أحياناً...

عبدالعزيز السويد الحياة

كانت أوضاع العمالة في سوق البطحاء وسط الرياض من الأسباب التي دفعت بالإسراع إلى خيار الحملات الأمنية المنظمة، إذ أسهمت جهات عدة في ملاحقة المخالفين من العمالة غير النظامية، وأبلت بلاء حسناً. تم اكتشاف الكثير من الجرائم والمخالفات بصورة صدمت المجتمع، ولعل حريق البطحاء الكبير يكون سبباً في إعادة تقويم تلك الحملات الأمنية، ومدى نجاحها في التقليل من أخطار بؤر تلك العمالة وممارساتها، ونتائج هذا التقويم ستفضي إلى أسئلة، منها سؤال يطرح نفسه عن نسبة النجاح في تحقيق الأهداف من تلك الحملات، وهل يجب استمرارها على الوتيرة نفسها أو من المهم إعادة تنظيمها في شكل أفضل؟

في هذه المرحلة وبعد سنوات من الحملات لا بد من أن تكون لدى الجهات المعنية بها معلومات كثيرة ومهمة عن أسباب تشكّل تلك المجتمعات المغلقة من العمالة المخالفة، وكيفية تمكنها من أن «تعشش» وتتملك وتسيطر بدرجة جعلتها توجد أحياء خاصة بها لا يستطيع غير أفرادها الدخول إليها، على الأقل من المدنيين، ومن المدهش ما ذكرت صحيفة «الرياض» عن أن البريد السعودي يستخدم اسم «كيرلا» اسماً لشارع في البطحاء، لأن العمالة أطلقت عليه ذلك الاسم!

العمالة تصل إلى البلاد من طرق ثلاثة، الاستقدام ثم التسلل والتخلف من الحج والعمرة. وبدرس المعلومات المتوافرة عن المقبوض عليهم وهم بالآلاف خلال الفترات الماضية، يمكن إعداد خطة جديدة متطورة تسارع لاستباق الأخطار المستقبلية، بحيث يعاد النظر في الإجراءات كافة التي تنظّم وجود العمالة.

تنوع الجرائم وتمدد المساحات التي يعمل فيها المجرمون أصبح من الخطورة بمكان، ما يحتم إعادة تقويم جهود المكافحة، وصلت السرقات للمشيعين في المقابر، وللمصلين على أبواب المساجد، حتى ان شرطة مكة المكرمة قبضت على أفغاني يترأس عصابة للسرقة مكونة من أبنائه الأحد عشر! يظهر أنها شركة عائلية للسرقات، ووجد في منزله مبلغ مئة ألف ريال، إضافة إلى مقتنيات كثيرة مسروقة. ولعلك تتساءل معي كيف وصل هذا الأفغاني مع أبنائه الأحد عشر، واستمر في سرقة المعتمرين والزائرين لمكة المكرمة؟

****

ونحن على أبواب عيد الفطر المبارك والصائمون يسعون الآن لتجهيز إخراج زكاة الفطر، أتوقف عند التوجّه الجميل والذي يسعى إلى تغيير عادة إخراج زكاة الفطر رزاً، ومهما كان الخيار الآخر، نقداً «الذي أفتى بعض المشايخ بجوازه ومنهم الدكتور سلمان العودة»، أو تمراً وقمحاً، فهو أكثر فائدة للفقراء، بل ان «الكبسة» التي تتشكل أساساً من الرز تحتاج إلى إضافات ضرورية أخرى ارتفعت أسعارها، في حين أن التمر منتج محلي غني بالمقومات الصحية، لا يحتاج إلى مكونات إضافية لتناوله، وهو أيضاً يفيد المزارع وعمتنا النخلة المباركة. وعلى تجار التمور ألا يستغلوا هذا التوجّه برفع الأسعار، فهذا ما سيزيد من تجارتهم في الأعوام المقبلة، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يشملنا بواسع رحمته.