بتوحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه- كانت بداية التحول الحضاري الكبير والانطلاقة الرائدة في جميع المجالات؛ فقد استطاع المؤسس لهذا الكيان الكبير بحنكة وقوة الإرادة أن يقهر المستحيل، ويذلل الصعاب، وأن يصنع من هذه الرقعة المترامية الأطراف كياناً واحداً متآلفاً ومتجانساً، لتبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار والرخاء، والتطور والبناء، هي ثمار مرحلة سابقة زاهرة بالتضحية والعطاء والبطولة والفداء.

لقد بدأ الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - مسيرة التأسيس والبناء معتمداً على الله أولاً، ثم على عزيمة وإرادة الإنسان، فكان العنصر الرئيس في معادلة البناء في ظروف صعبة متواضعة الإمكانيات، قليلة الموارد المادية والبشرية، وكان التلاحم النابع عن الإخلاص والإحساس الصادق والانتماء لإنسان هذا الوطن عاملاً رئيساً في صنع تاريخ وحضارة الوطن، وها هو الصرح الذي وضع الملك عبد العزيز لبناته الأولى يعلو إلى عنان السماء، بعد أن واصل أبناؤه البررة ما بدأه القائد الرائد لتنهض هذه البلاد بدورها الحضاري، ومسؤولياتها التاريخية على المستوى الإقليمي والدولي، حاملةً راية التوحيد ومبادئ وقيم الإسلام العظيمة، ولتمارس دورها الإيجابي الفاعل على كافة المستويات.

إن اليوم الوطني ليس مناسبة، بل ذكرى زاخرة بكل المعاني والدلالات التي تجسد معنى الوطن والمواطنة الصادقة. ويعوزني في هذه المناسبة التاريخية المجيدة أن أُشير بكل فخر واعتزاز إلى النقلة النوعية والإنجازات الكبيرة التي أُحرزت في مجال الخدمة البريدية، وما حققته من انتشار في كل أرجاء المملكة، وأن أُشير إلى الدعم اللامحدود الذي تحظى به هذه الخدمة من حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. فبفضل هذا الدعم استطاعت مؤسسة البريد السعودي أن تطور خدماتها لتواكب النهضة التي يحققها الوطن على كافة الأصعدة التنموية. كما لا يفوتني أن أهيب بالزملاء في الأسرة البريدية أن يضاعفوا من جهودهم للارتقاء بمستوى الخدمة البريدية وفاءً للوطن في يومه المجيد، الذي أسأل الله تعالى أن يعيده علينا كل عام والوطن يزهو بالخير والنماء، وأن يعيننا جلت قدرته على تحقيق طموحات وتطلعات ولاة الأمر -حفظهم الله- الرامية إلى تدعيم نهضة المؤسس، وترسيخ عزَّته ومكانته العظيمة؛ إنه سميع مجيب.


* رئيس مؤسسة البريد السعودي

د.محمد صالح بن طاهر بنتن(*)

9شعبان 1425