ماء زمزم .. براءة من حصوات الكلى!!
ماء زمزم .. براءة من حصوات الكلى!!
اشير الى ما كتبه الاخ الدكتور عبدالرحمن العرابي في صفحة ا لرأي بجريدة المدينة في عددها رقم 15916 الصادر يوم الاثنين 29 شوال 1427هـ، الموافق 20 نوفمبر 2006، تحت عنوان “ يا أهل العلم والطب افتونا”، والذي أثارفيه عدداً من التساؤلات حول ماء زمزم تفاعلاً مع حديث الدكتور فيصل شاهين لجريدة الحياة الذي قال فيه: “ان احتواء ماء زمزم على بعض الأملاح ينتج عنه قصور في وظائف الكلى.. الخ” واتقدم الى الدكتور العرابي بالشكر على غيرته على ثوابت العقيدة وما يرتبط بها من هدي نبوي شريف وسنة مطهرة.
كما أحيي فيه حرصه على الموضوعية بإحالته الموضوع الى ذوي الاختصاص، واسمحوا لي ان اعتبر نفسي ممن عنيتموهم بالأمر، وان لم أكن سوى طالب علم في تخصص علم وظائف الأعضاء، ذلك كون آلية عمل النفرونات - وهي الوحدات التي تتألف منها الكلية - تسمح بأن يدرك المرء كيفية تكوين الرشاحة ومن ثم اعادة امتصاص كثير من المواد من هذه الرشاحة الى تيار الدم، وتركيزها تدريجياً حتى تخرج في النهاية على شكل بول، وما قد يصاحب ذلك من تغيرات تطرأ على هذه العمليات الفسيولوجية يتعرض معها اداؤها لاعاقة في بعض مراحلها لتظهر على شكل اعراض مرضية. هذه المتغيرات يفترض ان يدرسها طالب كلية الطب في مقرر علم الأمراض (الباثولوجي) والفسيولوجيا المرضي (باثوفسيولوجي)، وأحسب ان سعادة الدكتور فيصل شاهين - صاحب التصريح مناط البحث - يتذكر مفردات ذلك المقرر فيما يتعلق بتكوّن حصوات الكلى، وكيف انها ( أي الحصوات) متعددة المنشأ، وهو موضوع تخصصي لا يناقش على صفحات جرائد يومية بالطريقة التي دأب عليها بعض من يبحث عن الاثارة، بل في مؤتمرات علمية تضم متخصصين في علم الكيمياء الحيوية وعلم الامراض وعلم وظائف الأعضاء والصيدلة وعلم السموم.
لذلك - واستجابة للنداء الذي اطلقه الدكتور العرابي- سوف أذكر في هذه العجالة اللمحات السريعة التالية لعناصره الرئيسة، مراعاة لمحدودية الحيز تاركاً النقاش العلمي المستفيض الى لقاء آمل ان يعقد لهذا الغرض:
* بداية يجب أن ندرك أن أداء الكلية عملية غاية في الدقة والتعقيد تتداخل فيها عوامل كثيرة وتخضع لتحكم هورموني وأوسموزي وانزيمي دقيق، يواكبها تغير في الضغط يضبط المدخلات والمخرجات، يتبعها توازن كيميائي وكهربي أكثر دقة واشد احكاماً، عبر اعادة امتصاص وافراز الايونات المراد الحفاظ عليها، وتلك المطلوب التخلص منها. فهي ليست ببساطة متروكة لظروف التزاحم الايوني بحيث يؤدي تراكم الاملاح الى تلف الكلية عند تناول مواد متفاوتة المحتوى الايوني. كما ان العمليات التي تؤديها الكلية على مدار الساعة ليست وقفاً على انتاج البول، بل تتجاوز ذلك الى ما هو أهم بكثير: منها التحكم في حجم الدم وما يلازم ذلك من تحكم في ضغطه، ومنها كذلك التحكم في درجة حموضة الدم بالتعاون مع الرئتين ومركز التنفس في جذع الدماغ، ومنها ايضاً تدوير النسيج العظمي في الجسم بالتعاون مع الغدة نظير الدرقية.
* أنواع حصوات الكلى وعلاقة ماء زمزم:
1 - حصوات أوكسالات الكالسيوم: ماء زمز لا يحتوي على الأوكسالات، ولم يشر أحد من الباحثين - حسب التقارير المتاحة - الى وجودها في ماء زمزم ولو بالحد الأدنى الذي ينذر بالخطر، فهي المادة التي تتسبب في تكون حصوات الكلى لدى الاغلبية الساحقة من المرضى اذا توافرت فرصة اتحادها بالكالسيوم في النفرون. غير ان وجودها أو عدم وجودها لا يحسم الأمر، فهي توجد في الكثير من الأغذية والمشروبات التي يتناولها الانسان بشكل عادي كل يوم مثل السبانخ والبقدونس والرجلة، بل وحتى في الشاي والقهوة والكاكاو والكاجو، ولم نسمع بمن يحذر الناس من تناولها. إنما المدهش حقاً ان هذا النوع من الحصوات يمكن تجنبه بالمحافظة على مستوى السترات في الدم، وهذا يتأتى برفع مستوى البوتاسيوم أو المغنيسيوم فيه، الامر الذي يوفره ماء زمزم باحتوائه على تركيز عال لكليهما. والكلام يصبح اكثر تعقيداً اذا علمنا ان تركيز الكالسيوم المرتفع في ماء زمزم يجعل الأوكسات ترتبط به ليحول بذلك دون امتصاصها الى تيار الدم ومن ثم نزولها في رشاحة النفرون بشكل طليق يسمح بتكونها على شكل حصوات هناك. هذا التركيز يوفره ماء زمزم ولله الحمد.[COLOR="red"] 2 - حصوات فوسفات الكالسيوم: هذا النوع ينطبق عليه ما قيل حول الأوكسالات، بالاضافة الى كون هذه الحصوات لا تتكون في الوسط الحامضي، الامر الذي يوفره الافراز المستمر لأيون الهيدروجين مقابل الامتصاص العالي للصوديوم الذي يوجد بتركيز عالٍ في ماء زمزم ولله الحمد.[/COLOR] 3 - حصوات حمض اليوريك: هذا النوع من الحصوات لا علاقة له بالأملاح، بل هو ناتج عن خلل في التمثيل الغذائي للبروتين في الجسم. فيصبح بذلك التعميم الذي اطلق على ماء زمزم غير قابل للتطبيق هنا ولله الحمد. 4 - حصوات ستروفايت: هذا النوع يتكون نتيجة التهابات بكتيرية، الأمر الذي يبرئ ماء زمزم من علاقته به ولله الحمد. 5 - حصوات السيستين: هذه الحصوات تتكون لدى من يحملون استعداداً جينياً وراثياً لذلك، وهؤلاء يمكن التنبؤ بإصابتهم بهذا الاعتلال قبل تناولهم لماء زمزم أو سواه ولله الحمد.فكيف يقال عن ماء زمزم ما قيل جزافاً وبدون تروِّ؟
اما موضوع النترات، وهو من بين الموضوعات التي تثار احياناً حول ماء زمزم، فإنه ليس له علاقة بحصوات الكلى، بل هو يرتبط بوجود أو عدم وجود بكتيريا في القناة الهضمية تعمل على تجويل النترات الى نتريت، وهذا الاخير يعرقل عمل هيموجلوبين الدم في حمل الاوكسجين.
وهذا قد يحدث لدى الأطفال حديثي الولادة حتى بلوغهم السن التي تبدأ عندها المعدة في افراز حمضها الذي يبيد هذه البكتيريا. ومن المعلوم ان الفورا البكتيرية في القناة الهضمية تختلف من مجتمع الى اخر تبعاً للبيئة وعادات التغذية. هذا مع العلم بأن الخضروات التي يأكلها الانسان بشكل يومي مثل الخس والسبانخ تشكل مصدراً لحوالى 90% مما يتناوله من النترات، وقد تصل كمية النترات التي يتناولها الاشخاص الذين يتبعون حمية نباتية الى 250 ملجم في اليوم الواحد. بل ان النتريت الضار يضاف الى منتجات اللحوم المعبأة. برغم ذلك لم نسمع من يثير ضجة حول الخضروات أو اللحوم المعبأة التي تباع في الأسواق.
هذه حقائق علمية ثابتة ومعروفة ليس لديّ أدنى شك في ان الاخ الكريم الدكتور فيصل شاهين يعرفها - بل هو حريّ به ان يعرفها - قبل غيره، بحكم صلتها الوثيقة بتخصصه وبعمله كمسؤول عن قطاع ذي صلة بالكلى والفشل الكلوي. لذلك فمن المؤكد ان تصريح الدكتور فيصل شاهين يمكن ان يصنف بأنه افادة اخرجت عن سياقها ضمن حملة التوعية التي ينظمها المركز الوطني لزراعة الاعضاء، وليس توجهاً لتشكيك العوام في أمور ايمانية بأي حال من الأحول. فالرجل لم يقل سوى انه “ ينصح بعض المرضى المصابين بالفشل الكلوي..”. وعلى اية حال فالقارئ المحايد يستطيع ان يتبين بسهولة مدى التدخل المهني الصحفي في صياغة الخبر ورصفه بالمصطلحات الطبية ليخدم الغرض الاستهلاكي على حساب المحتوى العلمي. لذلك فإني أعتب على الأخ الدكتور فيصل شاهين استخدامه لهذه القناة وبهذا الشكل المرتجل لطرح موضوع يحمل هذا القدر من الحساسية. ولعله كان من الانسب ان يطرح الموضوع في لقاء او منتدى يضم متخصصين من ذوي العلاقة يصوغون خلاصة نقاشهم في افادة تنقل لعامة المسلمين.
ولعلي بهذه المناسبة احيل الامر الى معالي الأخ الزميل الدكتور ناصر بن عبدالله الصالح مدير جامعة ام القرى التي تضم معهد خادم الحرمين الشريفين لابحاث الحج الذي احسب انه المعني بتبني مثل هذه اللقاءات، وتضم ايضاً كلية الطب (وكلية العلوم الطبية) التي يدرس لطلابها منذ ما يربو على عشرين عاماً مقرر “العلوم الطبية بين القرآن والحديث” الذي يتناول مثل هذه الموضوعات بشكل منهجي أكاديمي، ويحضر طلابه جلسات المجمع الفقهي بصفة مراقب للوقوف على كيفية تعامل الشرع الحنيف مع المستجدات الطبية.
كما اني - بهذه المناسبة ايضاً - اهيب بالاخ الدكتور فيصل شاهين ان يستقطع من ميزانية المركز الذي يديره مبالغ تسخر للبحث العلمي الهادف الى تعزيز دور المركز واقناع الجمهور بأهمية هذا الدور، وحصر المصادر التي عرف عنها اضرارها البالغ بالكلى والتي منها المضادات الحيوية التي تباع لدينا في الصيدليات بدون وصفات طبية او اية قيود، وكذلك التلوث بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والالومنيوم والزئبق التي تنتشر في بيئتنا سواء في الهواء أم في الماء أم في أواني الطهي، بل وحتى حشوات الأسنان في افواهنا. والله المستعان..
*المدير المؤسس لمركز الأخلاقيات الإسلامية للطب والعلوم البيولوجية جامعة درهام - انجلترا - المملكة المتحدة رئيس تحرير مجلة منتدى أوكسفورد للبحوث
المصدر ((( جريدة المدينه المنوره هذا اليوم الثلاثاء 7/11/1427هـ h,وتم نقل ذالك للفائـــــــــــــــده ولكم خالص تقديرى
