ينسى الفرد نفسه عندما يذوب في مجتمعه الإداري ..
ويتصرف من منطلق طبيعته التي جاء بها أو التطبع الذي تعايش معه بموجب تعامله مع زملائه ورؤسائه وخاصة الرئيس الأخير الذي يتأثر به ما لم يكن هذا المسؤول من الذين تمتلكهم الأمراض النفسية أو إزدواج الشخصية .

وينطلق المسؤول في أعبائه وينسى اليوم الأخير عندما تزف ساعة الوداع راضيا أو كارها .. فالإنسان لا يبقى في مكان واحد مهما طال الزمن .. أماإذا كان من المتمكنين في البقاء فهذا سيكون الموت حليفه بعد عمر قصير أو طويل ولكن التاريخ سوف يطوي صفحته بعد أن صبغها بالسواد الكبير لأن الفشل حليف من يستمر في موقع واحد لعدد من السنين .. فالمقدرة والتجديد والعطاء والتحديث لايتفق مع طول المسافة الزمنية .. فالمسؤول مهما تثقف بالعلوم الحديثة فإن العمر الزمني ينقص من الفهم والعطاء .. كما أن التشبع الوظيفي قاتل تطويرالإنسان نفسه وهذا يقتل العطاء لمن حوله من العاملين وما يحتاجه لعمل ليل نهار.

هكذا يأتي المسؤول لمكانه ويبقى به ماشاء الله .. ويغادر في صفحات يتركها خلفه بأعداد كبيرة لا يحصيها لطول المدة أو كثرة العطاء أو ما تصرف به من إستقامة أو الميل مع هوى النفس بما يحب ويرضى .. ويترك خلفه مخلفات أو خبرات مع مجموعة من الموظفين الذين تزامنوا بحضوره أو الذين جاؤوا بعده ولكن لا بد من بقاء البعض بعد رحيله .. وتلك تركة غنية أو فقيرة تركها للمتبقين ومن ياتي بعده للعمل بها بعد الرحيل .

لقد حان الرحيل واليوم وغدا وبعد غد تبدأ النفس في المحاسبة الذاتية .. ويتذكر الفرد أول يوم باللقاء .. وهكذا تتكالب عليه الأيام وتضيق مساحة التفكير من كثرة المواد ومزاحمة المعاني وشريط الذكريات لما قام به في محاسبة النفس لتلك الفترة لزمنية .

ويهنأ البال لصاحب الإستقامة دون أن يعبأ لمن كان يخالفه لأنه يدرك أن هؤلاء أنفسهم سوف يتمنون يوما من أيام العطاء في تلك الإستقامة .. أما إذا كان من الذين أخذتهم أهوائهم فتلك لحظات الندم التي لا تفارقه .. ويتعايش معها حتى الموت دون أن يدرك الآخرين تدهور حالته بين المجتمع وما يخبيء داخل النفس .. أما إذا إنتقاله لموقع آخر فإن الندم يزول سريعا ليبدأ بالأعمال نفسها من جديد .. وهنا نعرف أن الرقابة باتت في كفنها ولا تحتاج لمن يؤدي الصلاة عليها .. ولكن اليوم الأخير في المغادرة يعود الألم من جديد ويستمر حتى نلتقي بالصراط المستقيم .

منقول للفائدة