النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أرى خلل الرماد وميض نار .. مذكرات وزير سابق ..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    موظف بريد
    المشاركات
    3,481
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    أرى خلل الرماد وميض نار .. مذكرات وزير سابق ..



    ..


    ..


    ..


    في منتصف السبعينيات من القرن الماضي أحيلت إلى الجهات المختصة برقية رفعها سفير المملكة لدى الإمارات محمد المنصور الرميح. كان موضوع البرقية بدء إمارة دبي بناء 76 رصيفاً في جبل علي. والسفير الرميح من أولئك الدبلوماسيين النشطين والحريصين على إحاطة حكومتهم بأهم التطورات في البلدان المعتمدين لديها ووجهة نظره حول تلك التطورات، وقد أثبت ذلك في بغداد والبصرة وبيروت وغيرها.

    كانت المملكة وقتها تعاني أزمة خانقة في موانئها وصلت خلالها فترات انتظار البواخر للتفريغ إلى ستة أشهر بكل ما يعنيه ذلك من غرامات تأخر وتكاليف أخرى يتحملها المستهلك بما في ذلك طائرات الهيلوكوبتر التي شاهدها أهالي جدة وهي تفرغ الأسمنت من أخنان البواخر إلى الأرصفة القليلة المتاحة. رسالة السفير الرميح كانت واضحة: انتبهوا فالمنافسة قادمة وهي من دبي.

    بعد تلك البرقية بما يقرب من 30 عاماً وبعد صلاة العصر من يوم جمعة كان كاتب هذه السطور في جولة وجد نفسه خلالها في أحد أسواق دبي التي يتجمع فيها الآسيويون. كان الزحام مخيفا فعلا ويتوارى أمامه خجلا ما يحدث أيام الجمع في أسواق البطحاء في الرياض. فجأة قفزت أمامي اللوحة التي رسمها كثيّر عزة:
    أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطيّ الأباطح
    الفارق طبعا أن أطراف الأحاديث لم تكن بمشاركة عزة ولا بثينة، وإنما الزميلين في التقاعد من العمل الحكومي عبد العزيز القريشي ومحمد أبا الخيل، وكانت تدور حول ما حدث ويحدث وما قد يحدث في دبي. أما الأعناق فكانت آسيوية.

    عادت إلى الذهن تلك البرقية وتلك الجولة حين نقلت الأخبار أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قيام أربعة آلاف عامل بسد الطرق وإلقاء الحجارة على أفراد الشرطة، وكذلك إضراب عشرة آلاف عامل عن العمل يوم الخميس. حدثت هذه الأعمال في جبل علي والقصيص في دبي، وكانت ردة فعل المسؤول عن الأمن هي أن الحكومة لن تتردد في "جرجرة" مديري الشركات الذين لا يحسنون معاملة عمالهم.

    أعمال التخريب والإضراب وردة فعل الجهات الأمنية تلخص المعضلة العمالية التي تجد دبي نفسها أمامها فهي تتعرض لضغوط منظمات العمل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لإعطاء العمال حق الإضراب وتشكيل النقابات والتفاوض مع أصحاب العمل، وهي في غياب أي تقاليد نقابية راسخة لا تستطيع الاستجابة لتلك الضغوط خشية العواقب.

    ولقد سبق تلك الاضطرابات في دبي ظاهرة التضخم التي تجلّت بصورة خاصة في الارتفاع الكبير في الإيجارات، الذي اضطرت بسببه إلى التدخل وتحديد الزيادات في الإيجار. ها هي دبي إذن وجهة المستثمرين وقلعة الاقتصاد الحر تهدد بـ "جرجرة" مديري الشركات وتحدد الإيجارات.

    هل هذه نذر سوء لدبي ولدول مجلس التعاون؟ لم تعدم دبي طوال انطلاقتها العجيبة من يصرخ في وجهها مرارا وتكرارا: "جاك الذيب" غير أنها لم تعر تلك الصرخات أي انتباه وواصلت تحقيق معدلات نمو وبناء ثروة أثارت دهشة العالم.

    دبي مثال ناصع لما يمكن أن يحققه الاقتصاد الحر والمبادرة الفردية والقيادة النشطة. الشيخ راشد بن مكتوم اتخذ من جمرك دبي مكتبا له وكان بعد قيام دولة الإمارات يتابع بنفسه المشاريع في المناطق المختلفة ابتداء من صلاة الفجر، ويفعل ذلك بانسجام كامل مع الشيخ زايد ثم حمل الشعلة بعده الشيخ محمد بن راشد وأصبحت دبي اليوم الوحيدة بين دول مجلس التعاون بنجاحها في تنويع مصادر دخلها الوطني، حيث لا يمثل البترول أكثر من 7 في المائة من ذلك الدخل. أما على الصعيد الدولي فهي لاعب حاذق يمتلك الموانئ ويسهم في إدارتها من جدة إلى جيبوتي إلى الولايات المتحدة.

    لقد أثبتت دبي مرة تلو أخرى وحتى الآن أن مخاوف المشفقين عليها من كبوات النمو السريع لم تكن في محلها، ولكن ماذا لو تحقق بعض من تلك المخاوف يوما ما؟ ماذا لو تحولت صرخة من صرخات "جاك الذيب" إلى "الذيب في القليب", ألا تستحق مشكلات العمالة والتضخم وتلوث البيئة واختلال التركيبة السكانية التمهل والتقاط الأنفاس والاستماع إلى مَن يقوم بدور المدافع عن الرأي الآخر لاستجلاء ما قد يكون هناك من خلل قائم أو قادم؟

    هناك قلق يبديه أبناء دبي في مجالسهم الخاصة مما يخبئه المستقبل رغم ما ينعمون به في حاضرهم، فنسبتهم بين السكان أقل من 20 في المائة، وهي في تناقص مع ازدياد المشاريع التي تتطلب عمالة كبيرة، وهم يخشون من يوم ينتابهم فيه الشعور بأنهم غرباء في وطنهم. ولعل هذا القلق وجد طريقه إلى صناع القرار فإلى جانب بناء أعلى الأبراج في العالم داخل دبي بدأت أذرع دبي الاستثمارية تتوسع في الاتجاه إلى العالم الأرحب، وربما كان ذلك علامة اقتناع بأن هناك حدودا للطاقة الاستيعابية للاقتصاد. نلاحظ كذلك أن اقتراحا على مستوى مجلس التعاون بوضع حد أعلى قدره ست سنوات لإقامة العمال جاء أخيرا من وفد الإمارات.

    ما يحدث في دبي لا يمكن أن تتجاهله دول مجلس التعاون الأخرى، فالاختلاف في نسب التضخم ووضع التركيبة السكانية مثلا هما موضوع درجات وفترات زمنية. والقاسم المشترك في كل هذه الدول هو الدور الذي يلعبه الإنفاق الحكومي والمهارة في إدارة السيولة في الاقتصاد. وتستطيع تتبع مشكلات التضخم والعمالة وسوق الأسهم والمساهمات العقارية بصورة رئيسية إلى السياسات المالية والنقدية التي تطبقها هذه الدول.

    المرحلة الحالية تتطلب الحكمة والحزم في ضبط الإنفاق الحكومي والالتزام بالخطط الاقتصادية والميزانية, والحذر من المبالغة في أحجام المشاريع استجابة لضغوط المصمم والمقاول والوكيل ومالك الأرض، حيث لكل من هؤلاء مصلحة واضحة في تضخيمها.

    لذا لا بد أن نأخذ العبرة مما يحدث في دبي مهما قلل البعض من شأنه ورأى أنه يمثل حالات معزولة يسهل السيطرة عليها فمنطقتنا تخيم عليها غيوم الإرهاب والصراع الطائفي والتهديد النووي الإيراني ومشكلات التضخم والبطالة والإسكان, ولا نريد أن نضيف إلى ذلك كله مشكلات العمالة الأجنبية, دبي قصة نجاح على المستوى العالمي ويحق لنا نحن الخليجيين أن نفخر بها. وإذا شاب هذه التجربة الوضاءة شائبة فالأولى أن تُزال في بدايتها.

    أرى خلل الرماد وميض نار
    ويوشك أن يكون لها ضرام
    فإن لم يطفها حكماء قوم
    يكون وقودها جثث وهام


    نصر بن سيار

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    مأمور عمليات بريدية
    المشاركات
    1,187
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    لا اعرف ما رد على الموضوع فعلا اخي الفاضل نعاني من مشكلات عده بسبة التطور السريع والنمو الإقتصادي والتنمية الحاصلة الآن ونترقب في خوف من الآتي وماذا سيحل بأبنائنا


    تساؤلات كثيرة تبحث عن اجابة


    لله يستر من القادم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    موظف بريد
    المشاركات
    3,481
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضوى مشاهدة المشاركة
    لا اعرف ما رد على الموضوع فعلا اخي الفاضل نعاني من مشكلات عده بسبة التطور السريع والنمو الإقتصادي والتنمية الحاصلة الآن ونترقب في خوف من الآتي وماذا سيحل بأبنائنا


    تساؤلات كثيرة تبحث عن اجابة


    لله يستر من القادم

    اللهم آمين

    ولا داعي للقلق ابدا فتجربة الامارات ودبي تحديدا هي نسخة المستقبل من سنغافوره ولها من المقومات القوية والحاضرة نتائج مبهرة ومتنامية ..

    ولا بد ايضا من مراجعة الخطط و البحث في المستجدات وسيبقى النجاح سمة دبي والامارات وشعبها الكريم بمشيئة الله ..

    في هذه الآونة الجميع متحفز للتغييرات السريعة في عالم الاقتصاد بفعل اعادة تقييم اسعار الطاقة وهذه التغيرات تحدث ارباكا بحجم العمل التي يتم العمل عليه ايضا في المنطقة ..

    فترة ترقب واعادة ترتيب الاوراق وتعود الامور لسابق عهدها قريبا باذن الله تعالى ..

    محبكم
    التعديل الأخير تم بواسطة abufuzan ; 11-11-2007 الساعة 06:38 PM

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ( كفاحي ) مذكرات موظف بريد سعودي ..!!
    بواسطة abufuzan في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-22-2008, 09:09 PM
  2. ناطر بدل السكن على نار!
    بواسطة ذئب الوادي في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 07-14-2007, 11:42 PM
  3. نهاية مدير سابق ... !!!
    بواسطة إداري في المنتدى ســاحة منسوبي البريــد
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 06-12-2006, 06:33 PM
  4. أطف نار العداوة قبل أن تضطرم
    بواسطة عبدالملك في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-31-2005, 07:58 PM
  5. مذكرات طالبة
    بواسطة Bahar في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-08-2005, 12:51 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
تعرف علينا
الساحة البريدية منتدى لمنسوبي البريد
للتعارف فيما بينهم ، وتبادل الآراء والأفكار
وطرح المشكلات وإيجاد الحلول لها
إن ما يطرح في الساحة البريدية هو تحت مسئولية العضو نفسه ،
والساحة البريدية تخلي مسئوليتها تماما من أي نشر أو طرح غير مسئول ،
ومع ذلك نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة والتحكم بكل ما يطرح حسب استطاعتنا ،
ونرحب بأي تواصل عبر البريد الالكتروني لإدارة الساحة
admin@arapost.com
تابعنا
للتواصل معنا
admin@arapost.com