قال أبو عبدالله غفر الله له: كم هم الذين يدافعون بأسلوب فاشل عن قضايا عادلة؟!
ثم لا يسيئون إلى ما يعتقدون أنهم يغضبون من أجله، ويغارون عليه، وتتمعر وجوههم له؟!
بالأمس تلقيت رسالة من قارئ متحمس "أكثر من اللازم حبتين"، يعلن فيها أنه يبغضني في الله، ويحذرني من الويل والثبور وعظائم الأمور!
لو أن الإنترنت كان موجوداً في الجاهلية، لقلتُ إن صاحبنا كان يرسلها إلى أبي جهل، أو إلى أبي لهب، (وبخاصة وأنا أتصور أنهما سيحصلان حينها على خدمة دي إس إل) لكن المرسل أخطأ في الإيميل، فخلط بين عنوان بريدي الإلكتروني، وعنواني القرشيين الجاهليين إياهما!
وأنقل لكم نص الرسالة، التي أردت أن أعبر بها عن حالة تصلح عينة لشريحة موجودة، "أبغضك في الله يا تركي الدخيل. واعلم أن الدين منصور بفضل الله. وأنت ستعلم عاقبة ما تقول فلن تنفعك جريدة وثن أو وطن كما يقولون. تب إلى الله قبل الموت. وستعلم حينما ينتشر الإسلام أكثر وأكثر أنك في ضلال وخسارة. أسأل الله أن يريني فيك آية، وأن يجعلك عبرة لأمثالك".
ذكر الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" أن رجلاً دخل على المأمون ليأمره وينهاه، فأغلظ عليه القول، وقال له: يا ظالم، يا فاجر، وكان المأمون على فقه وحلم، فقال: يا هذا، ارفق، فإن الله بعث من هو خير منك إلى من هو شر مني، فقال لهما: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى).
لقد ذكّرني الأخ الذي يبغضني ولا أبغضه، بالعصر الجاهلي، فالحديث عن انتشار الإسلام أكثر وأكثر في سياقات تحذير المسلمين، يوحي لنا بأنه القابض على دينه، وحده، هو وثلة معه، في العصر المكي، وأن بقية الناس، من هذه الجريدة، وإلى بقية المواطنين والمقيمين، بل والمسلمين جميعاً، يتعاقبون على الإساءة لدين الله، عياذاً بالله!