بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله ..

عندما كانت القراءه ظاهرة غريبة على مجتمع القريه كان المبتلى بهذه العادة يجد صعوبة في اقناع محيطه الصغير بالتنازل له عن هذا الحق.. حق استثمار وقته في القراءه.. والانعزال في ركن هادئ من المنزل أو الحقل لملازمة الكتاب الذي يقول فيه شوقي انه يغني عن مصاحبة الاصدقاء... ولكن هؤلاء الاصدقاء واحيانا افراد الاسره لاينظرون الى المصاب بهذه العادة بعين الرضا, ففي مجتمع القرية المغلق يتحتم على الجميع الاشتراك في نشاط يومي واحد وممارسة التسلية اليوميه مجتمعين والانعزال ممنوع حتى لو كان بسبب ملازمة الكتاب عملا بنصيحة شوقي, بل انه خروج عن العرف الاجتماعي وعادات القريه... وغالبا مايتهم الخارج على هذه العادات خاصة اذا كان سبب ذلك الاعتكاف على القراءة بالجنون او الوسواس في احسن الاحوال.

... حدثني صديقي وقد مر بهذه التجربة... تجربة القراءه في مجتمعه القروي- بأن الناس كانوا ينظرون اليه كما لو كان نغمة نشاز في مجتمعهم المتماسك الصغير وكانوا يعاملونه بجفاء وقد سمع اكثر من مره همس الكثيرين منهم بأنه مصاب بمرض( الوسواس) وقد انعكس هذا على علاقته بأفراد اسرته بحيث لم يعد أحد داخل البيت يشاركه الحديث او يأبه بوجوده سوى والدته التي راحت تغدق عليه من حنانها ورعايتها الشيئ الكثير باعتباره يمر بحالة مرضيه...

ويختم صديقي حديثه حول تجربته تلك بهذه النادره : في احدى الليالي اراد احد اخوتي محادثتي في امر ما ولكن والدتي اعترضت على أخي محاولة ثنيه وعدم ازعاجي خاصة في مثل الوقت المتأخر من الليل وقد سمعتها تقول له لاتكثروا عليه الكلام فهو لايحتمل أكثر مما هو فيه...