بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

بين الفينة والاخرى نطلع على بعض المواضيع التي تتناول امور وهموم الموظف او المواطن على حد سوى , ان كان بالظلم او الاضطهاد او الفساد الاداري و المحسوبية التي هي محور حديثنا لكي نريح بعض الاقلام التي اشقاها المقال ,,, والمضحك المبكي ان جميع ما يكتب او يدرج من مواضيع لاتجد سوى ارشيفات المنتديات فقط ولا حياة لمن تناداي !!!!!
الحديث عن المحسوبيات و الفساد، حديث ذو شجون، فإن كنا نلاحظ ان ظاهرة المحسوبيات والفساد موجودة في أكثر الدول النامية، او دول العالم الثالث، في معظم دوائرها و مؤسساتها فإن ذلك لا يعني عدم وجودها، أو اختفائها في الدول المتقدمة، لكن أشكال الفساد والمحسوبية تختلف دوما من مجتمع الى آخر. فهناك فساد تراه وتشعر به على مستوى الشارع، وهناك فساد مخفي، ربما يكون أكبر بمئات المرات من الفساد الظاهر في الشارع.
والحكومات الرشيدة طبعا تسعى للقضاء على ظاهرة الفساد وأن تضع على رأس أولوياتها موضوع القضاء على هذه الظاهرة ، لكننا لم نسمع عبر التاريخ والعصور المختلفة بأنه قد تحقق أي نوع من النجاح لأي كان في القضاء نهائيا على تلك الظاهرة.
بعض الدول أدارت منظومة الفساد في بلادها بطريقة طريفة، ملخصها: « إفعل ما تريده سرا، ولكني إذا ضبطتك متلبسا، أو إذا وصل الموضوع الى الإعلام فسأخرب بيتك» !!... وبعض الدول تباهت بأنها قللت نسبة الفساد في منظومتها الادارية من 80% الى 40% واعتبرت ذلك إنجازا ! وبعض الدول قاومت الفساد أو الرشوة على مستوى صغار الموظفين وحاكمتهم، بينما حمى نظامها كبار المسئولين من مبدأ المسائلة قبل الحديث عن موضوع المحاكمة!
على مستوى الدول المتقدمة، يلعب الاعلام دورا هاما في الكشف عن ظاهرة المحسوبية و الفساد ومقاومته، ويبقى الاعلام مشغولا ومتابعا لأية قضية فساد حتى تنظر فيها المحاكم وتصدر حكمها .. يكون المواطن دوما على اطلاع بالمستجدات في تلك القضايا، أما في الدول المتأخرة، فكثيرا ما يتم « طبطبة « الموضوع، وتأجيل البت فيه قضائيا على أمل أن ينسى الناس الموضوع، ويتم التحايل على النظام القضائي، أو ايجاد فتوى ما لتبرير هذا الفساد، أو ايجاد ضحية ما من الصغار»وتلبيسه» قضية واضحة المعالم متلبس بها أحد « الكبار» . وفي أحيان أخرى يتم تحييد الإعلام، أو حتى منعه من الاستزادة في الحديث عن هذه القضية أو تلك.
كل نظام اداري جديد يأتي للادارة في العالم الثالث يتهم سابقه بالفساد، وبأنه أهدر أموال الدولة، وبعد فترة وجيزة قد تمارس هذه الادارة الجديدة نفس ممارسات من سبقه، ففساد الادارات القديمة حرام وفساد الادارة الجديدة حلال، حتى يأتي من «يستفسدهم»!والتجارب كثيرة في هذه الامور .
إن الفساد بشكل عام ظاهرة ثقافية سيئة، وعلى مستوانا نحن هنا ، لم تستطع مناهجنا التعليمية أن تغرس قيم الشفافية ومناهضة الفساد بين الاجيال في مراحل التعليم المختلفة، ولم تستطع برامجنا الثقافية زيادة الوعي بين السكان، ولم يستطع الاعلام أيضا توجيه برامج للتعريف أولا بالفساد ومضامينه وأشكاله، حتى يوجه الناس، لعدم ممارسة الرشوة ، والابلاغ عن كل من يطلب رشوة، أو التوقف عن ظاهرة «الواسطة» ، أو ظاهرة البحث عن «مفتاح» هذا المسئول أو ذاك، والبحث عمن «يمون» على هذا المسئول أو على مفتاحه!
يجب أن يكون لدينا ادارة متخصصة في معالجة منظومة الفساد المستشرية إجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا .. ويجب أن لا نضع لهذه الادارة سقفا عاليا من التوقعات، فالمشوار طويل، والطموحات كبيرة والمعوقات أكبر.. وتقليل نسبة الفساد المجتمعي 10% مثلا يعتبر إنجازا ! هذه الادارة يجب أن يكون سلاحها بالطبع مركز على البرامج التعليمية والثقافية والاعلامية..

والله ولي التوفيق