[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
قتلوه … أجل قتلوه …
أحمد هو أسمه ، شاب في ريعان الشباب ، يحدوه الأمل من كل مكان ، يرسم طريقه ليحقق أمانيه ومقاصده وغايته ، لم يزل مبتسماً منشرح الصدر ، طيب القلب ، سليم الخاطر ، محباً للخير ، كارهاً للشر ، إذا رأيته كأنك ترى الشمس متوهجة ، وإذا أدبرت عنه حل حولك الظلام !!!
نعم ، هو أحمد ، صاحب الوجه المشرق ، والذكر الحسن الجميل …
كان قريباً من زواج ، مقبلاً عليه ، يفكر في حياة جديدة ، كلها أملاً وفرحاً وسروراً !!!
لكن ….
أحمد … أين أنت !!!
أجبني … كلمني … قل أي شيء !!
آآه من كرب ما أقساه … ومن زمان ما أقواه ..
أحمد … وداعاً … قد رحلت إلى الأبد !!!
ولكن … ستبقى في قلوبنا إلى الأبد !!
في ذلك اليوم ، لا كباقي الأيام ، ولا شمس كشمسه ، أتى مسرعاً فرحاً ، ليحقق فرحه وفرح أهله وجماعته ، لا يفكر إلا في ذلك ، ولا يهدف إلا لمراده ،
وفجأة ، وبدون مقدمات ، وقع الفأس بالرأس ، وبضربة سكين قاتله ، أسالت الدماء ، دفاعاً وحميةً وغيرةً على أخيه الصغير ، الذي استنصره لينصره على غريمه !!! بعدها أدخل السجن ، ليتبدد الحلم الذي ينتظره ، ومستقبله الذي يسعى إليه ، وحبيبته التي تنتظره بفارغ الصبر !!!
مكث في السجن أربع سنوات ، كلها ألم وحسرات ، مليئة بكثير من الزفرات ، تغير الحال ، وأصبح محال ، حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت !!! وأصبح لسان حال أهله وخطيبته يقول …
أحمد … لماذا هذا العذاب !!!
ألم تأتي لتسعدنا … وتفرحنا !!!
لماذا فعلت هذا … بالله لماذا …
أستبدلت أفراحنا … بالأحزان !!!
وانتظارنا لك … بالحرمان …
لماذا … لماذا … لماذا …
وبعد كل المحاولات للإصلاح … وتكاتف الجميع لإنقاذه من حد السيف … وعمل المستحيل من أجل عتق رقبته من دم غريمة !!! إلا أن أهل القتيل أبوا الصلح ، وأصروا على القصاص ، وأخذ حق ولدهم القتيل من قاتله أحمد .
من هنا وهناك ، محاولات عديدة ، وتوسلات شديدة ، وتدخلات من الشيوخ وشيوخ القبائل ، لكن لا يقابل ذلك ألا الرفض الشديد من أهل القتيل ، ولم يزدهم ذلك إلا إصراراً على تنفيذ حد القصاص من قاتل أبنهم !!!
وبعد ذلك كله ، انقضت الأيام ، وتقلصت الآمال في إنقاذ أحمد من حد السيف ، حتى حانت ساعة الصفر التي ما بعدها ساعة إلى يوم الدين ،
أخذ أحمد إلى ساحة القصاص ، وفي طريقه إلى الساحة ، يقول لسان حاله …
اليوم تنتهي حياتي … وينقضي عمري ..
فلا زواج … ولا أهل … ولا مستقبل !!!
ولكني … مؤمن بالله … مؤمن بقضائه …
لا أرد قضاء الله … وقدره وحوله …
فالحمد لله … حفظت كتاب الله …
غسلت ذنوبي من الخطايا … والذنوب !!!
فسامحني يارب … وسامحني يا أبي ..
وسامحيني يا أمي … وسامحيني يا زوجتي الغالية !!!
طلب أحمد من السجان أن يفك الغطاء عن عينه ، حتى يسجد لله شكراً وثناءً عليه ، وفعلاً تم ذلك له ، وقام وسجد لله سبحانه ، الله أكبر ما أجملها من لحظات حينما يتعلق القلب بالله فلا يذكر عند الشدائد إلإ الله سبحانه ، وحينما سجد وقام ، ظن الناس أن أهل الدم قد تنازلوا عن دم ابنهم !!! فانطلقت الصيحات والتكبيرات من كل مكان ، وفرح الناس ، ووصل الخبر إلى أهله ، ولكن لم يكن هناك أي عفو أو تنازل .
فنفذ أمر القصاص في أحمد ، وانتقل إلى ربه سبحانه وتعالى ، في جو حزين جداً من الحاضرين ومن أهله وذويه …
فنسأل الله له الرحمة والمغفرة والعفو والغفران
ولا حولا ولا قوة إلا بالله
تحياتي لكم
إداري
marhba@saudipostal.com[/align]