لا أعرف ما الذي جعلني أختار هذا الموضوع؟ ولا أدري لماذا اقتحمت ذهني هذه الفكرة؟

الكراهية شعور حاسم واضح جدا، أنت تكره هذا الشيء أو هذا الشخص أو هذه الفكرة أو هذا المكان،ينعكس هذا على تصرفاتك، على تعابير وجهك! قد تعبس أو تقلب شفتيك قرفا قد تستدير وتذهب من الاتجاه المعاكس قد تصرخ وأنت تشير باصبعك مهددا وقد تتمادى وترفع يديك لتحطم أو تضرب أو حتى تقتل! وهنا أنت تحمل مشاعرك إلى أقصى درجات التطرف.

ولا أحد منا يحب أن يصور نفسه على أنه يكره الآخرين أو أنه لا يعرف من المشاعر سوى الكره، فهذا ينفي عنه صفة الانسانية التي شعارها المحبة والسلام والتعايش لذلك فإنه من المفترض أننا وحتى نظهر جانبنا الإنساني نحاول أن نخفي مشاعر الكره قدر استطاعتنا، فلا أحد يجب أن يكون شريراً أو حقوداً أو كارهاً للآخرين ولا أحد منا يريد أن يصفه الآخرون بهذه الصفات، كما قلت لكم الكره شعور حاسم قد تظن أنه ليس له تبعات، لكن العكس هو الصحيح، فجرائم الكراهية تبعاتها لا تنتهي وهذا مثال متطرف لكنه يفي بالغرض. لماذا نكره؟ السؤال يلح علي، أحاول الإجابة عليه كيميائيا، هل تفرز أو تزيد نسبة مواد حيوية داخل جسمنا وتجعلنا نصاب بهستيريا الكراهية؟ هل التركيبة البيوكيميائية للإنسان الذي يحركه الكره مختلفة؟ هل ارسالياته العصبية من وإلى المخ الذي يحركه ويحكم تصرفاته تأخذ طريقا آخر مختلفا عن بقية البشر؟ حتى أسئلتي السابقة لاعلاقة بها بالموضوع الأساسي؛ «لماذا نكره؟»، بل إنها أسئلة تزيدني حيرة وتوهاناً.

الكره مثله مثل أي شعور آخر، قد تساهم البيئة التي تعيش فيها على تنميته داخلك، قد توجد بذوره داخلك لكنها ترعى وتسقى فكريا ومشاعريا حتى تنمو إلى حالة عامة. وقد يكون مثل الفيروس الذي ينتشر بسرعة وبكل الوسائل الممكنة، وقد يكون مثل السرطان الذي نحتار في أسبابه ونحتاج إلى أعنف وسائل العلاج كي نحاربه ونتخلص من بقاياه، ونعيش بقية عمرنا ونحن خائفون من أن يعود هجومه ويحتل جسدنا.
مشكلة عندما تسيطر علينا مشاعر الكراهية، لأنها تحولنا إلى كائنات تهوى التدمير، ومصيبة عندما يشكل الكره ثقافة فكرية، عندما يتحول إلى أداة ناجحة لتشكيل العقول وقولبتها حول فكرة واحدة تسعى لتدمير الآخر وإلغائه والقضاء عليه وعلى كل مايمثله. الكره في هذه اللحظة ينشئ عقولا مستنسخة مشوهة لا تفكر لنفسها ولا تقدر عواقب أفعالها ولا تتقبل كل ما هو لا يشبهها. صعب أن يكون ما يحركك، ما يجعلك تتنفس هو مشاعر بغيضة تقضي عليك قبل أن تقضي على الآخرين.