مقال لـ فهد الأحمدي
.
.
العمل ببيجاما النوم
لست وحدك من يكره الذهاب للعمل.. ولست وحدك من يعاني من الظلم والإحباط والترصد الشخصي.. وبالتأكيد لست وحدك من لا يرتاح لموقع العمل ذاته والمجموعة التي تعمل فيه!!
ورغم أن هذا جزء من طبيعة العمل (ونتيجة متوقعة لأي عقد إيجارة) إلا أن الأمور نسبية وتتفاوت بين مهنة وأخرى..
وقبل فترة بسيطة قامت مجلة فورتشن (المهتمة بشؤون الأعمال والاقتصاد) بعمل قائمة لأفضل 100شركة يرضى عنها موظفوها - ويتمنى الناس العمل فيها - .. وقد أتت في المركزالأول شركة "جوجل" المعروفة في عالم الانترنت وفي المركز الثاني "جينينتك" للمنتجات الحيوية وفي الثالث "ويجمانز" لمبيعات الأغذية!
وجميع الشركات - في هذه القائمة - اعتمدت على فكرة إرضا الموظفين وإكرام المبدعين لكسب ولائهم وإخلاصهم.. فشعور العاملين بالتقدير والعدالة والراحة ينتهي طبيعيا بالولاء والإخلاص والحرص على نجاح المؤسسة وازدهارها في النهاية..
وفي الدراسة التي قامت بها مجلة فوتشن (www.fortune.com) حصلت شركة جوجل على المركز الأول بفضل ثقافة العمل الفريدة داخلها - التي يمكن تشبيهها بجو السكن الجامعي - . فمستويات الراحة النفسية فيها بلغت حد أن موظفيها لا يصنفون فقط كأكثر العاملين اخلاصا وإبداعا ؛ بل وأكثرهم انتظاما وبقاء في العمل بعد انتهاء الدوام المفترض..!!
ففي موقع الشركة في مونتن فيو (بكاليفورنيا) تتوفر للموظفين جميع الاحتياجات التي يمكن - ولا يمكن - تصورها . فهناك مثلا 11مطعماً تقدم الطلبات مجانا - آخذة بعين الاعتبار الموظفين النباتيين والذين يتبعون حمية خاصة - .. كما تنتشر فيها حمامات السباحة وصالات الرياضة والألعاب الإلكترونية - بالاضافة إلى مجانية خدمات الغسيل والكوي والحلاقة والتجميل والمساج والعلاج الطبيعي - .. أضف لهذا لا تقيد الشركة موظفيها بزي رسمي بل تترك لهم حرية ارتداء ما يريدون (لدرجة أن كثيرا منهم يعمل ببيجاما النوم - وهذا غير مستغرب من موظفين يفضلون النوم في غرفهم الخاصة بالشركة)!!
... وعند هذا الحد من الطبيعي أن يفكر "سيادتكم" بتسيب الموظفين واهتمامهم بالنوم والمرح على حساب العمل ؛ غير أن جوجل تحاسب موظفيها على معدل الانتاج والابداع وليس ساعات العمل أو مواعيد الحضور والانصراف.. ولأنها شركة عالمية (يدخل موقعها 54% من مستخدمي الانترنت حول العالم) تضم فصولا مجانية لتعلم اللغات الأجنبية كالألمانية واليابانية والإسبانية والفرنسية والروسية ...
وما يجعل الموظفين متفانين (أكثر) اهتمام الشركة بأسرهم وأطفالهم - وحتى حيواناتهم الأليفة - . ففي جوجل تتوفر عيادات مجانية لعائلات الموظفين وصالات لألعاب الأطفال وحاضنات خاصة للرضع . وهي لا تقدم الطعام المجاني لموظفيها فقط بل وترسله إلى منازلهم وأطفالهم في المدارس.. وكبادرة لطيفة تعطي كل موظف رزق بمولود جديد خمسمئة دولار كهدية - كما تقدم مساعدة مجزية لشراء أي سيارة تعمل ب"الطاقة البديلة"!
.. أيضا ؛ تتميز جوجل بتكريم المتميزين والمبدعين - ومنح العلاوات والمكافآت اعتمادا على براعة الفكرة المبتكرة وإمكانية تطبيقها.. فقبل ثلاث سنوات تقريبا قامت موظفة شابة بتطوير برنامج يتيح لمتصفح جوجل البحث في كمبيوتره الشخصي فتم منحها مليون دولار كمكافأة - في حين ارتفعت أسهمها الممنوحة إلى مليوني دولار حاليا ...!!
- واليوم انظر (غفر الله لموظفينا وموظفيك) إلى الثمرة التي حصلت عليها شركة جوجل من هذه المعاملة الحسنة !
.. فخلال سنوات قليلة فقط (وتحديدا منذ تأسيسها عام 1998) قفزت قيمتها السوقية من مليون دولار إلى 150مليار دولار ودخلت ضمن قائمة أكبر 500شركة في العالم.. وجزء كبير من هذا النجاح يعود إلى قدرتها على تحويل اخلاص وحب موظفيها (ناهيك عن قدرتهم على الابداع والتطوير) إلى أرباح مجزية وانتشار عالمي مذهل.. وفي المقابل، من الطبيعي أن ينتهي التسلط وهضم حقوق الموظف - وعدم راحته في العمل - إلى ردود فعل سلبية مكبوتة تظهر بشكل إهمال وتسيب وعدم اكتراث بنجاح المؤسسة ذاتها !
وبالمناسبة لن أتباكى على ما يحدث في مواقع العمل لدينا ؛ لأن ما يحدث في جوجل أمر يثير حيرة العالم أجمع
\
/
تعليقي ع المقال
صوره مع التحيه لسياسات العمل
صوره مع التحيه للمدراء
صوره مع التحيه لمدراء " الحضور والإنصراف "
صوره مع التحيه لدوائرنا الحكوميه
صوره مع " الشفقه " للموظفين ...