بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

واصلت أسعار الأسمنت صعودها في معظم نقاط البيع نهاية الأسبوع خاصة في المناطق والمحافظات التي توجد فيها مصانع للأسمنت. وتواصل معه الجدل حول أطراف الأزمة وأسبابها حيث تبادل الجميع الاتهامات، مستهلكين كانوا أم موزعين أو سائقي شاحنات. غير أن الأسعار أخرجت لسانها للجميع لتقفز غربا إلى 25 ريالا للكيس في جدة، وشرقا إلى 28 ريالا في أضم، وفي الجنوب 26 ريالا بمنطقة عسير.
حتى بعض المستهلكين ممن قابلتهم "الوطن" ألقوا باللائمة على نقل الأسمنت إلى مناطق نائية تشكو نقص المعروض، بل وطالبوا بأن تكون الأولوية لمحافظاتهم حيث توجد مصانع الأسمنت. وقالوا إذا كانت الأزمة يبررها ارتفاع تكلفة النقل في تلك المناطق البعيدة عن المصانع، فما ذنب المحافظات القريبة؟.
والأغرب أن الموزعين اتهموا المستهلكين بأنهم وراء الأزمة لحصولهم على أكثر من احتياجاتهم، ففي المنطقة الشرقية اتهم عدد من الموزعين المواطنين بإحداث أزمة الأسمنت مع وجود شح في الكميات مشيرين إلى أن المتعاملين في سوق الأسمنت الذين عادة لا تتجاوز احتياجاتهم في الأسبوع 100 كيس لجأوا إلى شراء حمولة شاحنات كاملة ما تسبب في الإضرار بالآخرين.
في حين رأى موزعون آخرون أن تدني الكميات الموزعة من المصانع وراء تفاقم الأزمة، فالموزع صالح بن ناهس يشكو من تدني كميات الأسمنت التي يحصل عليها الموزعون من المصانع بالشرقية بحيث لا تتجاوز حصة الموزع حمولة شاحنة أسبوعيا، بينما كان متوسط ما يحصل عليه أي موزع حمولة 3 شاحنات أسبوعيا، وزعم أن اعتماد موزعين جدد أثر على حصص الموزعين السابقين، الذين لهم الأولوية في الحصول على حصة أكبر بسبب الأزمة.
غير أن هناك موزعين آخرين كانت أعينهم على التصدير ولم يروا من الأزمة وحاجة السوق السعودية إلا انتقادهم قرار وزارة التجارة منع شاحناتهم من نقل الأسمنت إلى دول الخليج، تحت زعم وجود عقود سابقة لتصدير بعض إنتاج المصانع من الأسمنت إلى دول الخليج.
وفي جدة تجاوز سعر كيس الأسمنت أمس وأول من أمس 22 ريالا وتوقع عدد من المتعاملين في السوق ارتفاع السعر إلى 25 ريالا لكثرة الطلب وقلة المعروض، حتى إن الكثير من شاحنات الأسمنت القادمة يحجز بعض المستهلكين حمولتها قبل وصولها إلى أماكنها، الأمر الذي يشير إلى وجود مستفيدين يحاولون احتكار السوق.
وفي أضم وصلت أسعار الأسمنت لمستويات قياسية لم تشهدها من قبل حيث وصل سعر الوحدة سعة 50 كيلوجراماً إلى أكثر من 25 ريالا بينما وصل السعر في مركز الجائزة بمحافظة الليث 28 ريالاًً في ظل غياب تام للرقابة على الأسعار لهذه السلعة التي يكثر عليها الطلب خلال هذه الأيام لكثرة المشاريع العمرانية التي تشهدها المنطقة مما أثار استياء المواطنين.
بينما فضل الكثيرون التوقف عن إكمال مشاريعهم التجارية والسكنية حتى تستقر الأسعار وتعود لنصابها الطبيعي. المواطن خضر الزهراني قال لـ"الوطن" إن سعر الأسمنت وصل أول من أمس في مركز الجائزة لـ 28 ريالاً فقرر عدم الشراء لأن السعر تضاعف بنسبة 100% في ظل غياب تام للرقابة على هذه السلعة حيث يقوم موزعون بجلب شحنات من مصانع الأسمنت بنفس الأسعار السابقة، ولكن جشع البعض منهم دفعهم للمبالغة في رسم البيع إلى الضعف.
فيما ذكر المواطن علي آل قاسم أن شريحة كبيرة من المواطنين من محدودي الدخل أوقفوا مشاريع مساكنهم بعد أن تضررت من السيول الأخيرة، مضيفا أن مساكن بعض المواطنين تعرضت للأضرار نتيجة السيول الأخيرة وهو ما تطلب القيام بعمليات ترميم وبالتالي الحاجة إلى الأسمنت.
وأضاف "لكن مع ارتفاع الأسعار توقفوا عن الترميم انتظارا لتغير الأسعار الراهنة مشيراً إلى أن كثيراً من الشباب المقبلين على الزواج خلال فترة الإجازة الصيفية وقعوا في حرج وضائقة مالية خصوصاً وهم يقومون حالياً بإنشاء مساكن الزوجية مما اضطرهم للاقتراض أو إيقاف مشاريع مبانيهم السكنية، داعياً إلى تدخل الجهات المعنية لوقف التلاعب في الأسعار ووضع حد للمتعهدين الذين تسببوا في ذلك.
من جانبه أوضح أحد أصحاب الشاحنات التي وصلت إلى أضم ظهر يوم الثلاثاء الماضي (فضل عدم ذكر اسمه) أن أسعار البيع من مصانع الأسمنت بمحافظة جدة وصلت إلى 16 ريالا للمتعهد ووصل طابور الانتظار لتحميل الأسمنت من المصنع إلى أكثر من أسبوع وبالتالي فإن كثيراً من المتعهدين والمتاجرين في الأسمنت أصبحوا يفضلون الحصول على الأسمنت من السوق ببرحة بن لادن بسعر 18 ريالا وتوفير عناء الانتظار الطويل وبالتالي بيعه للمستهلك بهامش ربح يختلف باختلاف العرض والطلب في المنطقة التي يباع فيها مضيفاً أن هناك بعض التجار يبالغون في سعر البيع وبما يرهق ميزانية المواطن العادي الذي يتطلع لإكمال مسكنه بأسرع وقت ممكن.
وفي منطقة عسير تذمر أكثر من 100 سائق حافلة نقل من التلاعب الواضح في مواعيد التحميل في مصنع بيشة، واشتكوا من سيطرة 4 مقاولين على السوق. ويقول السائق عبدالله الشهراني إنه لم يتمكن من تحميل شاحنته من 3 مايو الجاري "ورغم حصولي موعد من المصنع بالتحميل بعد 20 يوما إلا أنني فوجئت بتأخيري إلى يوم 27 مايو الجاري".
ومع أنه لا يدري أسبابا منطقية للتأجيل، لكن الإجابة جاءت على لسان السائق فلاح الشهراني الذي أكد سيطرة 4 مقاولين بقوله "يتمكن 4 مقاولين من تحميل شاحناتهم مرتين يوميا، صباحا وعصرا".
ويطالب السائقان مرشد سالم وسالك تركي الجهات المعنية من الشرطة والغرفة التجارية ومسؤولي مصنع بيشة بوقف التلاعب الواضح أمام أعين الناس.
لكن مدير فرع وزارة التجارة في عسير محمد بن أحمد أبوخرشة يلقي بالكرة في ملعب السائقين الذين وصف أغلبهم بالمتعاملين مع السوق السوداء، قائلا: لا نراهم إلا وقت الأزمات. بل وأعتبر من وصفوا بالمقاولين المسيطرين على السوق بأنهم على العكس "فهم المتعاملون الدائمون مع المصنع والملتزمون بإيصال الأسمنت إلى مكان بيعه وبالسعر الذي تحدده وزارة التجارة".
ووصف أبو خرشة منطقة عسير بأنها أفضل منطقة من حيث توفر كميات الأسمنت والتزام الموزعين بالأسعار. وألقى بمسؤولية ارتفاع الأسعار على كاهل المستهلك الذي طالبه بالإبلاغ عن المخالفين لتسعيرة الوزارة. غير أنه اعترف بوجود تجاوزات من قبل عمالة أجنبية تتاجر في السوق وقال إنه سيتم مواجهتها.


رابط الخبر

http://www.alwatan.com.sa/daily/2005.../economy03.htm