الانتخابات البلدية السعودية: مرشح يراهن بصندوق البريد..
أعلن معظم المرشحين في العاصمة السعودية برامجهم الانتخابية، سواء عبر الإعلان بشكل شخصي في المقر الانتخابي الخاص بكل مرشح، أو عبر رسائل إعلامية أو إعلانية في الإنترنت أو في الصحف المحلية أو في الملصقات والمطويات الدعائية، إلا أن تلك البرامج الانتخابية صيغت معظمها بكلمات عامة وشاملة، حتى في طرح تفاصيل البرنامج الانتخابي لكل مرشح، وغاب عن معظم المرشحين التفريق بين الأهداف العامة والخاصة، ثم اتفق معظم المرشحين على عدم ذكر المهام والنشاطات التي ستحقق أهدافهم العامة المعلنة، الأمر الذي جعل كثيراً من الناخبين يصابون بحيرة وخيبة أمل، لعدم وضوح الوعود الانتخابية، والتي سيصوت الناخبون على ضوئها، من هذا المنطلق قامت «الشرق الأوسط» بسؤال بعض المرشحين عن المحور البارز الذي سيركز عليه كل واحد منهم، وعن آرائهم في الانتخابات بعد مرور أكثر من نصف أسبوع، وعن علاقة المجلس البلدي بالإرهاب، وأثر عقد المؤتمر الدولي للإرهاب في وسط الحملات الانتخابية.
* الحملات الانتخابية بعد مرور أربعة أيام - يرى المرشح صالح السويّد أن الأيام الماضية أفرزت متضادات، فهناك من بالغ في حملته الانتخابية، وهناك من كانت حملته متواضعة للغاية، وبشكل عام فإن الانتخابات تجربة جديدة، وعلى الرغم من الحملة الإعلامية التي قامت بها اللجنة العامة للانتخابات والتي سبقت وزامنت فترة قيد الناخبين، إلا أن ذلك لم يخلق ذلك الوعي المحفز للمواطن السعودي لقيد اسمه، الأمر الذي أفرز ضخامة نسبة المرشحين بالنسبة لعدد الناخبين، لذا فإن المجلس البلدي بحاجة إلى سعوديين متفرغين وأصحاب خبرات عميقة وثرية، كشرائح المتقاعدين ورجال الأعمال، وأرى أنه ينبغي استبعاد أساتذة الجامعة وموظفي الحكومة لأنهم وبكل بساطة غير متفرغين.
ويعتقد القانوني كاتب الشمري أن الحملات الانتخابية جاءت متأخرة، لكونها وضعت في آخر مراحل النشاط الانتخابي، إضافة لمحدودية وقتها، وازدحام البرامج الانتخابية، ولو سبقت الحملات فترة قيد الناخبين لأسهم ذلك في زيادة عدد الناخبين، لا سيما في تنامي أعداد المواطنين الغاضبين من أنفسهم لعدم قيد أسمائهم في المراكز الانتخابية بسبب كسلهم أو لعدم وعيهم بالمجلس البلدي والفعل الانتخابي. بينما ذكر المرشح عبد الرحمن المهنّا أن الذين لم يسجلوا أسماءهم بدأوا يشعرون بنتائج عدم ذهابهم لمراكز قيد الناخبين، وبعضهم شعر بأنه قصّر في حق الوطن وحق نفسه وحق المرشح الكفء، كم كنت أتمنى إعلان المرشحين قبل بداية فترة قيد للناخبين، ولو أن الترشيح وزّع على مرحلتين، الأولى يتم فيها تقديم متطلبات الترشيح، ثم تعلن أسماء المتقدمين، ثم تطرح فترة أخرى لتأكيد الترشيح، أعتقد بأن ذلك سيسهم في تقليل عدد المرشحين وزيادة عدد الناخبين. ورأى المرشح طارق القصبي أن الانتخابات أداة لتنمية المجتمعات، وما حدث في الرياض بسبب الحملات الانتخابية، يكمن في تحريك المواطنين وبيان حاجتهم لبعضهم بعضاً، كما تحرك المشهد الفكري والثقافي وانتعش القطاع الاقتصادي.
* إسهام المجلس البلدي في محاربة الإرهاب - أكد المهندس القصبي أن المجلس البلدي سيسهم في مكافحة الإرهاب من خلال صيغته الرامية للمشاركة الشعبية أولاً، وإمكانية تداول الأفكار في المجلس البلدي وإيصالها لمستويات عليا من المسؤولين، ولعل إعادة الحياة إلى قلب الحي، من خلال العناية بحديقة الحي ستساعد في تقوية لحمة المجتمع، مما يستحيل معه اندساس الإرهابيين في بعض الأحياء حتى لو كانت كبيرة.
بينما ذكر المرشح السويد أن المجلس البلدي سيسهم في مكافحة الإرهاب في السعودية من خلال تقديم بعض الأفكار التي تساهم في الحد من الإرهاب أو تركز جهود رجال الأمن لمتابعة الإرهابيين، كمثل مردود تحديد ساعات العمل في المحلات التجارية الذي وضعه في برنامجه الانتخابي على الناحية الأمنية في فترة المساء.
غير أن كاتب الشمري لا يرى أن المجلس البلدي سيسهم في مكافحة الإرهاب، على الرغم من أهمية موضوع الإرهاب لكل مواطن ومقيم في السعودية، ويسعى الجميع للمشاركة في مكافحته، كون الإرهاب يدخل في نطاق مهام القطاع الأمني، والمجلس البلدي مهتم بالقطاع الخدمي.
ويتفق المرشح عبد الرحمن المهنا مع الشمري في أن موضوع الإرهاب ليست له أية علاقة بمهام المجلس البلدي، وهذا لا ينفي شجب الجميع للإرهاب، بل أعتقد أن إدخال أي شخص في أية مشورة ـ ومن ضمنها المجالس البلدية ـ لصنع القرارات واتخاذها، لتصبح لدى المواطن رقابة ذاتية تساعده على المضي قدماً في تنمية المجتمع.
* تزامن الحملات مع مؤتمر الإرهاب - اتفق المرشحون كاتب الشمري وعبد الرحمن المهنا وصالح السويد على عدم تأثير الحملة الإعلامية للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب ـ الذي سيفتتح في الرياض في مطلع الأسبوع المقبل ـ على الحملات الانتخابية للمرشحين، بسبب أن حمى سباق الترشح عبر الانتخابات للمجلس البلدي بدأت أولاً، وبذلك أخذت فرصة كافية لظهورها كأبرز حدث في العاصمة السعودية.
بينما كان للمرشح القصبي رأيٌ آخر، حيث ذكر أن ذلك التزامن والتقاطع سيؤثر ايجابياً للالتفات لسؤال مهم جداً سيوجه لكل مرشح، ألا وهو «أين مكافحة الإرهاب في محاورك الانتخابية؟»، وبالتأكيد فإنه لا يستطيع أي مرشح أن يقدم حملة ضد الإرهاب في برنامجه الانتخابي بالشكل الذي يوازي الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب والتي من ضمنها عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب.
* الورقة الانتخابية التي يراهن عليه المرشح - وانصبت اهتمامات المرشحين في حملاتهم الانتخابية على مراجعة وتطوير القوانين والأنظمة الحالية للبلديات والمجمعات بما يتوافق مع متطلبات العصر وحاجات المواطنين، والسعي لمكافحة الرتابة وبطء سير المعاملات من خلال وضع آليات تكفل سرعة انجاز المعاملات، وضرب المحامي الشمري مثلاً بنظام البلديات الحالي الذي لا يحفل بموضوع تأهيل الأرصفة داخل الأحياء لممارسة رياضة المشي من قبل المواطنين والمقيمين، الأمر الذي سيؤثر في مجالات عديدة لعل من أبرزها تخفيف وزن الشخص والتقليل من استخدام السيارات للتنقل داخل الحي وغيرها من الأمور، هذا فقط لو تمت مراجعة موضوع الأرصفة، لذلك من المهم جداً البدء في صياغة أنظمة بلدية تساعد على خلق مدن وأحياء مريحة للمواطن، كما ينبغي الاهتمام بتشجير الرياض باعتبار أنها عاصمة السعودية، لذا لا بد أن تكون مميزة جداً.
فيما عوّل بعضهم المرشح في برامجهم الانتخابية على تدريب الكوادر البشرية التابعة للبلديات والمجمعات القروية، لإيمانه بأنه حتى لو تحققت أفضل الإمكانات المادية والتقنية والمالية، وتم توظيف أشخاص غير مؤهلين بالشكل الكافي والملائم لمهام البلديات، لضاع كل الجهد، ولتضاعفت المخالفات وساءت الخدمات المقدمة للناس.
بينما راهن البعض الآخر على الحديقة لتكون القلب النابض لكل حي من أحياء الرياض، من خلال تحويلها من مكان يحتوي على مساحات خضراء فقط، إلى جعلها مركزاً ثقافياً ورياضياً واجتماعياً وحضارياً، من خلال استحداث مكتبات وصالات رياضية ومجالس وديوانيات عامة في كل حديقة، مع الاهتمام بمجال صحة البيئة وتنظيم التخطيط بما يدعم الروابط الاجتماعية ويذكي روح الجوار. وانصب اهتمام صالح السويّد المرشح في الدائرة الرابعة على إيجاد عنوان بريدي لكل مواطن ومقيم، لأن العاصمة السعودية تكاد تكون الوحيدة التي لا توجد بها شبكة بريدية متكاملة يستفيد منها جميع السكّان، مع تحديد ساعات العمل في المحلات التجارية، من أجل ترشيد المال العام وتشجيع السعوديين للعمل في القطاع الخاص من خلال إيجاد منافسة عادلة بين السعودي والعمالة الوافدة.
المصدر جريدة الشرق الأوسط الخميس 24/12/1425هـ عدد 9564
