البطاقات الائتمانية: سؤال وجواب



صالح السلطان
اتسع سوق البطاقات الائتمانية خلال السنوات الأخيرة اتساعا. وفيما يلي مجموعة أسئلة شائعة مع أجوبتها. ولن يكون من بين هذه المجموعة ما يتصل بالجانب الشرعي.
كيف نشأت البطاقات الائتمانية؟

كانت البنوك الأمريكية قبل أكثر من نصف قرن تعطي بعض زبائنها بطاقة ورقية تشبه الشيك تسمح له بالاقتراض من البنك، ضمن حدود. تجادل ماكنمارا الأمريكي مع المسؤول عن الحساب عندما كان يتناول طعامه مع بعض أصحابه في أحد مطاعم نيويورك: بدلا من أن استلف من البنك أولا، ثم أسدد لكم، ثم ارجع مرة أخرى إلى البنك للسداد، لماذا لا تأخذون قيمة ما طلبناه من البنك اعتمادا على بطاقتي البنكية؟ وأسدد للبنك لاحقا. وتساؤله يستهدف اختصار الخطوات التي تشبه البيروقراطية الحكومية.

صدرت أول بطاقة ائتمان عام 1950، عندما أسس ماكنمارا مع بعض أصدقائه شركة وساطة بين البنك وبعض المطاعم ذلك العام، بعد عمل بعض الترتيبات القانونية والتسويقية مع هذه المطاعم وأحد البنوك. تعطي الشركة العميل بطاقة (حقيقة كانت ورقة تشبه الشيك) عليها ختم الشركة وتوقيع العميل.

قامت الفكرة في الأساس على أن يسدد العميل كل حسابه الشهري، ولاقت نجاحا فوق المتوقع.

كيف تحولت من بطاقة ائتمان إلى بطاقة ائتمان وإقراض؟

مع مرور السنين تحولت البطاقة من بطاقة ائتمان محضة إلى بطاقة ائتمان ودين، تعطي صاحبها الحق في أن يدفع جزءا من الرصيد، والباقي يمكن أن يسدد على دفعات شهرية، مع احتساب فوائد عالية، تزيد عن الفوائد التي تتقاضاها البنوك.

ارتفاع الفوائد والأرباح التي تدخل جيوب مصدري البطاقات أغرتهم لعمل شيئين: ترغيب الناس بالحصول على البطاقة، وثانيا إغراؤهم ألا يدفعوا إلا الحد الأدنى من المطلوب دفعه، أحيانا بإعطائهم تخفيضات في الفوائد المحتسبة، التي سرعان ما ينتهي أجلها على غفلة من العميل.

كيف توسعت؟

توسع سوق البطاقات الائتمانية تبعا لتوسع الأسواق المالية من بنوك وغير بنوك، والتوسع نتيجة قوة الطلب ومغريات العرض.

اشتد الطلب على البطاقات الائتمانية لأنها ساعدت على التمويل السريع الصغير حين نقص السيولة، ولأنها أيضا قللت الحاجة إلى حمل نقود ورقية، أو عمل حوالات، وتظهر فائدة هذا أكثر ما تظهر في السفر. ولع الناس في المظاهر كان سببا من أسباب التوسع في استخدام البطاقات الائتمانية. ويقدر سوق البطاقات في المملكة حاليا بنحو 400مليار ريال.

ما أضرار البطاقة الائتمانية؟

أكبر مشكلة تكمن في الإفراط في استعمالها. البطاقة تساهم في زيادة ولع الناس بالشراء، وتحميلهم ديونا عالية ومكلفة، وهذه بالمناسبة ظاهرة عالمية، خاصة في الدول ذات الدخل المرتفع كالدول الغربية ودول الخليج. كما تتسبب في اختلال الميزان التجاري لدول.

كما أن من المشكلات الرئيسية ظاهرة انتشار السرقات من خلال البطاقات، هل تستخدم بشكل جيد؟

من الصعب الإجابة على هذا السؤال في غياب (بالنسبة لي على الأقل) معلومات منهجية يعتمد عليها.

هناك عدة أنواع من البطاقات حسب قطاع المستعمل (بكسر الميم).

بطاقات لاستعمال المؤسسات التجارية

بطاقات لاستعمال الأفراد. والأصل أن نفترض أن بطاقات الأفراد تستخدم بصورة أساسية في تمويل الاستهلاك. والبطاقة أصلا أصدرت لهذه الغرض.

مع وجود نسبة (ربما صغيرة من الاستعمال) في تمويل استعمالات غير استهلاكية، وعادة إما في المساعدة في تمويل احتياجات استثمارية وقت الضائقة.

هل الفوائد/ الأرباح عالية؟

نعم.

أولا هي طبيعة للبطاقات الائتمانية على المستوى الدولي، تستغل حاجة الناس لتمويل قصير إلى متوسط المدى.

ثانيا: عدد البنوك في المملكة قليل نسبيا، بل أرى أن الخدمات البنكية في المملكة تعاني من حالة تشبه احتكار القلة. ولا أستبعد أن يكون بين البنوك أو بعضها تفاهمات لتنسيق بعض سياساتها بما يتيح لها الحصول على أرباح أعلى من حالة عدم وجود هذه التفاهمات (من الأمثلة المحتملة فرض رسوم سنوية على البطاقات بينما هي بدون رسوم أو برسوم أقل في دول أخرى). وطبعا، يساعد العدد المحدود للبنوك المحلية على إمكان قيام هذه التفاهمات.

تشدد مؤسسة النقد في السماح لقيام بنوك وطنية أخرى لا أراه في المحصلة مبررا. طبعا لدى المؤسسة مبررات في التشديد، ولكني أرى أن الموازنة بين المنافع والمضار تجعل مضار هذا التشدد تغطي على منافعه، وكان بإمكان المؤسسة الوصول إلى حل توازني، ولكن يبدو لي أن المؤسسة تعمل وفق قاعدة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح". العمل بهذه القاعدة الفقهية أصل، إلا أني أرى أنه لا ينبغي أن يعمل بها بصورة مطلقة، إذ ينبغي أن ندرس حجم المفاسد وحجم المصالح، ونوازن بينهما. وعموما هذا موضوع طويل مستقل.

ثالثا: معروف أن أصحاب المنشآت (أو من في حكمهم) التجارية يرغبون من العاملين في منشآتهم العمل على تحقيق أهداف المنشأة، الذي هو عادة تحقيق أعلى أرباح ممكنة. وهكذا يسعى الموظفون وخاصة القياديون في المنشآت إلى تحقيق الأهداف ولو أحيانا بأساليب تحمل شيئا من التضليل أو التلبيس على المستهلكين.

من واجب الحكومة (الجهات المعنية بحماية المستهلك) تتبع أساليب التضليل والتلبيس وتثقيف الناس بشأنها، مع وضع قوانين قوية لحماية المستهلكين ووضع المنشآت تحت طائلة الملاحقة عند خرق هذه القوانين.

@ بكالوريوس في الشريعة، دكتوراه في الاقتصاد
http://www.alriyadh.com/2008/05/21/article344282.html