بسم الله الرحمن الرحيم


اشتق عنوان المقال برخصة قيادة المركبة ، لأنني رأيت بأن هناك نوع من الشبه بين الإدارة والمركبة من ناحية السير والسلامة .

فكلا المشبه والمشبه به بحاجة إلى قائد جيد ليسير بهما على الطريق الصحيح وفق المعايير السليمة .

ولكن إدارة المرور هناك استطاعت الحد من قيادة المركبات لغير المؤهلين بها ، ففرضت الحصول على رخصة لقيادة المركبة ، وهذه الرخصة لا يمكن الحصول عليها إلا بعد اجتياز اختبار القيادة ، ولأن مجال القيادة هو مجال تخصصي فكانت جميع اختبارات القيادة خاصة بهذا المجال .

وكل شخص لم يستطيع الحصول على هذه الرخصة فهو غير ماهر بالقيادة وبالتالي يمنع من قيادة المركبات .

وإن قادها بدون رخصة أو حصل على الرخصة وهو غير مؤهل لها فسوف تكون هناك نتائج سيئة جدا على هذا السائق ومن يركبون معه وآخرون كثيرون .

وعطفا على ما سبق نستطيع القول بأن هناك شبه كبير بين الإدارة والمركبة من ناحية القيادة .. فلا بد أن يكون القائد لهذه الإدارة لائقا و مستحقاً لقيادتها وإدارتها وإلا فسوف لن تنجح هذه الإدارة ابدا .

والسؤال كيف نستطيع تحديد ما إذا كان هذا الشخص صالحاً لهذه الإدارة من عدمه ، وما هي المعايير والمواصفات المطلوب توافرها بهذا المدير كي يكون لائقا وقادرا على هذه الإدارة .

فمن الأخطاء الشائعة هي الاعتماد على المؤهلات الدراسية أو مؤهل الخبرة فكلا المؤهلين لا يكفيان للاعتماد عليهما لقيادة إدارة متخصصة .

فلو نريد الاعتماد على الخبرة ، فماذا يفيدنا صاحب 30 سنة خبرة في مجال تم تحديثه بالكامل ليكون تقنياً مثلاً وهو غير قابل للتطوير أو تطوير غيره ولا يستطيع حتى تحرير خطاب .

وماذا يفيدنا حامل الشهادة الجامعية إن كان تخصصه ( لغة عربية ) أو ( تربية فنية ) مثلاً في مجال تخصصه أعمال بريدية وتقنية ، وهو غير قابل للتطوير أو تطوير غيره .

ونحن نعلم بأن أغلب حاملي الشهادات الجامعية الآن لا يعلمون منها سوى اسمها فقط ولا نعلم كيف حصلوا عليها بهذه العقول العجيبة .

ويعاني من هذه المشكلة الكثير من الإدارات البريدية وغير البريدية ، ويعلم المسئولين جيداً أن هناك قصور واضح في إمكانيات المدراء الحاليين ولكنهم دائماً ما يبحثون عن البديل ويفشلون في ذلك . أو أنهم يغامرون ويجعلون من هذه الإدارات حقول للتجارب ، فيضعون هذا المدير للتجربة ويراقبونه من بعد ..! ولا شك بأن هذه الطرق غير محموده أبداً لأنها تتسبب في ضياع الوقت الذي يجب أن تستغل كل دقيقة منه في رقي وتطوير هذه الإدارة ويتسبب أيضاً في انحدار مستواها وحجمها بين عملائها ومنافسيها .

ودعون الآن نناقش هذا الموضوع بموضوعية بعيداً عن المجاملة . ( لماذا يفشل الرؤساء غالباً في اختيار مدراء الإدارات ) ويضطرون مرغمين على البقاء عليهم بحجة عدم وجود بديل .

( وكيف نجد البديل ؟ )

ومن هو المؤهل لاختيار البديل ؟؟ هل هو أنا أم أنت ؟

وإن كنت أنا فمن سوف أختار ؟ .. أخي أم ابن عمي .؟ أم زميلي المقرب لي ؟ أم من يظهر لي بهدنامه الجيد واسلوبه الجميل ذو الكلمة المسموعة والشعبية الكبيرة !!

وأنت من سوف تختار ؟

قريبك ؟ أم من ارتحت له نفسياً ؟ أم من هو حاصل على شهادة جامعية بتقدير مقبول أو جيد وتخصصه بعيد كل البعد عن العمل الفعلي ويسعى جاهداً ومستميتاً للقعود على كرسي الإدارة ؟ .

والحقيقة هي أنني لست أنا ولا أنت المعنيين أو المؤهلين لاختيار البديل !!


فالبديل يجب أن يتم اختياره ( آلياً )

نعم آلياً

يجب أن يختار وفق معايير آلية كأن تشكل لجنة علمية/إدارية متخصصة تقوم بصنع اختبارات متعددة بمجالات التخصص وتفرض على كل مرشح لشغل الوظيفة الإدارية أن يخضع لهذه الاختبارات ويجتازها .

وأنا متأكد أنه لن يرشح إلا من هو قادر على الخوض في هذه الاختبارات ولن ينجح إلى من هو مؤهل للقيام بهذا الدور القيادي ..

وسوف يتنحى المئات ممن هم غير مؤهلين ، وسوف يتعين المئات ممن هم مؤهلين ، وبهذه الغربلة سوف نقف عند خط الانطلاق للأمام بكل جدية وسوف نصل بإذن الله .

وسوف تكون هذه الشهادة كرخصة القيادة للمركبة والتي لا بد من الحصول عليها لقيادة المركبة والسير بها بدون أخطار .

فما الذي يمنعنا من القيام بهذا العمل الذي يختصر الكثير من الوقت والجهد ويضعنا في مصاف الإدارات المتقدمة إدارياً وميدانياً وفكرياً ؟؟!



هذا والله من وراء القصد



Ali - Lami