النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: القناعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    295
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    القناعة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    القناعة
    يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم.. وهكذا تكون نهاية الطامعين وعاقبة الطمع.
    *أُهْدِيَتْ إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- سلالا من عنب، فأخذت تتصدق بها على الفقراء والمساكين، وكانت جاريتها قد أخذت سلة من هذه السلال وأخفتها عنها، وفي المساء أحضرتها، فقالت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها-: ما هذا؟ فأجابت الجارية: ادخرتُه لنأكله. فقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: أما يكفي عنقود أو عنقودان؟
    *ذهب الصحابي الجليل حكيم بن حزام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يعطيه من الأموال، فأعطاه. ثم سأله مرة ثانية، فأعطاه. ثم سأله مرة ثالثة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال له مُعلِّمًا: (يا حكيم، إن هذا المال خَضِرٌ حلو (أي أن الإنسان يميل إلى المال كما يميل إلى الفاكهة الحلوة اللذيذة)، فمن أخذه بسخاوة نفس (بغير سؤال ولا طمع) بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبَارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا (التي تعطي) خير من اليد السفلي (التي تأخذ). [متفق عليه].
    فعاهد حكيم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يأخذ شيئًا من أحد أبدًا حتى يفارق الدنيا. فكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يطلبه ليعطيه نصيبه من المال، فيرفض أن يقبل منه شيئًا، وعندما تولى عمر -رضي الله عنه- الخلافة دعاه ليعطيه فرفض حكيم، فقال عمر: يا معشر المسلمين، أشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسمه الله له في هذا الفيء (الغنيمة)، فيأبى أن يقبله.
    وهكذا ظلَّ حكيم قانعًا، لا يتطلع إلى المال بعد نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تعلَّم منها ألا يسأل أحدًا شيئًا؛ حتى إنه كان يتنازل عن حقه، ويعيش من عمله وجهده.
    *كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- واليا على إحدى المدن، وكان راتبه خمسة آلاف درهم يتصدق بها جميعًا، وكان يشتري خوصًا بدرهم، فيصنع به آنية فيبيعها بثلاثة دراهم؛ فيتصدق بدرهم، ويشتري طعامًا لأهله بدرهم، ودرهم يبقيه ليشتري به خوصًا جديدًا.
    ما هي القناعة؟
    القناعة هي الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا، وهي عدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين، وهي علامة على صدق الإيمان. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقَنَّعه الله بما آتاه) [مسلم].
    قناعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
    كان صلى الله عليه وسلم يرضى بما عنده، ولا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يتطلع إلى ما عند غيره، فكان صلى الله عليه وسلم يعمل بالتجارة في مال السيدة
    خديجة -رضي الله عنها- فيربح كثيرًا من غير أن يطمع في هذا المال، وكانت تُعْرَضُ عليه الأموال التي يغنمها المسلمون في المعارك، فلا يأخذ منها شيئًا، بل كان يوزعها على أصحابه.
    وكان صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير، فرآه الصحابة وقد أثر الحصير في جنبه، فأرادوا أن يعدوا له فراشًا لينًا يجلس عليه؛ فقال لهم: (ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها).
    [الترمذي وابن ماجه].
    لا قناعة في فعل الخير:
    المسلم يقنع بما قسم الله له فيما يتعلق بالدنيا، أما في عمل الخير والأعمال الصالحة فإنه يحرص دائمًا على المزيد من الخيرات، مصداقًا لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197]. وقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].
    فضل القناعة:
    الإنسان القانع يحبه الله ويحبه الناس، والقناعة تحقق للإنسان خيرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ومن فضائل القناعة:
    القناعة سبب البركة: فهي كنز لا ينفد، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أفضل الغنى، فقال: (ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس) [متفق عليه].
    وقال صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) [الترمذي وابن ماجه]. فالمسلم عندما يشعر بالقناعة والرضا بما قسمه الله له يكون غنيا عن الناس، عزيزًا بينهم، لا يذل لأحد منهم.
    أما طمع المرء، ورغبته في الزيادة يجعله ذليلاً إلى الناس، فاقدًا لعزته، قال صلى الله عليه وسلم: (وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)
    [الترمذي وأحمد].
    والإنسان الطماع لا يشبع أبدًا، ويلح في سؤال الناس، ولا يشعر ببركة في الرزق، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تُلْحِفُوا (تلحوا) في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئًا فتُخْرِجُ له مسألتُه مِنِّي شيئًا، وأنا له كاره، فيبارَكُ له فيما أعطيتُه) [مسلم والنسائي وأحمد].
    وقال صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعففْ يعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يغْنِهِ الله) [متفق عليه].
    القناعة طريق الجنة: بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلم القانع الذي لا يسأل الناس ثوابُه الجنة، فقال: (من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)، فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. [أبو داود والترمذي وأحمد].
    القناعة عزة للنفس: القناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون، أما الطمع فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين. وقد قال الإمام علي-رضي الله عنه-: الطمع رق مؤبد (عبودية دائمة).
    وقال أحد الحكماء: من أراد أن يعيش حرًّا أيام حياته؛ فلا يسكن قلبَه الطمعُ. وقيل: عز من قنع، وذل من طمع. وقيل: العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع.
    القناعة سبيل للراحة النفسية: المسلم القانع يعيش في راحة وأمن واطمئنان دائم، أما الطماع فإنه يعيش مهمومًا، ولا يستقر على حال. وفي الحديث القدسي: (يابن آدم تفرغْ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى، وأَسُدَّ فقرك. وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغْلا، ولم أسُدَّ فقرك) [ابن ماجه].
    وقال أحد الحكماء: سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق، وصدق القائل:
    هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا
    فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
    انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها
    هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ

    منقول للفائده

    نسأل الله تعالى ان يوفقنا وإياكم الى مايحبه ويرضاه
    التعديل الأخير تم بواسطة بحرالعرب ; 08-21-2007 الساعة 07:54 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    1,067
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    السلام عليكم ورحمة الله

    أخي العزيز ( بحر العرب )

    إنتقاء رائع ومميز .. وأحسنت الإختيار لموضوع قيم ومفيد

    وجزاك الله عنا خير الجزاء

    من مواضيع ابوسلمان :

    {اللهم أدخلني مدخل صدقٍ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا }

    ( اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك )

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    بـساتـين الـمحـبـّة
    المشاركات
    1,058
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    بارك الله فيك يابحر العلم!!!!

    إستفدنا وقـُـنـّـِعنا وذ ُ كـّـِرنا خيرا !!!!!

    أفدت وبعلمك نفذت!!!!

    اللهم إجعل قناعتنا في ديننا لا كسب دنيانا!!!!

    أخوك أبو عدنان يشكرك وينتظر مزيدك!!!!

    من مواضيع ابو عدنان :

    دَقّاتُ قلـبُ المرءِ قآئـِلَـةٌ لَهُ,, إنّ الحـياة دقآ ئِـقٌ وثوانِ




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    موظف
    المشاركات
    9,265
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    بارك الله فيك يا بحر العلم.نقل رائع ...جعله الله في موازين حسناتك!!!!!!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    295
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اخي الفاضل ابو سلمان
    اشكرك على المرور والكلام الجميل
    ونسأل الله ان يجعلنا واياكم من عباده القنوعين في كل امورنا
    ولك تحياتي0000
    التعديل الأخير تم بواسطة بحرالعرب ; 08-23-2007 الساعة 02:30 PM

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    295
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اخي الفاضل ابو عدنان
    اشكرك على المرور والكلام الجميل والاسلوب الراقي في اختيار الكلمات المعبره دايما
    ونسأل الله ان يجعلنا واياكم من عباده القنوعين في كل امورنا
    ولك تحياتي0000

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    295
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اخي الفاضل وادي السليكون
    اشكرك على المرور والكلام الجميل وعودن حميدا
    ونسأل الله ان يجعلنا واياكم من عباده القنوعين في كل امورنا
    ولك تحياتي0000

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    موظف بريد
    المشاركات
    11
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    جزاك الله خير اخي بحر العرب

    وكثر الله من امثالك

    من مواضيع قلم محتاج برايه :


    • #9
      تاريخ التسجيل
      Sep 2007
      الدولة
      موظف بريد
      المشاركات
      14
      Thumbs Up/Down
      Received: 0/0
      Given: 0/0

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    تعرف علينا
    الساحة البريدية منتدى لمنسوبي البريد
    للتعارف فيما بينهم ، وتبادل الآراء والأفكار
    وطرح المشكلات وإيجاد الحلول لها
    إن ما يطرح في الساحة البريدية هو تحت مسئولية العضو نفسه ،
    والساحة البريدية تخلي مسئوليتها تماما من أي نشر أو طرح غير مسئول ،
    ومع ذلك نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة والتحكم بكل ما يطرح حسب استطاعتنا ،
    ونرحب بأي تواصل عبر البريد الالكتروني لإدارة الساحة
    admin@arapost.com
    تابعنا
    للتواصل معنا
    admin@arapost.com