منذ أن بدأت الإدارة العامة للمرور تطبيق نظام ساهر؛ لرصد مخالفي أنظمة السير إلكترونياً قبل نحو احد عشر شهرا والجلبة لم تهدأ، الجميع بلا استثناء من قائدي المركبات وملاكها، وقبلهم القانونيون وأعضاء في مجلس الشورى واجهوا انتقادات حادة للمشروع، معتبرين أنه التفاف على الأنظمة واستنزاف لمدخرات المواطنين دون سند قانوني ودون أن يمر عبر القنوات التشريعية وفي مقدمتها مجلس الشورى، في المقابل تتخندق الإدارة العامة للمرور في الدفاع عن المشروع، وانبرى أكثر من مسؤول رفيع للتأكيد على أن المشروع هدفه الحفاظ على الأرواح والممتلكات والحد من الحوادث المرورية التي تحصد سنوياً الآلاف.
بين الرفض المطلق من المجتمع، والإصرار على التطبيق من السلطات الأمنية، تعالت أصوات علماء ورجال دين تؤكد أن مضاعفة المخالفات المرورية حرام وربا، واكتسب الأمر أهمية عندما أكد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ على أن مضاعفة المخالفات المرورية رباً وعلى الأجهزة المعنية البحث عن قنوات أكثر وأيسر لتحصيل المبالغ المتأخرة بدلا من مضاعفة الغرامة.
«عكاظ» تفتح الملف الذي أشغل الرأي العام كثيراً، تناقش سلبيات المشروع وإيجابياته، تشرح مشكلاته وآلياته، وتستمع بإنصات إلى كل الأطراف.


ما هو نظام ساهر
حددت الإدارة العامة للمرور مفهوم مشروع ساهر على أنه نظام آلي لإدارة حركة المرور باستخدام نظم إلكترونية تغطي المدن الرئيسة في المملكة، يتكون المشروع من حزمة أنظمة هي، نظام تشغيل وإدارة الحركة المرورية آلياً، نظام تتبع مركبات جهاز المرور، نظام التعرف على لوحات المركبات، نظام اللوحات الإرشادية الإلكترونية على الطرق، نظام كاميرات مراقبة الحركة المرورية، نظام الضبط الإلكتروني للمخالفات.
وأكد مدير عام المرور اللواء سليمان العجلان أن المشروع يرتبط آلياً بمراكز القيادة والسيطرة المتواجدة في ثماني مدن موزعة في مختلف مناطق المملكة، وبحسب مدير عام المرور فإن نظام تشغيل وإدارة الحركة المرورية آلياً يعد نظاما إلكترونيا متطورا يهدف إلى تحسين الإنسيابية المرورية آلياً من خلال التحكم في الإشارات الضوئية المرورية معتمداً على رصد حي لعدد المركبات في كافة الاتجهات لكل تقاطع بما يسمى بالموجة الخضراء.
ويعنى نظام تتبع مركبات جهاز المرور بتتبع وتحديد مواقع مركبات جهاز المرور لتوجيهها لسرعة التعامل مع الحالات المرورية المختلفة وإدارة الفرق الميدانية، فيما يختص نظام التعرف على لوحات المركبات المركب على مداخل ومخارج المدن بهدف التعرف على المركبات للأغراض الإحصائية والمركبات المطلوبة مرورياً أو المسروقة من خلال لوحات هذه المركبات.
ويتضمن المشروع نظاما رابعا للوحات الإرشادية الإلكترونية على الطرق وهو نظام شبكة لوحات إلكترونية إرشادية ذات بث حي يهدف إلى توجيه قائدي المركبات إلى تجنب الاختناقات المرورية على الطرق، أما المشروع الخامس فيختص بمراقبة الحركة المرورية بواسطة الكاميرات وهو نظام إلكتروني يهدف إلى مراقبة حية للحركة المرورية على الطرق الرئيسة، إلى جانب المشروع السادس والخاص بالضبط الإلكتروني للمخالفات الذي هو نظام شبكة كاميرات ورادارات ثابتة ومتحركة بهدف رصد وضبط المخالفات المرورية آلياً بدون أي تدخل بشري وإصدار المخالفات وإشعار المخالفين آلياً عن طريق الإنترنت أو عن طريق رسائل الجوال.
آلية رصد المخالفات
دورة رصد المخالفات المرورية التي تلتقطها كاميرات ساهر المنصوبة على الطرقات السريعة والدائرية تبدأ أولا عن طريق رصد المخالفة آلياً من الكاميرات للمركبة المخالفة، ثم يتم ثانياً إرسال صورة لوحة المركبة المخالفة لقطع الإشارة أو السرعة، تنتقل المعلومات آلياً إلى مركز معالجة المخالفات، يتم آنياً وفي نفس الوقت الذي تصل فيه المعلومات إلى المركز التواصل مع قاعدة البيانات الوطنية، ويتم إصدار المخالفة حيث يتم إبلاغ المخالف عن طريق رسالة جوال أو عن طريق الموقع الإلكتروني لساهر، يتم سداد المخالفة عن طريق نظام سداد لدى البنوك المحلية.
تؤكد الإدارة العامة للمرور أن مشروع نظام ساهر يهدف إلى تحسين مستوى السلامة المرورية، توظيف أحدث التقنيات المتقدمة في مجال النقل الذكي (ITS) لإيجاد بيئة مرورية آمنة، رفع كفاءة شبكة الطرق المتوافرة حاليا، تدعيم الأمن العام باستخدام أحدث أنظمة المراقبة، والعمل على تنفيذ أنظمة المرور بدقة واستمرارية.
ويتميز المشروع بقدرته على المراقبة الحية للحركة المرورية، وإدارة حركة المرور، وسرعة معالجة الحالات المرورية، وزيادة كفاءة الدوريات المرورية، ورصد حي للحالات والحوادث المرورية، إلى جانب ضبط آلي للمخالفات.
ميدانياً، يواجه نظام ساهر جملة من التحديات أبرزها الاعتداءات التي طالت الكاميرات وتهشيم زجاج السيارات وسكب المياه الحارقة على المركبات التي تصطف أسفل الجسور، وعلى الرغم من تأكيدات مدير عام المرور اللواء سليمان العجلان أنه لم يسمع عن تكسير كاميرات ساهر أو الاعتداء على المركبات إلا من خلال الإعلام، يؤكد مسؤولون في الشركات المشغلة لنظام ساهر في أكثر من منطقة تعرض المركبات لاعتداءات عدة بغية تعطيل الكاميرات.
في المقابل يطالب قائدو المركبات بمزيد من العدالة في التطبيق، ويتحدث المواطن سالم الزهراني أن مشروع نظام ساهر لم يسبق تطبيقه حملة توعوية كافية، كما أن اللوحات التي نصبت على الطرق السريعة التي تحدد السرعة لم تحدد بدقة السرعة القانونية، يضيف الزهراني من أخطاء نظام ساهر أن المخالفات تسجل على مالك السيارة بصرف النظر عمن ارتكب المخالفة، ومن المعلوم أن ما لا يقل عن 50 في المائة من السيارات لا يقودها مالكوها، فكيف يحمل مالك السيارة وزر غيره، وأضاف «أمتلك أكثر من مركبة وفوضت أبنائي وبعض أشقائي بقيادتها غير أنني أتلقى على هاتفي شهرياً مخالفات لا أعرف أين ومتى ارتكبت»، ويضيف «كيف أدفع قيمة مخالفة لم أرتكبها، هذا الأمر لا ينطبق علي وحدي بل هناك عدد غير قليل من المواطنات يمتلكن سيارات ويفاجأن بالمخالفات تنهال على هواتفهن دون أن يعرفن مبرر ارتكاب المخالفة».
ويشير محمد الأحمدي أن تطبيق نظام ساهر لم تسبقه فترة توعية وتثقيف للناس حول النظام، وما الذي يشمله، وأنواع المخالفات وأقيامها، ومجالات تطبيقها، والمهلة المعطاة لسدادها، والغرامات إن وجدت، بما في ذلك الطلب من الناس أن يحدثوا معلوماتهم في سجلات المرور، ولا سيما الأرقام الهاتفية التي يعتمد عليها المرور في إرسال الرسائل الهاتفية عن المخالفات، والتي تتعرض، أي الأرقام، للتغيير باستمرار.
ويضيف كان الأجدر بالمرور إلزام التوعية والتثقيف في المدارس وعن طريق وسائل الإعلام عن النظام وأهدافه وعقوباته، ويفترض أن تسبقه حملة توعوية شاملة وتحديث للبيانات وتواصل مع ملاك المركبات إلى جانب نشره في الصحيفة الرسمية للدولة.