المتتبع للعروض المغرية، المدرجة تحت مسمى (تسوق وأربح الجائزة الكبرى) والتي أصبحت ظاهرة للكثير من المراكز التجارية في أسواقنا السعودية، والتسابق المحموم لهذه المراكز في دفع جوائزها القيمة أمام بواباتها الضخمة، المتمثلة في أغلب الأحوال في السيارات، ليتساءل عن مدى حقيقة ومصداقية هذه الجوائز؟، وعن الضوابط المنظمة لها إن وجدت؟ وهل أصبحت هذه المراكز الكبرى التي تعج ليل ونهارا بالمستهلكين في حالة من الضعف والكساد في مبيعاتها؟ أم أنها تطبق المثل القائل زيادة الخير خير، وهل دور الغرف التجارية والصناعية في المملكة بأقسامها الموسومة، بمسمى (حماية المستهلك) لا تملك الحق في تتبع مثل هذه الدعايات المبالغ فيها عبر جوائزها المشكوك في مصداقيتها في كثيرا من الأحوال؟
«الرياض» لامست جانباً من هذه الظاهرة، وتساءلت عن المشروع الغائب الحاضر لوزارة التجارة والاقتصاد، والمتمثل في (اللجنة الوطنية لرعاية شئون المستهلك) والتي لم تقدم منذ إنشائها ما يشفع لها بأحقية هذا المسمى، وكثيرة هي أنظمة الوزارة التي لم تُفعل على أرض الواقع لحماية المستهلك، ومنها على سبيل المثال لا الحصر صدور القرار الوزاري رقم 2059 وتاريخ 19/12/1421هـ القاضي بتعديل مسمى الإدارة العامة للجودة النوعية والرقابة إلى مسمى (الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري) حيث أنيطت بهذه الإدارة كافة أعمال الرقابة على الأسواق وتنفيذ الأنظمة ذات الصلة بمكافحة الغش التجاري، وذلك من خلال فريق متكامل من أعضاء هيئات ضبط الغش التجاري بالإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري وفروعها المنتشرة في عشرين مدينة ومحافظة بالمملكة العربية السعودية، حيث تقوم تلك الهيئات بجولات رقابية مستمرة على الأسواق والمنشآت التجارية ومصانع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الأخرى، والعمل الجاد على تطبيق ما تقضي به تلك الأنظمة.. ومن هذه الأنظمة الكثيرة للإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري الفقرة الواضحة والصريحة التي تنص على ضرورة متابعة المحلات التجارية المعلنة عن المسابقات التجارية والتحقق من حصولها على الترخيص اللازم، دون الدخول في تفاصيل متى وكيف يمنح هذا الترخيص؟ ولمن يعطى، وعلى أي أساس يتم تنظيم وتعقب هذه الجوائز من قبل الإدارة؟، وهل تحدد بزمن معين يتم فيه السحب على الجائزة أم أن المجال مفتوح على مصراعيه لهذه المراكز حتى تصاب بالتخمة؟!

والجواب عن كل هذه التساؤلات بيد الوزارة وهيئاتها التي تعددت في المسميات والمهام، ولم تبرح تراوح مكانها داخل أروقة المباني الفخمة لفروع الوزارة المنتشرة في طول وعرض البلاد، وبقي المستهلك المتعطش لخوض غمار هذه المسابقات تائها وحائرا وهو يقفز من مكان إلى آخر بحثا عن الجائزة الكبرى التي قد تبدوا صعبة المنال في الاستحواذ عليها في ظل انعدام الرقابة الحقيقية لمثل هذه الجوائز التي قد تندرج تحت لعبة (يانصيب). فهل حان الزمان والمكان لتفعيل دور هذه الإدارة والعمل فعلا بمسماها والبحث عن آلية مناسبة لمثل هذه الجوائز التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على باقي المراكز والمحلات التجارية الصغيرة، التي لا تستطيع مجاراتها في جوائزها الكبرى، وبالتالي ضعف مردودها الاقتصادي، في عملية البيع والشراء، وظهور أقطاب أحادية الاتجاه تفرض مع مرور الوقت أسعارها المبالغ فيها على السلع التي يتطلبها المواطن والمقيم يوميا، فضلا عن استمرار الخطط التسويقية التي تهدف أولا وأخيرا إلى أكبر قدر ممكن من نسب البيع وبأي وسيلة والسير قُدما نحو خداع المستهلك بتلك الجوائز المغرية التي لا تتفق في أغلبها حتى مع مقاصد الدين الإسلامي، الذي أوضح وبكل جلاء قواعد وشروط البيع بما يحفظ للجميع الحقوق والواجبات، ويعزز جانب بناء الاقتصاد لأي أمة تدين بهذا الدين العظيم.

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

المصدر : جريدة الرياض ليوم السبت 24 محرم 1426هـ - 5 مارس 2005م - العدد 13403