الأمير الوليد بن طلال: الاصلاحات في السعودية بطيئة ولكن لاسباب ...
أرقام 01/10/2007
تحدّث الأمير الوليد بن طلال في حوار أجراه مع مجلة "ماك كنزي كوارترلي"، عن الإصلاحات الإقتصادية في المملكة العربية السعودية وعلاقتها بالوفرة البترولية –هذه الأيام-، كما كشف عن توقعاته بمستقبل زاهر لقطاعي البتروكيماويات والخدمات المالية في السعودية، وكذا بتغيير وجهة الإستثمارات الخليجية من الغرب إلى الشرق.
وبدأ المقابلة بالمقارنة بين طفرة السبعينات التي عرفتها المنطقة في السبعينات وتلك التي تعيشها حاليا، فقال الأمير الوليد بن طلال أنّ دول الخليج قد تعلمت من الدروس السابقة، فبينما أنفقت الأموال الطائلة في السبعينات على مشاريع عشوائية فإن دول المنطقة تبدي حكمة في انفاق الأموال في الطفرة الحالية.
وشدد على أن على الحكومة السعودية في الفترة الحالية أن تكرس مجهوداتها في تخفيض نسب البطالة وبناء مساكن للفقراء والمحتاجين ومشاريع أخرى مدروسة تلبي حاجيات اقتصادها وتضيف اليه.
واشاد بما قامت به الحكومة في السنوات القليلة الماضي من استغلال الوفرة المالية في تخفيض الديون الحكومية من 118% من الناتج الاجمالي إلى 40% حاليا، وقال أنه من المنتظر ان تتخلص الحكومة من الدين العام بنهاية عام 2007.
المستقبل للبتروكيماويات والخدمات المالية
وعن سؤال لمجلة "كوارترلي" حول القطاعات التي يتوقع الأمير الوليد أن تزدهر خلال السنوات الـ 5-10 القادمة في السعودية؛ أجاب الأمير أنّه يرى لقطاع البتروكيماويات مستقبلا مشرقا، بالإضافة إلى القطاع المصرفي والخدمات المالية هي الأخرى يتوقع لها مكانة هامة. وذكر أنّ المملكة تدرس مشروع إنشاء مركز مالي دولي في الرياض تنافس به بقية دول المنطقة. ونوّه إلى أنّ قطاع السياحة الإسلامي – كما اسماه- مجال آخر يبشر بالازدهار.
وقال أن علينا أن نركز على المجالات التي يوجد لدينا فيها تفوق طبيعي وليس كما فعلنا في الطفرة الاولى حينما حاولنا أن نحقق اكتفاءا ذاتيا من القمح ونحن لانملك الماء، ولا التربة، ولا العمالة، مشددا على ان سياسة الاكتفاء الذاتي من القمح كانت سياسة خاطئة.
وحول ما إذا كان يتخوف من أن تسبق دول الخليج المجاورة السعودية أجاب سموه " أن السعودية هي حجر الأساس في المنطقة كما أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا هي الركائز في أوروبا، واقتصاديات هاته البلدان أهم من اقتصاد سلوفاكيا واليونان مثلا ... لا أعتقد ان السعودية ستتخلف عن الركب، لكن علينا الاستفادة من الآخرين وتجاربهم وخصوصا دبي وأبو ظبي".
أموال المستثمرين تتجه شرقا
وقال الوليد إن الأموال العربية بدأت نزوحا من الولايات المتحدة الامريكية بعد أحداث الـ 11 سبتمبر وطريقة معاملة أمريكا للعرب -التي استنكرها- كالمشاكل التي واجهتها صفقة شركة موانئ دبي العالمية في أمريكا جعلت من الكثير من المستثمرين الخليجيين وحتى حكومات المنطقة تفكر في تغيير وجهة استثماراتها وأن تضخ أموالها من خلال استثمارات في اوروبا أو آسيا (الهند والصين) لأنه وبالنهاية للسياسة انعكاساتها على الإقتصاد لامحالة.
واضاف أنه قابل خمسة أو ستة من رؤساء بنوك ومؤسسات استثمارية امريكية خلال الأشهر الماضية وكلهم يرغبون في فتح فروع لهم في السعودية لتقديم خدمات للشركات الكبيرة والافراد ذوي الثروات الكبيرة. وقال أن دول الخليج ستجنى مايقرب من تريليون دولار خلال السنتين القادمتين حتى ولو انخفض سعر النفط إلى 60 دولار وهي مبالغ ضخمة ستؤدي إلى انتقال الأموال إلى الاقتصاديات المحلية.
الإصلاح – خطوات بطيئة!
ويحبذ ألأمير أن تسير الأمور الإصلاحية في المملكة بأسرع ما يمكن، من دون أعذار. وأن يكون استئصال البيروقراطية هي أولى الأهداف الإصلاحية، وتفعيل القوانين المتخذة من طرف هيئة الاستثمار لإستقطاب المستثمرين الأجانب وتهيئة البيئة القانونية المناسبة من حيث القوانين الضريبية وقوانين العمل.
وقال أنه لابد من التنبه إلى أنّ تخفيض الضرائب من 40 إلى 20% لاتكفي بل من الضروري تكامل القوانين لتوفير جو استثماري تنافسي يمكننا من منافسة أوروبا الشرقية وامريكا اللاتينية وغيرها من مناطق العالم في استقطاب الاستثمارات.
ثم وفي تعليقه عن كون السعودية تتخبط في ما يعرف بالإصلاح من دون أن تتمكن من تفعيله، قال الوليد: "المملكة العربية السعودية ليست بإمارة صغيرة كدبي مثلا أو البحرين، بل إنها بلد كبير وشاسع بشرائحه المتنوعة من بدو وحضر وقبائل والعائلة الحاكمة والطبقة السياسية والجهات الدينية وغيرها ... وبالتالي ليس من السهل تفعيل الإصلاحات بين عشية وضحاها. فالملك عبد الله يخطو خطى إصلاحية جيدة تحتاج إلى وقت ودعم لاسيما وأنّ المملكة هي في مقام قيادي لأكثر من 1.3 مليار مسلم في العالم".
وقال إن الملك عبدالله يرغب في الاسراع في الاصلاحات، لكن ذلك يمكن تشبيهه بمن يقود يختا فهو يحتاج إلى وقت لتغيير اتجاهه قبل أن يبدأ الانطلاق في الوجهة الصحيحة.
وقال انه مصاب بالاحباط من عدم القدرة على انجاز مسائل بسيطة مثل قيادة المرأة للسيارة حيث اصبحت السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر ذلك. وبينما يستطيع أي فرد أن يشتري جهاز فيديو ويشاهد فيلما عليه فإن السينما ممنوعة في البلاد. وقال أن هذه أشياء بسيطة وغير جوهرية ولكنها مهمة.
التعصب والتعليم
ومبديا رأيه حول ما يعرف بـ" التعصب" في منطقة الشرق الآوسط ذكر الوليد أنّ وزارة الشؤون الدينية تسهر على الإعتدال في المساجد ونبذ التعصب والإرهاب بكل أشكاله. كما تطرق الوليد إلى دور التعليم والتثقيف في انشغال الشباب بمايهم بدلا عن التعصب والإرهاب، حيث قال " إن المنهج التعليمي في المملكة العربية السعودية قديم لابد من تحديثه، لابد من إضافات على العلوم البيولوجية والرياضية على حد سواء وكذا إدخال اللغات الأجنبية منذ المراحل التعليمية الآولى لاسيما منها اللغة الإنجليزية. كما يجب تعليم الطلاب تقنيات المعلومات كالانترنت منذ المراحل الآولى أيضا".
وأصرّ الوليد -في جوابه عن سؤال حول اهتماماته الإعلامية واستغلالها في تغيير نظرة الغرب للاسلام والعكس- على أنّ الهدف ليس التاثير على الإتجاه السياسي لمصالحنا الإعلامية الدولية، بل ونظرا لعلاقاتنا القوية مع الكثير من أرباب الإعلام كالسيد ميردوخ صاحب فوكس الإخبارية، فإننا نسعى للتحاور معهم بشكل منطقي وواقعي بهدف أن يسمعنا الغير. فنحن لا نطالبهم بأن يدعموا العراق أو فلسطين أو الإسلام عموما لكن نُطالبهم "بالحياد"، كما قال الأمير الوليد بن طلال.
