من أغرب المظاهر الخطيرة الشائعة التي نعانيها في مؤسسة البريد هي شيخوخة الإدارة لدينا ! حيث أصبحت السمة الغالبة لرجال الإدارة العليا والمسئولين أن يكونوا من كبار السن والمعمرين في مناصبهم الإدارية منذ سنوات يصل بعضها لعشرات السنين حتى أصبحت مع الأسف ثقافة سائدة أن لا يصلح للقيادة إلا كبار السن وأصحاب الشعر الأبيض والخبرة الطويلة !!.

لا شك أن القيادات الإدارية القديمة تتمتع برصيد وافر من الخبرات التراكمية السابقة، ولكن السؤال المهم جدا:
هل نحتاج لهذه الخبرات في واقعنا الحالي ؟ أم أنها بطبيعية الحال أصبحت في جزء كبير منها متقادمة ولم نعد في حاجة إليها في ظل تغير وتطور آليات العصر ولا مانع من الاحتفاظ بها كما فعلت الإدارة اليابانية كاستشاريين يرجع إليهم في بعض الشئون التي تناسب خبرات كل منهم وليفسحوا الطريق لرجال المرحلة الحالية من الشباب صاحب العقل والفكر والرؤى الجديدة و القوة والحيوية والحرارة والاستعداد للبذل والعطاء خاصة إذا كان مؤهلا علميا ومهاريا لأداء دوره وواجبه، ولا شك أن لهذه الظاهرة السنية آثارا بالغة السوء على المؤسسة أهمها :

- الطموح لدى هذه القيادات , فطموحهم توقف على المحافظة على الأوضاع الحالية كما هي وبقائهم في هذه المناصب حتى حضور ملك الموت , وطبعا يعني ضعف إنتاج المؤسسة وتخلفها وربما خروجها من السوق نهائيا بفعل المنافسة الشرسة في السوق.
- استخدام هذه القيادات لأساليب نمطية وتقليدية في الإدارة والإنتاج
- تعاملهم مع حركة الحياة المتجددة بنظرية ثابتة قديمة تحرم المؤسسة من كثير من فرص النجاح.
- محاربة الأفكار الجديدة والكفاءات الشابة الجديدة حفظا لمكانتها وبقائها واستمرارها لآخر لحظة.
- التضحية بكثير من الكفاءات الجديدة لحرمانها من ممارسة دورها في أخصب فترات حياتها وبالتالي حرمانها من أخذ حقها في العمل والنضج.
- ضيق أفق هذه القيادات والإدارات بالمقارنة بالقيادات والإدارات الحديثة المتفتحة.
- عبء الحيثية التاريخية لهذه الإدارات والقيادات وآثاره السلبية على كبت وتحييد آراء الآخرين.
- ارتباط الأفراد الإمعات ذوي الثقافة والقدرات المحدودة داخل المؤسسة بهذه القيادات والدوران في فلكها مما يشكل جبهة ومركز قوة كبير يصعب معها تطوير العمل.
- ضعف القدرات البدنية والذهنية لهؤلاء الأفراد مما يقلل من حجم نشاطهم وحركتهم في مقابل القيادات الشابة المتحمسة.
- تأثر المؤسسة بالرؤى والقناعات الخاصة لهذه القيادات والتي ربما قد تشكلت في ظروف وبيئات مختلفة عن بيئة وظروف الواقع الحالي مما يحدث فجوة كبيرة وتخلفا كبيرا في إدارة العمل.
- افتقار هذه القيادات لمعارف ومهارات الإدارة الحديثة وآليات العصر الجديد والتكنولوجيا الحديثة نظرا لطبيعة دراستهم وثقافاتهم وتأهيلهم في العهود السابقة.

واللافت للانتباه أن ترى في أوربا وأمريكا واليابان مديرين ورؤساء لشركات كبيره دون الأربعين من العمر ولا نرى في مؤسستنا مع الأسف إلا قادة ومديرين بعد الستين في حين أن الغرب يعاني خللا في تركيبته السكانية لقلة عدد الشباب وتناقصه بشكل مستمر ونهائي، ونحن نعاني من بطالة مقنعة !!