درجات الطلاب في ميزان الذهب
يغص الواقعي التعليمي والتربوي بكم هائل من الموبقات التي صُبت اغلبها في اطر أطلقوا عليها النظم والتعليمات والقوانين وغيرها من المصطلحات التي تضفي الصبغة الشرعية على بعض (الجرائم) التي نصت تلك القوانين والتعليمات على براءة بل وإثابته من ارتكبها وعاقبت المدرس أو المعلم الذي تنزه عنها وتهاون في تنفيذها!! ولدينا هذه الوقفة مع بعضها...إننا على امتداد العام الدراسي وفي كل اجتماع تربوي على مستوى الإشراف أو الإدارة أو الهيئات التدريسية لازلنا نسمع ومنذ عهد بعيد الشعار الذي أصبح نشيداً خالداً بمرور الأيام (ابتعدوا عن الدرجات اليائسة،وتجنبوا الدرجات الحرجة)... مع مختلف التعقيبات الخادعة التي يدلون بها تأييدا لتبني هذه الفكرة وزعماً منهم في أنها تصب في مصلحة الطلبة... ومن حقنا أن نتساءل : هل من العدل والإنصاف في شيء أن يعطى الطالب المقصر في أداء واجباته والذي حصل على درجة هي دون العشرين غالباً درجة قد تتجاوز الأربعين أحيانا في الوقت الذي يعطى من حصل على الثلاثين أو الأربعين درجة (بكد يمنه) عين درجته دون زيادة فيتساوى بذلك الأدنى والأعلى ؟! وهل يجب إطاعة هكذا قوانين شرعاً بناءاً على فتوى من يفتي بوجوب إطاعة قوانين الدولة ودوائرها الرسمية ؟! وحتى لو تمت (( مساعدة)) جميع الطلبة بنسب متقاربة فهل ستتسم الدرجات المعطاة بشيء من المصداقية ؟! وهل التهاون في إعطاء الدرجات للطلبة وعدم الشدة فيها هو مما يسهم في إنجاح العملية التربوية والعلمية أم إن ذلك مما يقضي عليها من الجذور؟!ولو تنزلنا (ولن نتنازل أبدا) أن في ذلك نوع من مساعدة الطلبة وتحفيزهم لتحسين مستوياتهم واعطائهم فرصة اكبر لذلك،الا يكون من حصل على درجات أعلى هو أولى بالتشجيع من غيره؟إن جمعاً كبيراً من المعلمين والمدرسين يرى ان عملية اعطاء الدرجات بهذا الأسلوب تؤكد أن العملية بأغلب جوانبها مبنية على أسس جوفاء من الأكاذيب البراقة التي ساعدت من قريب أو بعيد على الاستهزاء بالتعليم وفقدانه لمكانته المرموقة التي يفترض إن يكون فيها..وعجباً لقولهم (ماذا سيحصل لو أضفت بعض الدرجات للطلاب ؟ هل ستعطي من جيبك ذهباً؟!)فإلى وزارة التربية.. والى كل مدرس ومعلم يحترق ناراً من اجل طلابه .. والى كل منصف لا يرى بغير عين الحق والعدل: أيهما أغلى في ميزان العلم والعمل والأخلاق هل الدرجة التي ينالها الطالب عن جدارة واستحقاق بعد جهد وإخلاص أم ذهب الدنيا بأسره ؟!!