جلست حوالي ساعة كاملة أحدّق في شاشة الكمبيوتر وأصارع عجزي عن كتابة مقدمة لائقة لموضوع المستقبل الذي أنا بصدده!
عجزت!
ليس ذلك فقط، بل تطوّر عجزي إلى درجة أني نسيت عن ماذا كنت سأتحدث! لا غرابة إذا قال "صاحبي" بأنه قد أصابني "الخرف" وأن كتاباتي لا تجد من يقرأها!
عن أي مستقبل كنت سأتحدث؟
ليس عن السياسة، بالتأكيد؛ فأمر هذه ليس محمود العواقب!
وليس عن الاقتصاد، لأن لمعان "الفلوس" وهي تأتي وتروح تبعا لتذبذب نبضات قلب "الكازينو الكبير"، تُذهب بالألباب، فلا أحد يريد أن يسمع، أو يرى!
ولا عن "تحرير المرأة"، فهن يعتقدن بأن هذه "المفردة" هي من هون العقول المتحجرة، مثل الذي "تجمّد" على كتفيّ!
ولن أتحدث عن السوءات الاجتماعية التي نسمع عنها هنا وهناك، ونظن أنها تحدث عند، ولهؤلاء، فقط!
ولأني لا أجيد لغة التكنولوجيا، فإني قررت الحديث عنها، لسببين: أولهما، أني لا أنتمي لعصرها (التكنولوجيا)، وثانيهما، فكّرت، لو أني "خربطت" في حديثي سوف أتعذّر بالسبب الأول!
1- التعليم: سوف يتم الاستغناء عن "السبورة" التقليدية في خلال خمس سنوات كأقصى حد! طبعا، سيقول البعض بأن "السبورة" التقليدية قد أستغني عنها، بالفعل، وأننا في عصر "السبورة" الحديثة التي نكتب عليها بالأقلام الملونة، بدلا من الطباشير! تحملوني، فأنا لا زلت أعيش في عصر الديناصورات! سنبدأ برؤية السبورة الـ "فيرتشوال"، والتي هي موجودة، بالفعل، في بعض دول العالم "المتخلف"! فالطبشور سيكون "طبشورا التكترونيا" و "Character Recognition" يحوّل خط الأستاذ الرديء (الرديء صفة للخط، وليس بالضرورة للأستاذ) تلقائيا إلى أي نمط من الخطوط يريد، أو إذا كانت الأمور في الصف تجري حسب التقاليد الديمقراطية العريقة، فنمط الخط يأتي على حسب رأي أغلبية الطلاب! ولأن هذه الديمقراطية الطلابية سوف تتسبب في مشاكل لا يمكن التكهن بخطورتها على سلطة المدرسة، ففي خلال العشر سنوات القادمة، سوف يستغنى عن السبورة نهائيا! فكل طالب سيكون معه سبورته يختار فيها نمط الخط الذي يريد! وسوف نستغني عن طباعة الكتب المدرسية، أيضا، في خلال العشر سنوات القادمة، حيث سيتوجب على الطالب في بداية الفصل الدراسي "إنزال" المنهج كاملا إلى "سبورته". ويتوجب عليه، أيضا، عمل "updating" للمنهج كلما احتاجت "وزارة التربية والتعليم" لتعديل منهاج "العلوم" حسب المستجدات "اليومية"؛ وكذلك مناهج "التاريخ" و "الجغرافيا"، أو حتى "الفلك" وقضية طرد الكويكب "الفقير" بلوتو. وفي النهاية سنصل إلى إلغاء "البناء" الذي أسميناه في عصرنا: المدرسة!
2- الانترنت: في فترة لن تتجاوز الخمس سنوات، لن تتمكن أية "سلطة" في العالم من إغلاق أي موقع على الشبكة العنكبوتية، إلا ما يضعه أصحاب الموقع من شروط للدخول فيه. ستكون عناوين المواقع متغيرة "Dynamic"؛ وسيكون بإمكان أي منا الاتصال بالانترنت من أي مكان بالعالم دون المرور عبر شبكة الاتصالات المحلية، أو أي شبكة اتصالات. وسنتحدث عن الاستخدامات الأخرى للانترنت في الفقرات اللاحقة.
3- التلفزيون: أتوقع أن يختفي هذا المنتج من السوق خلال عشر سنوات، على أبعد تقدير. ومثلما تجهّز بعض الكمبيوترات النقالة "Lap Top" بكاميرات للتواصل، حاليا، فإن "أجهزة" المستقبل المتنقلة، والمتناهية الصغر، ستزود بـ "ريسيفرات" لمحطات المستقبل التفاعلية. وإذا كان حجم الصورة أصغر مما تتوقع على الجهاز المتنقل، فإنه (الجهاز) سيزود بـ "بروجكتر" ثلاثي الأبعاد تستطيع تسليطه على أي سطح وفي أي وقت، حتى في "عز الظهيرة"! وبإمكانك، أيضا، اختيار "الممثلين" لأفلامك المفضلة!
4- الطب: في غضون العشر سنوات القادمة، سوف تختفي كل العيادات الخارجية، والصيدليات، كما نعرفها الآن! فـ "المريض" لن يحتاج إلى أن يذهب إلى الطبيب في عيادته، إلا في حالات خاصة جدا، وتلك ستكون في المستشفيات التي سيتغير شكلها جذريا! فإذا شعر الإنسان بتوعك يحتاج معه إلى استشارة طبيب، فما عليه إلا أن يجلس أمام جهازه في بيته، حيث يقوم ذلك الجهاز بقياس "العلامات الحيوية"، ويقارنها مع "قاعدة البيانات" الخاصة به، ويرسل كل تلك المعلومات إلى الطبيب، والذي سيقتصر دوره على التأكد من فهم المريض للتعليمات التي يطلب منه "الجهاز" تنفيذها من أجل الوصول إلى تشخيص متكامل للحالة، ومن ثم وصف الدواء الذي سوف تقوم الصيدلية بإعداده بواسطة "الكمبيوتر" بناء على تركيبة الحامض النووي للمريض. بمعنى آخر: ذلك الدواء سيكون فقط لذلك المريض، وليس لسواه! وفي غضون السنوات العشر القادمة، أيضا، سوف يقتصر دور الطبيب في غرفة العمليات على متابعة عمل الكمبيوتر، وليس التدخل الجراحي التقليدي، كما نعرفه في وقتنا الحاضر. لن تكون هناك أفلام للأشعة، أو ملفات ورقية للمرضى، أو تقارير يحملها المريض لجهة العمل أو إلى جهة طبية أخرى. كل المعلومات المحدّثة عن المريض ستكون محتواة في شريحة ميكروسكوبية مزروعة تحت الجلد، وتحدّث تلقائيا بعد كل "تواصل طبي"!
5- التلفون: مثل ما يحدث للتلفزيون، فإن مصير الهاتف، كما نعرفه اليوم، لن يكن بأفضل حال. فالمتوقع أن يذهب الهاتف الثابت إلى إحدى الزوايا المملة في المتاحف التي تحكي قصة تخلف إنسان القرن العشرين! إما بالنسبة للهاتف الجوال، فسيدمج مع ما نسميه اليوم بالكمبيوتر ليكون وسيلة الاتصال والمشاهدة والتعليم في المستقبل.
6- الكهرباء: سيكون دور شركات الكهرباء تخزين الطاقة التي نبعثها من منازلنا أثناء النهار، وإرجاعها إلينا أثناء الليل، والأيام الغائمة. فإذا ما كانت الطاقة التي "نصدرها" إلى شركة الكهرباء أكثر مما نستهلك في الليل، فإن الفاتورة ستكون لصالحنا، أي سنطالب شركة الكهرباء بدفع قيمة الفاتورة!
7- الطاقة النووية: سيستنفذ جميع مخزون الكرة الأرضية من "اليورانيوم" في فترة تتراوح بين 9-12 سنة! وعليه، فإن جميع محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل عن طريق تخصيب اليورانيوم سوف تتوقف عن العمل في غضون 15 سنة!
8- السيارة: إذا تأخر السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة لأكثر من خمس سنوات، فلن يكون مهما بعد ذلك إذا سمح أو لم يسمح لها بقيادة السيارة. ففي فترة تتراوح بين 5-10 سنوات لن تحتاج سيارة المستقبل لسائق، أو سائقة! كل ما على الإنسان حينها هو أن يطلب من "السيارة" أن توصله إلى المكان المحدد، وهي (السيارة) ستقوم بكل شيء بما في ذلك مراعاة قوانين السير والسرعة القصوى، والدنيا!
9- التسوّق: كل هذه المراكز التجارية والتي يصرف عليها مليارات الريالات ستكون مهجورة في فترة لا تتجاوز العشر سنوات! فكل احتياجات الشخص والعائلة ستتوفر حسب الطلب في المراكز التجارية الافتراضية! وسيكون بإمكان "المتسوّق" شم رائحة العطور ومستحضرات التجميل، من خلال مجسات خاصة في الكمبيوتر. وأيضا، سيكون بإمكانه اللمس الافتراضي للملابس، والاحتياجات الأخرى، حيث ستكون "الشاشة" تفاعلية حتى لدرجة الملمس!
10- الوظيفة: فيما عدا عدد قليل من المهمات التي يتوجب الإتيان بها في محل العمل، فإن الموظف في وقت لا يتعدى العشر سنوات، سيكون بإمكانه أداء عمله، والتفاعل مع رؤسائه وعملائه، في أي مكان يرغب في التواجد فيه!
لن اسأل: ماذا أعددنا للمستقبل! لا حاجة للجواب! أرى أنكم، معشر الشباب، منهمكون في الإعداد لذلك المستقبل!
منقووووووووووووول للفائده
