[align=center]
الصدق يدفع بك إلى القوة ولو كنت ذا ضعف وإلى الصراحة ولو كنت ذا جبن ولذا كان بين الصراحة والصدق صلة قديمة فالصراحة جرأة تتطلب منك إمكانيات كثيرة لكي تسلم من مصارحتك، والصدق قوة تتطلب منك الاعتياد عليه منذ صغرك وطفولتك.
وقد تنتقل من الصدق إلى الصراحة إذا أرغمت على الكذب وتمويه الحقيقة فإذا نمت عندك القدرات الكافية لمجابهة الحقائق رأيت نفسك تتكلم بصراحة ولو كانت الخصومة محققة لك من نتيجة المصارحة فالخصومة لا تأتيك من الصراحة إلا من بعد كذبك مع نفسك، والصراحة لا تكون سليمة إلا من بعد خلوها من الغرض الشخصي.
فإذا كان الصدق دافعاً بك إلى التمرد على الباطل فإن الصراحة دافعة إلى الموت في سبيل الحق وليس التمرد صفة الصادق فقط وليس الموت صفة الثائر أيضاً بل هما نتيجتان حتميتان لكل متمسك بمبدأ وعقيدة تمسكاً لا يحيد عنه وقد تعذب وتضطهد في سبيل مبدأك وعقيدتك ولكنك أبداً راض من نفسك في سبيل الحفاظ على سلطان الصدق والصراحة.
فاجتماع الصدق مع الصراحة قوة تحارب بها أهواءك لتتغلب عليها حتى تصبح قادراً على التغلب على أخصامك ممن لم يصدقوا إذا تكلموا وممن يعاب إذا عرضت أعمالهم عليك. فليس من السهل أن تفتش عن عيوبك لتبرزها أمام كل مسائل وليس من الصعب أن تكشف عيوب سائلك لتجد عيبك متضائلاً أمام عيوبه فإذا ما حدثته صدقته في حديثك ولو برزت هذه العيوب، وإذا ما أنكرتها واتخذتها داعية لمقاومتك فأنت من وراء صدقك أقوى وهو من وراء كذبه ومغالاته أضعف فيدفعك حب الصدق للمصارحة والكشف ليجد عيوبه ويأخذ الحذر منك.
أما هو فقد بدأ بالكذب والمكر وانتهى إلى المقاطعة والجفاء فلست بحاجة إلى تعلم الكذب من وراء أسئلته التي لا تفيد وإنما أنت بحاجة إلى تعليمه كيف أن الصدق يدفع بك إلى القوة لمصارحته فلا تتهيب صداقته التي تجرك إلى الطريق الأعوج ليدفعك الخوف إلى التكتم والإخفاء فإذا ما تعرف إلى حقيقة الموقف من بعد إفهامك له وإذا ما تعرفت إلى نفسك عن الاستغناء عنه من بعد مصارحته وجد أن ضعفك قوة وشجاعة وأن قوته ضعف وجبن فيتراجع أو تجبره على التراجع أو يبقى عنيداً يحارب نفسه ليتقن من بعد ما سلمت منه وقد أراد أن يفسدك من غير أن يعلم وقد كانت قوته وهمية وقوتك حقيقية فإذا ما وقفنا للصراع اندحر وجاءك صاغراً ليستسلم فصافحه بيد ولا تترك الأخرى فارغة لتملأها منه في ساعة غدره وخداعه.
المشرف العام
[/align]