هل للنظرة جما ل و دلاله ؟..

حينما تتكلم مع شخص فإن الموقف يتطلب منك أن تنظر إليه. ويحتار بعض الناس حينما يستوقفه شخص ويبدأ يتكلم معه كلامًا طويلا له صفة الجديّة؛ فلايدري أين يذهب بنظراته؟ البعض يجعل نظراته موزّعة بين الشخص وبين ما حوله من أشياء، والبعض يركزها على المتحدث أو يصوبهما نحو عينيه وبخاصة إذا كان ممن يفضلون مشاهدة وجه المتكلم بأكمله. وهناك صنف آخر قد يُطرق نظره ويجعل عينيه تمسكان أرض الله التي تقبع تحته.
والحقيقة أن ثقافتنا الشعبية تجعل إطراق النظر دلالة على احترام المتكلم وتقديره حتى لو كان السبب وراء ذلك هو الخجل أو الخوف أو التهرب من المواجهة. وكثيرًا مايُساء فهم الشخص الذي يطرق نظره حينما يتكلم معه شخص من ثقافة أخرى؛ وبخاصة في الثقافة الغربية التي ترى أن إطراق النظر يدل على عدم الاكتراث بالمتكلم أو عدم الارتياح لكلامه.

ولكن تبادل نظرات الأعين فيما بيننا عندما نتكلم مع بعضنا يأخذ أشكالا تبدو طريفة في بعض الحالات. ومن تلك الحالات تركيز النظر على العين التي سرعان ما تروغ نحو جهة أخرى ثم تعود للمتابعة. أما الاستمرار في تركيز النظر بين عيني المتكلمين حينما ينقطع الحديث فهو أمر يبدو غريبًا ويجلب الحرج للشخص وبخاصة إذا كان موضوع الحديث لا يستدعي تيبّس بؤبؤ العينين. ولكن هناك من يمارس هذه الطريقة من "البحلقة المركزة" ليشعر الشخص الآخر باستغرابه أو بامتعاضه من الموضوع؛ أو ربما تمارس ذلك بعض الزوجات للبحث عن علامة يمكن أن تكشف كذب أزواجهن عليهن.

ويلاحظ أن المرأة تهتم أكثر بلغة العيون بسبب تصديق بعض النساء أنهن قادرات على اكتشاف الأسرار من خلال حركة العينين أو من خلال مراقبة قفزات البؤبؤ داخل الجفن. وعندهن أن الرجل الكاذب تبدأ عيناه تزوغان (بالزاي) بعد الروغان (بالراء) ولا يستطيع حينذاك أن يسيطر عليهما. والحقيقة أن المرأة وهي تراقب عيني زوجها ربما تكون نسيت أنها هي التي أدخلت الرعب في قلبه حينما بحلقت في عينيه بصورة مفاجئة أفقدته السيطرة على زمام الأمور وخاصة إذا كان ينتظر منها عقابا عوّدته عليه. أو ربما أذهله جمال عيني زوجته حينما تأملهما في تلك اللحظة؛ ورغم استبعاد هذا الاحتمال بسبب انتفاء أو وجود الموقف الرومانسي الذي حصلت فيه عملية مراقبة العيون، لكن يظل ذلك الاحتمال واردًا بشكل نظري على الأقل. وفي كلتا الحالين يلاحظ أن لغة عيون هذا النوع من الرجال ليست أكثر دلالة من عيني قطّ محاصر في زاوية صغيرة.

منقول من صحافة اليوم بتصرف