق عليه مليئا بالسخرية حين نطلق عليه (( المبتدع )) , و كأننا من حيث نشعر أو لا نشعر نصغر من شأنه و نقلل من قدره . و إذا ذهبنا الى لسان العرب وجدنا فيه أن البديع والبدع هو الشيء الذي يكون أولا , و يقال عن مبدع الشيء أنه مبدعه بدعا , و أبتدعه أي أنشأه و بدأه , و الغريب أن البدعة ليست شيا مستهجنا في كل الاحوال , أذ نجد أبن منظور ينقل عن أبن الاثير نظرته إلى البدعة في الدين فيقول : بأن هناك بدعة هدى هي التي تتفق مع ما جاء في الكتاب و السنة, و بدعة ضلال و هي ما خالف ذلك , و هي التي ينبغي أستنكارها و ذمها ..
كيف ينظر الناس الى عملية الابداع و المبدعين ؟؟
أهو عملية سحرية غامضة تميز عددا محدودا من البشر الملهمين أو العباقرة ؟ أم هو موجود عند كل البشر بقدر يتفاوت من رد الى آخر , كما يرى أصحاب المفهوم الحديث للإبداع ؟ و هل المطلوب منا التركيز على الابداع كعملية غامضة يثور الجدل حولها و حول مراحلها أم نترك هذا و نركز على دراسة الانتاج الابداعي نفسه بأعتبار أنه شيء ملموس يمكن الإتفاق و الانفاق عليه . لذا المطلوب منا ان نقوم بدراسة تجيب عن دوافع الابداع التي تحفز المبدعين و تحركهم الى الانتاج الابداعي و ما هي النظريات التي وضعت لتفسير حقيقة هذه الدوافع و طبيعتها . فيا ترى أيكمن الدافع للإبداع في الانفعال الخلاق ( creative emotion ) كما يقول برجسون ؟ أم في إعلاء الرغبات الجنسية المكبوتة كما يقول فرويد و من نحا نحوه من تلامذته و أتباعه ؟ أم أن هذا الدافع يكمن في تعويض الشعور بالنقص أو في اللاشعور الجمعي كما يرى جماعة المتمردين على فرويد ؟
ان العلماء و الناس دائما حاولو و يحاولون ان يجيبوا على ما يثار من تساؤلات عن طبيعة الخصائص العقلية للإبداع و العوامل المكونة له و كيف تطورت على يد الدارسين الذين حاولوا الكشف عن هذه العوامل , و كيف أنتهت هذه البحوث على يد ( جيلفورد ) و معاونيه الى تحديد العوامل الرئيسية الثلاثة المتمثلة في الطلاقة و الاصالة و المرونة و العوامل المساعدة لها مثل الاحساس بالمشكلات و التقييم .... الخ
منقول بتصرف
يتبع