بناء الشخصية المشاركة



يوسف القبلان
تردد مفهوم المشاركة كثيراً في أوراق ومناقشات الملتقى السنوي الرابع للجمعية السعودية للإدارة المنعقدة في الخبر في 21 صفر 1427ه بعنوان «القيادة والتفكير الاستراتيجي الطريق الى المستقبل» معالي الدكتورة معصومة المبارك تحدثت عن تجربة الكويت في اعداد الخطة، ومشاركة مؤسسات المجتمع في صياغتها. وتحدث آخرون عن أهمية المشاركة والاستفادة من الطاقات البشرية داخل المؤسسات في اتخاذ القرارات، وان لا يكون الاعتماد على المستشار الخارجي فقط.
ومن الملاحظ وجود ما يشبه الاجماع على اهمية المشاركة لكونها تساهم في توفير الالتزام، والشعور بالانتماء، وتقلل من الرغبة في مقاومة التغيير.

المشاركة تفسح المجال للجميع في صنع المستقبل ويقال عادة عن المدير الناجح انه المدير القادر على استثمار القدرات البشرية للوصول بنجاح الى الاهداف المشتركة. واذا كان هناك من يستطيع تحقيق ذلك بأسلوب الاملاء، وبالمركزية المطلقة بحيث يحول العاملين الى تابعين منفذين فهذه حال قد تنجح لبعض الوقت ولكنها على المدى البعيد سينتج عنها الكثير من الاضرار.

قضية المشاركة لا تقتصر على اسلوب المدير في ادارة عمله داخل المؤسسة لكنها أشمل من ذلك بكثير، فالخطة الوطنية مثلاً هي قضية تهم المجتمع بكافة عناصره، والمشاركة في اعدادها هي التزام اجتماعي واخلاقي وعلمي من قبل المشاركين، وفي ذلك ايضاً اثراء للخطة، وتوفير عنصر الحماس لتنفيذها دون مقاومة.

المشاركة تحول الافراد الى اناس فاعلين مهمين مؤثرين، مشاركين في التخطيط والتنفيذ، وتحول المؤسسات الى شريك يركب نفس المركب ويتجه في الاتجاه العام في تناغم وطني.

لا اتصور اننا في العصر الحاضر نصفق للمدير الذي يتوقع من العاملين معه تنفيذ تعليماته وتلقي اوامره وتوجيهاته دون مناقشة ولا اظن ان في ميدان الإدارة الآن من يرغب في سماع الاخبار السارة فقط، ويطلب من العاملين معه ان يوافقوه على طروحاته وآرائه وقراراته.

لا يستطيع المدير في العصر الحاضر ان ينجح ويستمر اذا اعتقد ان الحكمة لا تتوفر الا لديه وان مسؤوليته تحتم عليه ان يكون مركزياً، وان يطلب ويقرر ويسمع من الجميع كلمة (نعم او موافق) لا مكان لكي يفكر المدير بهذه الطريقة اذن من اهم عناصر النجاح في العصر الحاضر القدرة على بث روح الفريق، وتنمية ثقافة المشاركة نظرياً وتطبيقياً، واشاعة العلاقات الإنسانية الايجابية بين الجميع ولعل من اهم مكونات هذه العلاقة ان يكون للفرد دور حيوي يتيح له المشاركة الفاعلة المؤثرة وليس دور منتظر التعليمات الفوقية.

ان تنمية ثقافة المشاركة في بيئة العمل هي امتداد لتنميتها في البيت والمدرسة فنحن في كل المواقع والمراحل بحاجة الى المشاركة في الاحداث وليس التفرج عليها وانتظار التعليمات التي توجهنا لكيفية التصرف. ان الأمر يتعلق ببناء الشخصية القادرة على التفكير المستقل، والقادر في نفس الوقت على المشاركة الايجابية عقلياً ووجدانياً في بيته ومدرسته وعمله، وعلى نطاق المجتمع بشكل عام.
............ منقول للفائده ..........