النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قصة تبين عطاء الله ورحمته

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وادي الدواسر
    المشاركات
    835
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    قصة تبين عطاء الله ورحمته

    ذكر فضيلة الشيخ الداعية أحمد القطان هذه الواقعة المعبرة ، قال :
    حكى لي رجل ذهب إلى الحج في الزمن السابق أيام كان المسلمون يسيرون في الدهناء وسط الطرق الوعرة ، يخرجون بالسيارات و لا يصلون مكة إلا بعد أسبوع .
    يقول : كنت راكباً في السيارة بالخلف ، وإذا غرزت في رمال الصحراء الناعمة ، وقد ثقلت السيارة وجذبتها الرمال ، وكادت أن تقف ، وهي تحثو علينا من رملها الساخن بواسطة العجلات ، فتمتلئ أنوفنا وآذاننا وعيوننا ، وتغطينا طبقة من الغبار ، كنت أنزل من السيارة ثم أظل أدفعها من الخلف حتى أساعدها على النهوض والتخلص من الرمل ، فإذا عادت إلى سيرها الطبيعي قمت بالقفز وركبت من الخلف ، وكنت الوحيد الذي يركب بالخلف مع التموين .
    وفي أحد الأيام مررنا بوادٍ واسع من الرمال الناعمة ، قد رسمت عليه رياح الشمال خطوطها ، و لا ترى فيها إلا عشيبات متناثرة تصارع الظمأ .
    يقول : تثاقلت السيارة في سيرها ، فألقيت بنفسي ثم أخذت أدفعها ، وهي تتباطأ ويثور الغبار ، وأدفعها ويثور الغبار ، ثم فجأة أسرعت السيارة وعلق نعلي في الرمل ، فتأخرت أبحث مكان خطواتي لأخرج نعلي لأتّقي بها حرارة الرمضاء .
    وأسرعت السيارة ، وظن السائق أنني ركبت ، والغبار يثور خلفه فلا يراني بالمرآة ، وواصلَتْ السيارة سرعتها ، وواصلْتُ أنا بحثي عن نعالي ، فلما وجدتها كانوا قد ابتعدوا ، وهبطت السيارة في وادٍ جديد من الرمال .
    فأصبحت في حيرة ، هل ابحث عن نعلي ؟ أم أجري خلفها بأقصى سرعتي ؟
    فتركتُ نعلي وجريتُ بما أوتيتُ من سرعة ، لكن السيارة نهضَتْ من عثرتها وانطلقَتْ بين الوديان بعيداً بعيداً !
    ولم أعد أرى منها إلا نقطة حمراء ما لبثََتْ أن تلاشت عبر الصحراء ، ولم يذكروني ولو يلتفتوا إليّ ، فعدت أبحث عن النعال من جديد .
    يقول : فوجدتها ولبستها ثم واصلت السير ، والقلب مني يخفق ، والنفس تتلجلج ، وأخذت أسير على أثر السيارة لعلهم يذكرونني عند وقوفهم لطعام الغداء بعد العصر ، فهم لا يستريحون إلا عند انكسار الشمس ويصلّون الظهر مع العصر جمع تأخير ، فلا بدّ أن يفتقدوني ويعودوا للبحث عني .
    فلما جاء وقت الظهر وأصبح الظل تحت الحذاء ؛ حيث لا ظل إلا تحت القدم ، والشمس لها وهج أحسّ أنه يحفر أخاديد نيرانية داخل رأسي وجلدي ، وقد ألقيت على وجهي غطاء رأسي ، إذ بدأت الرياح تهب والرمال تلتوي كالثعابين تحتي ، ولو توقفت قليلاً أو جثوت على الأرض لغطّتني الرمال سريعاً ، فتلك الأراضي ذات كثبان متحركة ، ومعالمها متغيرة ، لا تستقر على حال .
    وأثناء سيري كانت تغوص قدماي إلى الساقين مرة ، وأمر على كتل من الصوان ( الحجر الأملس ) مرة .
    يقول : فلما بلغت الشمس كبد السماء وبدأت الرمال تتخلل بين فتحات النعل أحسست أنني أخوض في نار ، لا أدري ماذا كان شعوري ساعتها !
    إلا أنني أرفع رجلاً و أخفض أخرى ، وأجثو مرة ؛ وأحبو على يديّ ورجليّ مرة ، وأضع غطاء رأسي تحت قدمي ، ثم أعود فأضعه على رأسي ، ثم أضعه تحت قدمي ، وهكذا ، حتى جفّ ريقي ، واحمرّت عيناي ، ولم أعد أرى جيّداً ، وصار لساني في سقف حلقي وكأنّه قطعة جلد متشقق ، أو الخشب اليابس ، وتمزقتْ شفتاي فتألّمت منهما ، إذا حركتهما نزفتا دماً ، وأخذت أسير وأنا أنظر إلى أصابع يديّ وقد تحولَتْ إلى سوداء نحيفة ، واجتاحني شيءٌ كالحمّى ، وقد كنت في الساعات الأولى أتعرق ، أما الآن فلا عَرِق ، وإنما يفوح من جسمي لسان نار لافح .
    و ظللت في سيري ، لكنه سير الذي تملّكه الإعياء والتعب ، ولا يزال بعض معالم السيارة على الأرض حيث أن الرياح قد غطّت معظمها ، فكنت اسير مدة طويلة فلا أكاد أقع على اثرها إلا أن الله وفقني فسرت متحسساً آثارها .
    وكلما اكتشفت اثراً لها من صعود أو هبوط كأنني عثرت على ماء ، لأن الأمل لا يزال يحدوني .
    يقول : فلما بلغ الظمأ مني مبلغه و أخذت اسير وأترنح والدنيا تدور أمامي ، وقد مالت الشمس ، ولمحت من بعيد أشياء كأنها أشجار عالية ضخمة ، ثم رايتها بعد ذلك ترتفع في السماء ، ثم بدت كأنها شلالات وبحار ، فعلمت أنه السراب الخادع ، وتذكرت قوله تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ) النور 39 .
    يقول : ظل السراب أمامي وأنا لا أتبعه بل أتبع آثار السيارة ، وبلغ الحال بي أنني اخذت أسير وألتفت لعلي أجد عشبة تحتها أدنى ظل ، فأضع شفتي تحت ظلها أستروح هواءها البارد ، فلم أجد ، وأحسست بحريق في كبدي ، وأخذت أزحف على يدي ورجلي ، والرمال تملأ فمي ، لكنني لم أيأس من روح الله ورحمته .
    وبينما أنا على هذه الحال إذ ألهمني الله كلمة ( ولنبلونكم ) ثم وقفت وأخذت أستجمع فكري فإذا هي آية من كتاب الله تذكرتها جيداً .
    ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة 155-157.
    فما إن تذكرتها بقلبي ومرت بخاطري واستوعبها عقلي إلا و أحسست أن فرج الله قريب ، وكأنني بين أهلي وولدي ، وأن رحمة الله قريب من المحسنين ، وواصلت زحفي فإذا بي أرى من بعيد نقطة خضراء ، فقلت : ويحي !! هل هي عشبة ؟ !! يجب أن اسرع إليها وأضع رأسي تحتها و اموت عندها .
    يقول : فلما اقتربت ونظرت ، أذهلتني المفاجأة ، وتعجبت من سرعة إجابة دعائي ، فإذا هي حبة ( بطيخ ) قد سقطت من السيارة وهم لا يعلمون .
    يقول : فأخذت أزحف و أترنح حتى ألقيت نفسي عليها ، وأخذْتُ أنفاسي ، ثم كسرتها ووضعت وجهي عليها كي أحس ببردها ، ولم أطق أكلها لشدة بردها ، وبدأت اصرخ من شدة الألم ، لكن نزلت بعض القطرات في فمي وأحسست بها كنزول الماء على الحديد المحمّى ، ثم أخذ لساني يلين قليلاً ، وتلين شفتاي ، وأعود أمرغ وجهي فيها ، ويذهب الألم شيئاً فشيئاً .
    يقول : وأخذت منها قضمة صغيرة أخذت تحفر لها طريقاً في فمي حتى استقرت في المعدة فبرد اللهيب ، فأخذت أغرف مما فيها وأشرب حتى ارتويت ، فقد رزقني الله الماء والغذاء ، والحمد لله رب العالمين .
    ثم أخذت ماتبقى من قشرها ووضعته على رأسي ثم وضعت الغطاء عليه ، ثم وقفت بعدما ارتويت وذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر ، ثم أخذت نصفها الباقي، وهو أغلى شيء عندي بالدنيا ، وتذكرت ساعتها حب الله : أن يكون حبي له أكثر من حب الماء البارد على الظمأ .
    وواصلت المسير بخطى ثابتة أحمل بكلتا يديّ نصفها ، والنصف الباقي على رأسي ، وقد مالت الشمس إلى الاصفرار وانكسرت واقترب الغروب ، وإذا بهم عائدون يبحثون عني بنفس الطريق ، فوقفت أنظر إليهم وأنتظرهم ، فلما وصلوا إليّ قالوا : أحيٌّ أنت ؟!!
    قلت : نعم !!
    قالوا : وكيف ؟!
    قلت : إن الحي الذي لا يموت قد رزقني هذه البطيخة يوم أن أوشكت أن أموت .
    فحملوني حتى وصلنا مكان التخييم ، واسترحنا تلك الليلة وتابعنا سيرنا بحمد الله ورحمته ، فيا لها من نعمة !!
    يا لها من نعمة لا تقدر بثمن يوم أن يحس العبد وهو في سرائه أو ضرائه أن ربه قريب منه مجيب لدعائه ، فهو وحده الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ، سبحانه وتعالى .
    انتهى .


    للجميع تحية عطرة من المواصل

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    1,067
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اخي العزيز المواصل

    لك كل الشكر والتقدير على طرح هذه القصة القيمة والمفيده , وبارك الله في جهودك

    والله يحفظكم ويرعاكم

    من مواضيع ابوسلمان :

    {اللهم أدخلني مدخل صدقٍ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا }

    ( اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك )

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وادي الدواسر
    المشاركات
    835
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    أبو سلمان ؛ سلمت على تواصلك بنا ، فلك مني الشكر الجزيل .

    المواصل

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    خدمة عملاء
    المشاركات
    3,195
    Thumbs Up/Down
    Received: 12/0
    Given: 0/0
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الله المستعان ...

    شكراُ لك حبيبي الغالي ( المواصل ) على هذه القصة المؤثرة ..

    تحياتي لكم
    إداري
    edaripost@hotmail.com

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وادي الدواسر
    المشاركات
    835
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    إداري : مرحباً بتواصلك ولفتتك اللطيفة ، فلك مني موفور الشكر والامتنان .
    أخوك المواصل

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2005
    المشاركات
    91
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    يالها من قصة فيه من العظة والعبرة الكثير
    بارك الله في جهودك اخي المواصل

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وادي الدواسر
    المشاركات
    835
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ym33
    يالها من قصة فيه من العظة والعبرة الكثير
    بارك الله في جهودك اخي المواصل
    أهلاً و سهلاً بك ، و الحمد لله على السلامة .
    بانتظار مشاركات مفيدة منك .


    أخوك : المواصل

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الله يصلح ما عطاء
    بواسطة مخترع صاروخ في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-09-2011, 09:29 PM
  2. عجائب قدرة الله في الظالم .. قصة عجيبة
    بواسطة يحي الحذيفي في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-08-2007, 04:43 PM
  3. قصة الأم التى أرضعت طفلها وهي ميته و قصة اخرى سبحان الله
    بواسطة يحي الحذيفي في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 01-11-2007, 02:04 PM
  4. قصة الرجل الذي لا يحاسبه الله
    بواسطة يحي الحذيفي في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 11-11-2006, 06:22 AM
  5. قصة الرسول صلى الله عليه وسلم
    بواسطة رحال في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-08-2006, 07:08 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
تعرف علينا
الساحة البريدية منتدى لمنسوبي البريد
للتعارف فيما بينهم ، وتبادل الآراء والأفكار
وطرح المشكلات وإيجاد الحلول لها
إن ما يطرح في الساحة البريدية هو تحت مسئولية العضو نفسه ،
والساحة البريدية تخلي مسئوليتها تماما من أي نشر أو طرح غير مسئول ،
ومع ذلك نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة والتحكم بكل ما يطرح حسب استطاعتنا ،
ونرحب بأي تواصل عبر البريد الالكتروني لإدارة الساحة
arapost@hotmail.com
تابعنا
للتواصل معنا
arapost@hotmail.com