ربما لا يوجد فوق سطح الأرض المعمورة دولة لديها قدرة فائقة على كسب الأعداء والعداوات والمزيد من الأعداء والعداوات! مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تمارس هذه القدرة منذ ما يزيد عن نصف قرن بلا هوادة ويزداد ولَعُها بممارسة هوايتها لكسب المزيد من الأعداء كلما تقدمت بها السن!
ولو أردنا حصر غيض من فيض المواقف التي سعت واشنطن من خلالها لكسب المزيد من العداوات والأعداء فإن بالإمكان إجمال بعض تلك المواقف في النقاط التالية:
أولاً: سعتْ واشنطن منذ نصف قرن بكل ما تملك من قوة وجبروت ووسائل اتصال ومخابرات إلى ضرب معظم حركات التحرر في العالم الثالث، في الوقت الذي قادت بعض الانقلابات العسكرية الدموية والاغتيالات السياسية ضد بعض الحكومات الوطنية التي وصلت في دولة من دول العالم الثالث إلى الحرية والاستقلال للمجيء بعملاء لواشنطن بديلاً عن أسلافهم.
ثانياً: كما سعت واشنطن إلى دعم معظم الأنظمة الديكتاتورية في العالم الثاني والثالث والعاشر! ضد شعوب دولة تجيد كسب الأعداء فلو كانت تعي ذلك فإنها الحماقة الكبرى العالم مجهضة أي حركة وطنية للتخلص من نظام ديكتاتوري مقدمة للأنظمة القمعية والتسلطية ما تحتاجه من دعم لوجستي أو عسكري مباشر في بعض الأحيان، الأمر الذي ملأ قلوب بعض الشعوب حقداً على كل ما هو أمريكي إمبريالي!
ثالثاً: تبنت الكيان الصهيوني وحمته ودعمته في عدوانه ضد الأمة العربية والإسلامية وضد الفلسطينيين، ووقفت ضد القرارات الدولية المتكاثرة المتتابعة الصادرة بشأن قضية فلسطين، وأجهضت صدور أي قرار يندد بالكيان الصهيوني عن طريق استخدام حق النقض «الفيتو»، مما شجع الصهاينة على المزيد من القتل والدمار واغتصاب فلسطين كلها والتمسك بالقدس الشرقية والمقدسات وإعلانها القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل؟!
رابعاً: شجعت على قيام حرب بين العراق وإيران نتج عنها نحو خمسة ملايين بين قتيل وجريح من الطرفين، وخسائر مهولة في الممتلكات ودمار هائل، ثم شجعت العراق بطريقة غير مباشرة على احتلال الكويت، لتعاقبه بعد ذلك على حماقته الكبرى بالضرب وبالحصار القاتل الذي ذهب ضحيته من أطفال العراق الأبرياء نحو ثمانمائة ألف طفل لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية وعدم توفر العلاج والأدوية والأجهزة الطبية وظهور أمراض عصية مثل السرطان!
خامساً: زعمت أنها أتت إلى المنطقة من أجل نشر الديمقراطية بادئة بإزالة الحكم الفاشي في العراق، وانها فعلت ذلك بطريقة «البرطعة» والخيلاء وجاءت إلى منطقة محتقنة ضدها بسبب أفاعيلها التي ظلت تكسبها المزيد من الأعداء والعداوات فكان أن قوبلت بالعداء مع أنها كانت تتوقع أن تقابل بالورود والأناشيد الجميلة!، لأنه من السذاجة أن تفعل واشنطن كل أفاعيلها في المنطقة والعالم، مما تقدم ذكره في السطور السابقة، ثم تتوقع من الشعوب أن تنسى وأن تصدق أحاديثها عن الديمقراطية والرخاء حتى لو أنها تعني بعض ما تقول!!
إنها بالفعل دولة تجيد كسب الأعداء والعداوات، وهي إن كانت تفعل ذلك بوعي تام بما تفعله فإنها الحماقة الكبرى وإن لم تكن تعي.. فإنها السذاجة العظمى، وكيف لدولة فيها مثل هذه الصفات أن تقود العالم نحو السلام والأمن والرخاء؟!

منقول من جريده عكاظ

القلم العاقل