قصيدة : البحث عن الذات

- أيها العصفور الجميل.. أريد أن أصدح بالغناء مثلك، وأن أتنقّل بحرية مثلك.
قال العصفور:
-لكي تفعل كل هذا، ينبغي أن تكون عصفوراً مثلي.. أأنت عصفور ؟
- لا أدري.. ما رأيك أنت ؟
-إني أراك مخلوقاً مختلفاً . حاول أن تغني وأن تتنقل على طريقة جنسك .
- وما هو جنسي ؟
- إذا كنت لا تعرف ما جنسك ، فأنت، بلا ريب، حمار .

***

- أيها الحمار الطيب.. أريد أن ا نهق بحرية مثلك، وأن أتنقّل دون هوية أو جواز سفر، مثلك .
قال الحمار:
- لكي تفعل هذا.. يجب أن تكون حماراً مثلي . هل أنت حمار ؟
- ماذا تعتقد ؟
- قل عني حماراً يا ولدي، لكن صدّقني.. هيئتك لا تدلُّ على أنك حمار .
- فماذا أكون ؟
- إذا كنت لا تعرف ماذا تكون..فأنت أكثر حمورية مني ! لعلك بغل .

***

- أيها البغل الصنديد.. أريد أن أكون قوياً مثلك، لكي أستطيع أن أتحمّل كل هذا القهر،
وأريد أن أكون بليداً مثلك، لكي لا أتألم ممّا أراه في هذا الوطن .
قال البغل:
- كُـنْ.. مَن يمنعك؟
- تمنعني ذ لَّتي وشدّة طاعتي .
- إذن أنت لست بغلاً .
- وماذا أكون ؟
- أعتقد أنك كلب .

***

- أيها الكلب الهُمام..أريد أن ا طلق عقيرتي بالنباح مثلك، وأن اعقر مَن يُغضبني مثلك .
- هل أنت كلب ؟
- لا أدري..طول عمري أسمع المسئولين ينادونني بهذا الاسم، لكنني لا أستطيع النباح أو العقر .
- لماذا لا تستطيع ؟
- لا أملك الشجاعة لذلك..إنهم هم الذين يبادرون إلى عقري دائماً .
- ما دمت لا تملك الشجاعة فأنت لست كلباً .
- إذَن فماذا أكون ؟
- هذا ليس شغلي..إ عرف نفسك بنفسك..قم وابحث عن ذاتك .
- بحثت كثيراً دون جدوى .
- ما دمتَ تافهاً إلى هذا الحد..فلا بُدَّ أنك من جنس زَبَد البحر .

***

- أيُّها البحر العظيم.. إنني تافه إلى هذا الحد.. إنفِني من هذه الأرض أيها البحر العظيم .
إحملني فوق ظهرك واقذفني بعيداً كما تقذف الزَّبَد .
قال البحر:
- أأنت زَبَد؟
- لا أدري.. ماذا تعتقد ؟
- لحظةً واحدة.. دعني أبسط موجتي لكي أستطيع أن أراك في مرآتها.. هـه..حسناً، أدنُ قليلاً .
أوووه.. اللعنة.. أنت مواطن عربي!
- وما العمل؟
- تسألني ما العمل؟! أنت إذن مواطن عربي جداً. بصراحة.. لو كنت مكانك لانتحرت .
- إبلعني، إذن، أيها البحر العظيم .
- آسف.. لا أستطيع هضم مواطن مثلك .
- كيف أنتحر إذن؟
- أسهل طريقة هي أن تضع إصبعك في مجرى الكهرباء .
- ليس في بيتي كهرباء.
- ألقِ بنفسك من فوق بيتك.
- وهل أموت إذا ألقيت بنفسي من فوق الرصيف؟!
- مشرَّد إلى هذه الدرجة؟! لماذا لا تشنق نفسك؟
- ومن يعطيني ثمن الحبل؟
- لا تملك حتى حبلاً ؟ أخنق نفسك بثيابك.
- ألا تراني عارياً أيها البحر العظيم؟!
- إسمع.. لم تبقَ إلاّ طريقة واحدة . إنها طريقة مجانية وسهلة، لكنها ستجعل انتحارك مُدويّاً .
- أرجوك أيها البحر العظيم.. قل لي بسرعة.. ما هي هذه الطريقة؟
- إبقَ حَيّـا!