يا غربة الأوطان .. لماذا
خرجت من المنزل ولأول مرة لا أعرف أين أنا ذاهب ، وفجأة تكالب بعض الغموض على نفسي فلم أعرف وجهتي ، وتجولت بلا معنى في أماكن عديدة لم أتذكر منها شيئا أوقفني للملاحظة ، شعرت بالغربة في موطني وبين أهلي وفي موقعي الذي كنت ألاحظ به كل شيء ، وأرفض منه بعض السلوكيات التي تعترضني ، لم أبحث عن المثالية لأن طلب المثالية يعنى أن أكون مثاليا ً، وعلى من حولي أن يكون أيضا مثالياً بالشكل والمعنى الكبير .
إن المثالية تعني أن تكتمل صورة المعاني للمثاليات والتي لا بد لكل فرد أن يتقمص شخصيتها لفترة قد تطول أو تكون وجيزة تزول فور زوال المثالية ، أو الانتقال لموقع آخر لا توجد به هذه المثاليات ، فقط كنت أطلب حريتي والتي تنتهي حيث تبدأ حريات الآخرين على لا تؤثر على المجموعة أو تضر بالآخرين وإلا معناه الخروج عن القاعدة العامة لتتحول الحرية الشخصية إلى رغبة خاصة ومضرة بالآخرين ، وأطلق عليها منفرداً حريتي الشخصية التي هي عين الأنانية ولا بد أن أجد من يقف أمامها بالرفض والحرمان .. نعم لم أبحث عن المثالية ، وتوالت الدقائق لتكتمل الساعات وأعود إلى منزلي وفي جعبتي غربة ، حاملاً شخصية جديدة لم أعدها من قبل ..نظرت حولي في المنزل كل شيء كان غريب حتى غرفتي ومكتبي الذي يتوسط الموقع كان غريباً ،
وكأن شخصا ما قد تركه لتوه وقد بعثر بكل الأوراق ، وتناولت أناملي التي شعرت بغربتها أزار ير الكمبيوتر الذي كنت أجلس أمامه طويلاً ، وبحثت عن كلمات قد كتبتها قبل ساعات فكانت الكلمات غريبة في فكري سريعاً ما أزلتها من علي الشاشة ، وبدا قلم الأزارير يكتب عن حالتي لأجد أن فكري يسبق الكلمات فيضيع حرفاً وتلتصق كلمة مع أختها ويقفز معنى على آخر ،
واكتملت الصفحة بحديث لم أستوعب منه معاني تلك الكلمات ، وهاجمني النعاس وكان أيضا غريبا لم أعهد من قبل وأخذتني معه الأحلام وصرخت في نفسي دون أن يسمع أحد تلك الصرخات , ونهضت مفزوعا حزينا على حالتي التي تحولت إلى معان ليس لها إدراك ، وخرجت مسرعا من المنزل ولم يكن هروباً لأن ما اشعر به خارج المنزل هو نفس الإحساس في كل مكان ،
وسرت على قدمي ودخلت موقعاً كبيراً فسيحاً فبدأ يدب في نفسي جزء من إحساس آخر يكاد أن يكون محبوباً إلى الذات .. وتذكرت أن دخول هذا المكان يحتاج لبعض التعاليم والأعمال بالنيات ، فخرجت مسرعاً لأتوضأ وأعود إلى مسجد الرسول صلى اللة عليه وسلم وواقفاً في الركعة الأولي ، وإذا بشعور ينتابني كدت بسببه أن أوقف تلك الصلاة . إنها النفس عادت إلى ذاتي مسرعة وعرفت عندها أن الغربة للنفس هي البعد عن الله .. وقابلتها مرة ثانية ، وسألتها عن حالها وقد عادت إليها البسمات ، ورغبت أن تعاهدني على أن تبقي على هذا المنوال ، ولم أترك لها فرصة للحديث لأن معاهدة النفس واللجوء إلى الله لا يحتاج أن يعرفه الآخرون لئلا يتحول إلى رياء ، وغادرتها وأنا أعاهد ذاتي أن أراقب عهدها الذي لم يكتمل معي ، وتلك هي الأعمال بأسرار النفس اسمها النيات .
تحيـاتـي