مشغل الثوب الإداري
ضحك متألماً عندما شاهد اللوحة (مشغل الثوب الإداري ) .. وتذكر عندما قالوا إذا رغبت أن تصل إلى ما نحن فيه فعليك إيجاد المشغل الذي يتمكن من إعادة تفصيل ثوبك الذي ترتديه , ليكون مناسباً للأوضاع الحالية التي نعيشها ، وتأمل القول وهو صاحب الخبرة في التنظيم الإداري وما يترتب عليه ، لذا أندهش لهذا الطلب وكيف لهذه الخامات من القماش لها التأثير في اتخاذ القرار ودخولها على الإدارة ومجرياتها .. وزادت دهشته عندما نظر إلى الثياب التي يلبسها الآخرون ولاحظ إنها ضيقة على الجسم .. وأحس بالاختناق متسائلاً عما إذا كان هذا الثوب لا يقيد حركة لابسه . فضحك كثير صاحب الثوب الإداري وقال هكذا نعيش يومنا الإداري بالضيق ( والريق الناشفة ) حتى إذا ما تركنا موقعنا عُدنا إلى الثياب الواسعة الفضفاضة والتي تريحنا من أعباء العمل اليومي الضيق .. وعاد بسؤال الإدارة الذي فرض نفسه وقد تدخلت الحالة النفسية ضمن الثوب والإدارة . وقال متسائلاً هل تعلم أن اللبس الضيق يؤثر على نفسيه لابسه . كما يجعله غير قادراً على رحابه الصدر وسعة النفس فيتخذ القرار بعيداً عن الواقع حيث يتقوقع على مساحة مكتبه الصغير، ويتخيل الأمور بعيداً عن التصور مما يجعل القرارات الخاطئة تتصدر أعماله ، وقد لا يرغب ولكنها ترضى الآخرين ، وجاء الرد سريعاً.. نعم تلك مقتضيات الثوب الإداري الذي فصلناه ، فأنت لا تلبسه ما لم تدرك تماماً إنك قادر على الانطلاقة في إطار ضيق ، ويبقى عزاؤك في هذا الضيق رضاء الآخرين الذين يعجبهم هذا الثوب ويروا القيافة مكتملة .. فالمتكلم هو الثوب الذي لبسناه .. وخروج الكلمات لا تتعدى الإطار المطلوب في تكرار الرغبة والارتقاء للآخرين أولا مع انتقاء الكلمات التي تسعد هؤلاء الأغبياء . فنحن في يومنا نشعر أحيانا أن هذا الثوب الضيق يتسع لأكثر من شخص واحد .وأحيانا ً تلازمنا ظروف صعبة فنشعر بحقيقة هذا الثوب الضيق ونختنق وهذا هو الاختبار اليومي الحقيقي لضبط النفس فمن تخطاه فيعنى لديه المقدرة على الخضوع حتى تعود الصورة الأخرى فيعود الثوب في اتساعه الذي نشعر به وقت الرضى … صمت كثيراً واعتقد البعض بقناعته ونزوله عند هذه الرغبات وشعر البعض أن جسداً جديداً قادما إلى المحفل في انعدام التفكير ولعبة التفجير .
وجاءت أجابته بكلمة ( لا ) هذه الكلمة الغير محمودة العواقب فهي عين التحدي لهؤلاء الذين اعتنقوا الثياب الإدارية ، ومن هنا تنطلق العراقل العديدة والصدمات , ويبدأ صاحب هذه الكلمة في التخبط بين صحة الإجراء وانتفاضية الباطل أمام الإجراء الصحيح ، وعاش الإنسان في مفترق الطريق الصعب للاختيار ، هل يضحي ويستمـر في ثوبه العادي أو يعيش متردداً أو أنه يختار ركوب الصعاب على أمل أن الصورة لا بد أن تأخذ المجرى الصحيح فيصبح من الصابرين لأجل لا يعرفه ..
وتكتنف الآمال هذا الإنسان في الوقت الذي يصبح بين قوتين يحتويها الاتفاق ..فأحدهما يرفعه والآخر ينزل عليه نزول الصاعقة ، وإذا اختلف اتفاق القوتين فسوف يعيش في نفس الموقف في معركة اسمها الهزيمة أو الانتصار , لإعادة أمجاد الماضي في اتخاذ القرار ، وهنا تتمركز الحكمــة ( يقيني بالله يقيني ) ويبدأ الإنسان فقدانه لعناصر الإيجابيات حيث تبدأ الخطوة الأولى لممارسات في تشويه الصورة الحقيقية بعيدا عن الواقع .
ويتزايد تحطيم الحظ السيئ في أن يصل أصحاب الثوب الضيق أصحاب القرار دون أن يتمكن هذا الإنسان من معرفة ما يدور حوله إلا أنه يشعر أن الضربات تتزايد عليه يوماً تلو الآخر .. عندها قد يضعف أو يزيد إصراره ويستمر لأجل غير معروف دون أن يدخل ذاك المشغل الخصوصي لأناس جاءوا إليه وقد دفعوا الكثير من المعنويات أمام المكسب المادي الملموس في الوقت الذي بقي الإنسان يدفع القليل في تفاصيل ملابسه العادية ليحافظ على معنوياته ومبدأه الذي عرفه واطمأنت له نفسه .. وتبدأ معركة الحياة حيث أن لكل إنسان قضية يدافع عنها بقدر اعتناقه لهذا القضية أو بحجم الظلم الذي لحقه ، وقد يصل بها إلى بر الأمان أو يأخذ المنحنى الأخير فيفقد الكثير في استرداده القليل عندها تبقى له الحكمة التي اعتنقها ..
( يقيـنــــــــي بالله يقينــــــــي )