شركات خاصة تزيد رواتب موظفيها بنسب تتراوح بين 10- 25%




لجأت بعض شركات القطاع الخاص (الأعمال ) إلى زيادة رواتب عامليها بنسب تراوحت بين 10ـ 25 % لتوفير بيئة تنافسية مقنعة ومواجهة تكاليف المعيشة المتزايدة، فيما تدرس شركات أخرى القيام رفع الرواتب أسوة بالقطاع الحكومي.
في المقابل ركزت شركات كبرى على توفير السكن برفع الحد الأدنى لبدل السكن لموظفيها بحيث لا يقل عن30 ألف ريال ابتداء من العام الجاري باعتبار أن الإيجارات أكبر البنود تكلفة في ميزانية الأسرة، بينما جمعت شركات بين إقرار زيادة في الرواتب وبدل السكن معا.
وعلى صعيد تفاصيل تلك الزيادة التي تقررت مع بداية العام قال مسؤول في شركة الزامل للصيانة والتشغيل التجارية لـ"الوطن" إنه تقرر رفع رواتب عدد غير محدود من موظفيها، في حين أوضح رئيس مجلس إدارة الشركة زامل الزامل أن الزيادة جاءت لتواكب ارتفاع تكاليف المعيشة، حرصا من الشركة على توفير احتياجات الموظف، و أضاف "أما فيما يخص مجموعة الزامل فإنها تدرس فعليا زيادة رواتب موظفيها".
وفي شركة أسمنت الشرقية قال مدير عام الشركة الدكتور زامل المقرن لـ"الوطن" إنه تقرر رفع رواتب موظفيها الإداريين والفنيين مبيناً أن الزيادة بلغت 15% للوظائف الدنيا و10% للوظائف العليا.
وبين المقرن أن الشركة هدفت لرفع مستوى دخول موظفيها لمواجهة تحديات التكلفة المعيشية ومتطلبات المنافسة وأضاف " نستهدف انعكاس تلك الزيادة في رفع درجات الرضا لدى موظفينا "
وعلمت "الوطن " أن شركة الأسمنت السعودي التي تتخذ من الدمام مقراً لها قامت هي الأخرى بزيادة مرتبات موظفيها بنسبة وصلت إلى 25% دون أن تتمكن الصحيفة من التحدث مع مسؤول ليضيف تفاصيل عن الموضوع، وعلم أن هدف الزيادة مواجهة بيئة العمل المنافسة وتزايد تكاليف المعيشة.
وفي هذه الأثناء بادرت شركة العثيم القابضة ومجموعة شركاتها إلى رفع رواتب جميع موظفيها السعوديين الذين تقل رواتبهم عن 5000 ريال بنسبة 10% ابتداء من شهر يناير الحالي، وبينت الشركة في بيان لها أن ذلك من منطلق الحرص على توفير بيئة عمل مناسبة ومنافسة لمواجهة غلاء المعيشة.
وعلق صاحب إحدى الشركات الوطنية رجل الأعمال خليفة الضبيب على رفع بعض الشركات رواتب موظفيها أنه سيسهم في مساعدتهم بشكل مؤقت فقط. وأضاف أن إقرار تلك الشركات زيادة الرواتب سيقابله ارتفاع أسعار منتجاتها لرغبة الشركات في تجنب آثار الزيادة، لافتاً إلى أن ذلك سيفاقم من الآثار التضخمية على بقية فئات المجتمع.
وقال الضبيب إن غلاء المعيشة يحتاج إلى جهود من الجهات الحكومية لتوفير الخدمات الهامة وتطويرها بما يناسب احتياجات المواطنين حالياً.
مؤكداً أن الحل الأفضل لمواجه التضخم يتمثل في تخفيض الرسوم الحكومية مثل رسوم الجوازات ورخص القيادة أو غيرها وتوفير المسكن لكل أسرة لأن من شأن ذلك أن يقلل من مصروفات المواطن التي يدفعها مقابل تلك الخدمات الأساسية.
وكانت شركات سعودية كبرى في القطاع الخاص قد عمدت إلى تحسين المستوى المعيشي لموظفيها واختلفت طرقها بين زيادة الرواتب وبين زيادة المخصصات المتعلقة ببدل السكن وابتكرت مؤسسات أخرى بدلاً أطلقت عليه "بدل تكلفة المعيشة" يعاد النظر فيه في المستقبل.
سابك تركز على بدل السكن
أما الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" فقد فضلت التركيز على حل توفير السكن برفع الحد الأدنى لبدل السكن لموظفيها بحيث لا يقل عن30 ألف ريال ابتداء من العام الجاري، و ينص القرار على منح الموظف 3 رواتب بدل سكن، على ألا يقل الحد الأدنى عن 3 ألف ريال. وقد استفاد من هذا القرار الموظفون الذين تقل رواتبهم عن 10 آلاف ريال. ويشار إلى أنه يعمل بشركة "سابك" حوالي 18 ألف موظف تقريبا.
كما قدمت "سابك" 4 رواتب كاملة لموظفيها كمكافأة نهاية العام 2007 والبالغ عددهم 18 ألف موظف تقريبا، وذلك تقديرا لجهودهم ودعما لما حققته الشركة من إنجازات هذا العام 2007.
فيما أقرت مصفاة شركة أرامكو/شل (ساسرف) بالجبيل منح زيادة عامة في الراتب الأساسي لجميع موظفي (ساسرف) بنسبة مقدارها 10%، اعتبارا من 1/1/2008 وعدلت الميزانية المقررة للزيادة السنوية من 5% بحيث تصبح 6% اعتبارا من التاريخ نفسه، كما عدلت سلم رواتب الموظفين السعوديين برفع آخر مربوط بنسبة 15% وبداية المربوط بنسبة 8% من سلم الرواتب السابق وذلك اعتبارا من نفس التاريخ.
كما أقرت الشركة تعديل الحد الأدنى لبدل السكن السنوي لجميع الموظفين من 11 ألف ريال إلى 25 ألف ريال، وإلغاء الحد الأعلى ليصبح مقدار البدل الكامل حسب سياسة الشركة وهو المستحق اعتبارا من 1/1/2008 فضلاً عن تعديل مكأفاة نهاية الخدمة لجميع الموظفين بحيث تصبح: بعد إكمال (25) سنة خدمة متصلة في الشركة يستحق الموظف - راتباً كاملاً عن السنوات الخمس الأولى. (بدلا من نصف راتب) وراتبين عن كل سنة خدمة تلي ذلك بدلا من راتب عن كل سنة, وأكدت الشركة في تعميم لها أنها ستصدر ضوابط تفصيلية بذلك ويعتبر الاستحقاق والتنفيذ من 1/1/2013.
كما أكدت الشركة البدء في إعداد لمشروع تطوير الأراضي التي حصلت عليها الشركة والبالغة 200 قطعة أرض لإدخالها ضمن برنامج تملك المنازل.
وفي ذات السياق وافق مجلس إدارة شركة "سبكيم" على زيادة راتب الدرجة من 9- 15 بنسبة12% والدرجة 16 -19 بنسبة 9% والدرجة 20 وأعلى بنسبة7%، كما شملت القرارات تعديل الحد الأدنى لبدل السكن سنويا إلى20 ألف ريال ومنح إعانة سكن سنوية بواقع راتب شهر ونصف للموظفين الذين يحصلون على بدل سكن يقل عن 40 ألف ريال. وكذلك تعديل الحد الأعلى لبدل المواصلات والنقل إلى 2000 ريال. كما شملت القرارات صرف مكافأة تشجيعية مقطوعة للموظفين تعادل 3 رواتب أساسية ممن هم على رأس العمل حتى نهاية 2007، أما بالنسبة للموظفين الذي التحقوا بالعمل بعد يناير 2007 فستصرف لهم المكافأة عن المدة التي أمضوها من العام نفسه على أساس أجزاء السنة.
أما شركة البولي بروبلين المتقدمة فرفعت الحد الأدنى لبدل السكن للموظفين إلى25 ألف ريال للتخفيف من حدة غلاء الإيجارات بالجبيل، كما تم طلب أراض سكنية من الهيئة الملكية في الجبيل من أجل تخصيصها لموظفي الشركة قريبا.
بدأ الزيادة في البنوك:
وكان البنك السعودي للاستثمار قد قرر تطبيق بدل تكلفة غلاء المعيشة المؤقت لكافة الموظفين بما يعادل 15% من الراتب الأساسي وبدا سريان قرار البنك الجديد في الأول من شهر يناير الحالي ولمدة عام واحد فقط على أن تصرف هذه الزيادة بشكل شهري مع رواتب الموظفين.
وأكد البنك السعودي للاستثمار في قراراه، أنه سيقوم بمراجعة بدل تكلفة غلاء المعيشة المؤقت للنظر في إعادة تطبيقه لفترة أخرى بحسب الظروف المحيطة وبعد الحصول على موافقة جديدة من مجلس إدارة البنك فيما أكدت شركة اتحاد اتصالات "موبايلي"، أن مجلس إدارة الشركة قرر رفع أجور جميع الموظفين بنسب تراوح بين 20إلى 40في % من الراتب الأساسي، وذلك لمساندة الموظفين في مواجهة غلاء المعيشة.

حلول اقتصادية
من جانبهم قدم اختصاصيون ومستشارون اقتصاديون سلة حلول لمواجهة ظاهرة التضخم أحدها رفع مرتبات الموظفين وأبرزها على الإطلاق إعادة تقييم العملة السعودية وربطها بسلة عملات بدلاً من تفرد ربطها بالدولار الأمريكي المتهاوي وتعزيز دور وزارة التجارة الرقابي ووضع سقف لأسعار السلع الأساسية وكذلك تفعيل سياسات مؤسسة النقد ودعوتها للقيام بدورها في كبح التضخم وتنويع سياساتها والعمل على رفع المرتبات.
وتأتي هذه الدعوات في ظل ارتفع معدل التضخم السعودي إلى أعلى مستوياته في عشر سنوات على الأقل في سبتمبر الماضي حيث نشرت أحدث إحصائية بهذا الخصوص مما زاد من الضغوط على أكبر مصدر للنفط في العالم؛ لاحتواء الاستياء المتنامي من ارتفاع الأسعار من دون زيادة الضغوط على العملة المربوطة بالدولار حيث أظهرت بيانات مصلحة الإحصاءات العامة أن الإيجارات وأسعار المواد الغذائية دفعت التضخم في السعودية إلى 4.89% في نهاية سبتمبر/أيلول بالمقارنة مع 4.42% في نهاية أغسطس.
وقال رئيس قسم المالية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد البنعلي إن الحل الأمثل لعلاج ظاهرة التضخم وزيادة الأسعار في السعودية هو فك ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي وإعادة تقييم العملة السعودية وربطها بسلة عملات.
وقال البنعلي في تصريحات لـ " الوطن " إن انخفاض سعر الدولار إثر بشكل مباشر بارتفاع الأسعار بشكل مضطرد مضيفاً أن انخفاض سعر العملة الأمريكية عني بالضرورة ارتفاع كلفة السلع والمواد التي يستوردها السعوديون مبيناً أن تلك السلع تدخل في الدورة الاقتصادية وبالتالي فهي تقود هذه المستويات من التضخم.
وبين البنعلي أن المواد الأساسية والخامات التي تستورد من الخارج هي مقومة بحسب الربط النقدي بالدولار المتهالك حالياً وبالتالي فإن الحاجة ملحة الآن لإعادة النظر في السياسة النقدية "
من جانبه قال رئيس مكتب دراسات الجدوى الاقتصادي الدكتور محمد شمس إن قيمة الريال السعودي أعلى من قيمته المقمومة حالياً.
وقال شمس إن هناك حلين رئيسيين لمكافحة التضخم والارتفاع السلعي الذي أثقل كاهل المستهلك أولهما يتعلق بالسياسة النقدية، لافتاً إلى أن من واجبات مؤسسة النقد العربي السعودي "دراسة لتبيان المظاهر السلبية لأثر انخفاض الدولار على الاقتصاد المحلي وبالتالي الإتيان باقتراحات عملية يأتي على رأسها رفع قيمة الريال بما يتناسب والضغوط التضخمية الذي يتعرض له الاقتصاد".
واستبعد شمس فك الارتباط بالدولار في الوقت الحالي مشيراً إلى أن السلطات النقدية تحتاج لمراقبة أسعار السلع والفائدة والعملات لتقرر الارتباط بسلة عملات، لكنه طالب بعدم التفكير في تعويم العملة السعودية حالياً مشيراً إلى أن هذا القرار يتطلب إدارة محترفة لمواجهة التذبذبات والمضاربات المحمومة.
وفيما يتعلق بالحل الثاني قال "ينبغي على وزارة التجارة إن تبدأ فوراً في إجراءات حقيقية لوضع سقف إلزامي على أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية بما يضمن عدم التأثير على دخل المستهلك ويكفل للتاجر ربحاً معقولاً مشيراً إلى أن الدعم الحكومي لوحده ليس كافياً لكبح جماح الأسعار مستشهداً بموقف الصين في الأسبوع الماضي حين وضعت سقفاً لأسعار سلع استهلاكية هامة.
من جانبه أرجع المستشار الاقتصادي الدكتور سالم القظيع نشوء التضخم إلى تحسن أحوال أسواق الطاقة الذي زاد من عوائد الحكومة، وهذا بدوره أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي وأضاف " للأسف لم تستعد المنظومة الاقتصادية في المملكة لهذه العوائد وتجهز الاقتصاد للتفاعل مع الزيادة من خلال زيادة مساهمة القطاع الخاص في العملية الإنتاجية بالشكل الكافي، ومن خلال التقليل من أعباء البيروقراطية أمام الاستثمار المحلي والأجنبي وهذا أضعف من مرونة الاقتصاد في التعامل مع هذه الأموال وساعد في تحجيم الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني نسبياً".
وبين القظيع أن ضعف أداء الجهاز الرقابي الحكومي في التعامل مع مجريات السوق أدى إلى ظهور حالات من الجشع أصابت قطاعات هامة كقطاعات التجزئة والقطاع العقاري، مما عمق من وتيرة ارتفاع التضخم. لا سيما أن منتجات هذه القطاعات من سلع وخدمات تستقطع جزءاً مهما من إنفاق الأسرة السعودية.
وأضاف أن جزءا من التضخم قد ينشأ لأسباب خارجة عن إرادة المنظومة الاقتصادية المحلية، وهنا يأتي دور التضخم المستورد. حيث بلغت قيمة واردات المملكة في عام 2006 حوالي 402 مليار ريال. وهذه "التشكيلة" من السلع والخدمات المستوردة قد تتغير أسعارها في بلد المنشأ لسبب أو لآخر. غير أنه لا بد من التنويه إلى أن تغيرات أسعار الصرف أيضاً قد تكون سبباً خلف ارتفاع تكلفة الواردات وهذا سيؤدي إلى تعميق آثار التضخم المستورد.
وعن اتجاه التضخم قال الدكتور القظيع احتمالات أن يتجاوز معدل التضخم 7% بنهاية عام 2008 وارد بشكل كبير، كما قد يلامس حاجز 9.8% بنهاية 2009 إذا لم يتم التحرك جدياً لاحتوائه. فالزيادة التي طرأت على أسعار عدد من السلع والخدمات وبالأخص تلك المتعلقة بالعقارات سواء السكنية أو التجارية لا تتسم بكونها ارتفاعات لحظية بل هي في الأرجح بداية الطريق لارتفاعات أخرى.
وعن الحلول قال القظيع إنها تتمحور في أن تقوم مصلحة الإحصاءات العامة وبشكل سريع بإعادة بناء منهجية احتساب التضخم والتوسع فيها، حتى يتسنى محاسبة الجهات الحكومية الأخرى وفق أرقام أكثر دقة من الأرقام الحالية وإعادة النظر في أداء وزارة التجارة، وتوسيع الرقابة على الأسعار إجمالاً. وربما هنا قد يلزم الأمر أن تقوم الحكومة بوضع آلية "لقمع الأسعار" التي ترتفع دونما مبرر منطقي. وهذا قد يكون أقرب الحلول وأكثرها قدرة على امتصاص احتقان المواطن السعودي.
كما دعا لتسهيل تدفق السيولة في الاقتصاد السعودي من خلال توسيع القنوات الاستثمارية القادرة على امتصاصها، هذا التوسيع لن يتم إذا حافظت البيروقراطية على عنفوانها الحالي، والعمل على إرساء أسلوب جديد للسياسة النقدية كون الوسائل المتاحة الآن تكاد تكون معدومة في ظل الالتزام بسعر صرف ثابت، ودعا أيضاً للتعامل مع البطالة بمزيد من الجدية، كونها يجب أن تتقلص حتى يتم امتصاص جزء من الآثار السلبية لارتفاع الأسعار من خلال زيادة القدرة الشرائية للأسر السعودية. منقول جريدة الوطن الاربعاء21محرم