المؤسسة العامة للبريد

د. عبدالله بن يحي بخاري/جريدة عكاظ الثلاثاء20/10/1426هـ

ذكرنا الاسبوع الماضي أن المؤسسة العامة للبريد تمارس عملية لي ذراع المواطن عن طريق مضاعفة رسوم صندوق البريد العادي إلى ثلاثمائة ريال سنويا لترغمه على الاشتراك في نظام ((واصل))للبريدالذي تنوي تعميمه في مختلف مدن المملكة فيجدالمواطن نفسه مضطرا للاشتراك في النظام الجديد نظرا لتقارب الرسوم أي أنها مجرد عملية التفاف غير عادلة
وقلنا أيضا إنه كان يجب على مؤسسة البريد أساسا أن تقوم بتوصيل الرسائل والطرود المرسلة إلى المواطن (المستلم)دون أي أتعاب فهذا من واجبها ولكنها بدلا من ذلك وفرت على نفسها أجور ساعي البريد وقيمة سيارة البريد وصيانتها ووقودها وسمحت للمواطن أن (يستأجر)صندوق بريد صغيرا تضع فيه رسائله وطروده وفوق كل ذلك تطلب منه أيضا قيمة أجرة صندوق البريد الذي وفر للمؤسسة كل المصاريف المذكورة سابقا وكان من الإنصاف أن تمنحه صندوق البريد مجانا دون رسوم حيث إن المواطن قد وفر على المؤسسة مبالغ طائلة كان يجب عليها صرفها لتقديم هذه الخدمة المدفوعة الأجر مسبقا بمعنى أخر فإن المواطن صاحب صندوق البريد إنما يدفع من جيبه مبلغا ماليا قيمة اشتراكه كل عام لكي (يوفر)للمؤسسة مصاريف توصيل البريد إلى منزله مباشرة!!
والأن إمعانا في (حلب) المواطن تقوم المؤسسة الموقرة برفع قيمة الاشتراك لصناديق البريد وهو الاشتراك الذي كان في الواقع من واجب المؤسسة نفسها أن تسدده عن المواطن إذ أنه يوفر عليها مصاريف وتكلفة توصيل البريد إلى منزله كما يجب وتضع أمام المؤسسة الأسئلة التالية:مامعنى إذا طابع البريد الذي يضعه المرسل على رسالته .وأين تذهب قيمته؟
الحقيقة أن الرسالة المرسلة هي ملك لراسلها حتى تصل إلى يد المستلم.والراسل قدوضع عليها طابع بريد بقيمة محددة أي أنه سدد قيمة خدمة توصيل الرسالة مقدما فلماذا يطالب المستلم بتسديد رسوم أخرى إضافية؟أما التبريرالذي يذكر بأن في هذا تحسينا لخدمة البريدفهو تبرير ضعيف وحجة واهية إذ أن المواطن ليس هو المسؤول عن تكلفة تطوير أعمال البريد وإنما هو جهاز البريد نفسه كما أن المواطن الذي يستلم البريد المرسل إليه لايجب أن يدفع تكلفة توصيل البريد إلى عنوانه فقد دفع ثمن هذه الخدمة مسبقا من قبل المرسل نفسه في أي بلد كان وهذه أمور دوليه متفق عليها.
وماذا سيحدث لو رفض جميع المواطنين الذهاب إلى صناديق البريد وأصروا على أن تقوم المؤسسة حينئذ وتقوم بحرق تلك الرسائل التي تعتبر ملكا لراسليها والتخلص منها بإعدامها أو إلقائها في الزبالة ؟وماذا ستفعل حينئذ مؤسسة البريد لو وجهت بالعديد من الراسلين المحليين والدوليين وقد رفعوا القضايا ضدها لأنها لم توصل رسائلهم إلى المرسل إليهم بالرغم من تسديد قيمة الخدمة مسبقا (عن طريق طابع البريد)؟
ثم هناك سؤال بريء حائر في ذهني أتمنى على المؤسسة أن تجيب عنه بشفافية تامة:من هي تلك الشركة التي ستنفذ هذا لبرنامج المسمى واصل؟ وماذا ستفعل بمئات الملايين من الريالات التي ستفرغها من جيوب المواطنين في كل عام؟
تنص المادة العشرون صراحة في النظام الأساسي للحكم على أنه ((لاتفرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة وعلى أساس من العدل ولا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء منها إلا بموجب النظام))
والسؤال قبل الأخير الذي نوجهه للمؤسسة العامة للبريد :أين هو العدل في فرض هذه الرسوم التي تطالب بها المؤسسة وأين هو النظام الذي سوف تعتمد عليه لفرض هذه الرسوم؟
أما السؤال الأخير الذي نطرحه هنا فهو :لماذا لاتتدخل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لوقف هذه الرسوم وإحقاق الحق وإنصاف المواطن؟
ولكن ماذا يستطيع المواطن أن يفعل حيال هذا الأمر الغريب؟ربما يستطيع أن يفعل مثلي فمنزلي يقع في مدينة جدة وقد وضعت البلدية إسما للحي وإسما للشارع الذي فيه منزلي ورقما للمنزل أي أن هناك عنوانا واضحا لمنزلي في جدة فإذا أصرت المؤسسة على موقفها سوف أطلب من جميع من يراسلني من الداخل والخارج أن يستخدم عنواني كما وضعته البلدية بل سوف أرسل شخصيا لنفسي من مدينة الرياض عدة خطابات على عنواني في جدة وإن لم تصل تلك الرسائل بعد ذلك فسوف أتظلم لدى ديوان المظالم وأنا على ثقة بأن الديوان سوف ينصفني ويعيد إلي حقي أمام جور هذه المؤسسة .
مع أملي ألا تصل الأمور إلى هذا الحد أرجو من المؤسسة العامة للبريد أن تعيد النظر وتفكر مرتين