اللاعب الشهير واغتيال القدوة





السياسة التي تتّبعها بعضُ فئات المجتمع حول السعي للتدخل في خصوصيات المشاهير، والبحثِ عن حالة الضعف الإنسانية لديهم، وعن (الزلّة) لتدمير ما وصلوا إليه -أعني المشاهير- من بروز إعلامي وجماهيري هي ما يسمّى بسياسة الإرجاف.

ولكنّ الواقعَ يفرض على المشهور أن يكون مهوى أفئدة المعجبين، ومرمى سهام المنافسين، وفي كلا الحالتين: محطُّ أنظار الأضواء والإعلاميين؛ لذلك لم يُهتك ستر من كانوا بصحبته عند احتمال الرذيلة وقتها!

الأدهى والأمرّ من ذلك أنّ هذا اللاعب الشهير هو ممن يُشهد له بالأخلاق الفاضلة، والحكمة الأسلوبية في الطرح الإعلامي، وقد ساهم في مشاريعَ خيريةٍ كثيرة، وسبق له أن استفتى العلماءَ فيما يخصُّ أمورَ دينه، فأعطى للرياضيين بُعدًا ثقافيًا واجتماعيًا طيّبًا فأصبح قدوةً مُثلى للشباب عامةً وللنشء خاصةً.

تتألم عندما ترى آلافَ الأطفال يرتدون قميص (اللاعب الشهير) ويتسابقون إلى تقليد منهجياته في اللعب.
هؤلاء الأطفال أصيبوا بصعقٍ من الدهشة والذهول! فهم بنوا صروحًا من الأمجاد تختال في ألقٍ تجاه هذا اللاعب، انهارت مابين عشيةٍ وضحاها.
تشعر بالإحباط عندما تسمع بعضَ المعلمين في المدارس يتوعد من يرتدي قميص اللاعب المنكوب!
فبدلا من أن يعلّم الناشئةَ على أنّ الإنسانَ مهددٌ بالأخطاء، وما من إنسان إلا ويذنب، وخيرهم التواب، يأتي ليرمي الصورةَ المشرقة في أذهان الأطفال بالخطأ غير المغتفر!

رسالتان:

-1-

إلى أخي اللاعب الشهير:

لست أول من يرتكب خطأً من هذا النوع، ففي عهد النبي-صلى الله عليه وسلم وهو خير العصور باتفاق- قد حدثت مثلُ حادثتك، بل إن هناك ممن هم قائمون على الدين وقعوا فيما وقعت فيه.
لكن الأهم من ذلك أن تمتلك الشجاعةَ وتخرج من صمتك لمن اتخذوك قدوة لهم من الأطفال والناشئة وتعترف لهم بالخطأ، وتتعهد لهم أن تعود قدوة ولَبِنةً صالحة في مجتمعك، فأنت ومن هم في مكانك ومكانتك مِن خير مَن يمثّل القدوة الطيبة. فإن لم تفعل فاعرف أنك اغتلت آلاف الأبرياء ممن توّجوك بتاج القدوة الصالحة، ووشّحوك بوشاح المثالية، وستحاكم في محكمة التاريخ ولو بعد حين!

-2-

إلى المجتمع:

ينبغي عليكم أن تساهموا في الأخذ بيد أخيكم المخطئ، فكلُّ ابنِ آدم خطّاءٌ، وخير الخطّائين التوابون.


عطــف بيـان:

عندما سرقت امرأةٌ من أشراف العرب أمرَ النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- بقطع يدها فاهتمت العرب لأجلها فجاء أسامةُ بن زيد –رضي الله عنه- ليشفع لها،
فقال النبي عليه الصلاة والسلام:
"أتشفع في حد من حدود الله ؟!"
قال ذلك إنكاراً عليه ، ثم قام فخطب الناس وقال :
"أيها الناس ؛ إنما أهلك من كان قبلكم ؛ أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،
وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ،
وايم الله لو أنّ فاطمةََ بنت محمد سرقت ؛ لقطعت يدها"


وهذه المرأة دون فاطمةَ شرفاً ونسباً ، ومع ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قال :
"لو أنّ فاطمةَ بنت محمد سرقت ؛ لقطعت يدها".


في وقع الحافر على الحافر:

يقول سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد:

أشعر بالندم على قراري بدخول الوسط الرياضي عندما أرى الأحقاد الشخصية بين الرياضيين

(رياضة قلة الأدب)!


أحمد بن سعد المطيري
عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية
http://www.alweeam.com/news/articles...how-id-976.htm