إن مشكلة الأداء لدى الفرد العامل هي من أبرز القضايا التي يجب أن تتبوأ مركزاً متقدماً في جدول أوليات البحث، باعتبار أن العنصر البشري هو في مقدَّم العوامل الأساسية المكونة للعملية الإنتاجية، وقد حققت التجربة العملية اليابانية نجاحات مذهلة في رفع مستوى الأداء، ومن ثم الإنتاجية والجودة، وذلك بتعميق وتأصيل المؤثرين الأساسيين في مستوى الأداء لدى الفرد وهما القدرة في الأداء والرغبة فيه، واعتماد مبدأ المشاركة والعمل الجماعي، وتطوير الأداء وإثراء العمل عن طريق إشباع طموحات العاملين وتحقيق الاستفادة القصوى من مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية وزيادة انتمائهم للمنظمة بتركيزها على أخلاقيات العمل، فقد قامت هذه التجربة الرائدة بإطلاق وتفجير الفعاليات الكامنة في مختلف العوامل المؤثرة على السلوك والأداء.
وإذا تقرر - عملياً من خلال هذه التجربة المتميزة - بأن الفرد هو محور عملية التنمية وهدفها، فإننا نرى أن المملكة العربية السعودية قد خاضت تجربة عملية متميزة في التنمية الإدارية استقت خصائصها من مبادئ ديننا الإسلامي، وثقافتنا المحلية فكانت بذلك سباقة في مجال التطوير الإداري وتطويع النظريات والأساليب الإدارية الحديثة، محققةً في السنوات القليلة الماضية معدلات نجاح مرتفعة في إنتاجية الأفراد، وذلك بتركيزها على مبدأ المشاركة في الإدارة وردم الفجوة بين المستويات الإدارية بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المسؤولية المشتركة في الإدارة مع معالجة مشكلات الرضا الوظيفي، ما أدى إلى تعميق روح العمل الجماعي والقضاء على شعور اللا مبالاة لدى الفرد، كما أن المملكة قد خاضت تجارب رائدة في مواضيع حساسة في التنمية الإدارية، من حيث معالجة التضخم الوظيفي، والعمل على حسن توزيع الكفاءات الوطنية، مع وضع خطة شاملة للقوى العاملة، وتكريس الدور المهم للبرامج الإدارية التدريبية في زيادة الاستفادة من الكفاءات الوطنية.
إن الخطوات التي تنتهجها المملكة في مجال إعداد الفرد من حيث العمل على زيادة قدرته وكفاءته ورغبته تسهم بشكل فاعل في تحقيق استخدام أمثل للطاقات البشرية مع الارتقاء بالأداء، مما انعكس على الاقتصاد العام.