هل سبق وان استلمت رسالة أو بريداً إلكترونياً، من غريب في نيجيريا بالذات أو أية دولة افريقية مجاورة لها، يعدك بملايين الدولارات في انتظارك أو سيارات فارهة فزت بها، وما عليك إلا بعث معلوماتك الشخصية له أو لهم ورسوم مالية من اجل بعث المبلغ الفلكي أو الجائزة لك؟! المشكلة أن البعض من الناس في عدة دول متفرقة من العالم انطلت عليهم تلك الألاعيب واستجابوا لتلك الأكاذيب واكتشفوا أن عليهم أن يدفعوا مبالغ أو رسوماً من اجل استلام تلك الملايين وعند إرسالهم للرسوم طلب منهم رسوم ثانية ثم رسوم ثالثة ورابعة ...الخ، حتى جعل المجرمون هؤلاء السذج المغفلين يستسلمون للأمر الواقع وينسون أنهم وقعوا ضحايا احتيال وابتزاز. واقع الحال يقول لنا انه لا احد استلم تلك الملايين بل بالعكس خسر هؤلاء المستجيبون الكثير من الأموال والبعض تم قتلهم من خلال استدراجهم بتلك الحيل! وهذا ما يطلق عليه احتيال ودجل وخداع متقدم تم تصنيعه وتغليفه في نيجيريا والدول المجاورة لنيجيريا . وبالتالي ما عليك عند استلامك لأي رسالة أو بريد الكتروني إلا تمزيق الرسالة ورميها في سلة المهملات أو مسح ما استلمته من بريدك الالكتروني لأنه طرد ملغم من فيروسات الأكاذيب والحيل والابتزاز. أما لماذا أطلق عليه الرقم (419)؟ الإجابة هي أن هذا هو الاسم الشائع لهذا الرمز (419) وهو رمز جزائي موجود في نظام العقوبات النيجيرية، وبذلك صنف المحتالون تحت هذا الرقم، ولكنه بشكل خاص يمنع ويحرم هذا النوع من الجريمة بناء على القانون النيجيري ولذلك سمي بهذا المسمى وأعطي هذا الرمز أو الرقم.
بالطبع الغش والخداع والدجل والاحتيال من الصعب إيقافها ولكن بالإمكان أن نجعل بضاعة هؤلاء النصابين كاسدة، ونجعلهم كذلك يضيعون الوقت وجعله عبثيا دون جدوى وهذا ما يطلق عليه بالمصطلح الانجليزي (scam baiting) والذي يهدف إلى إيقاف إرسال الرسوم المالية أو أية مبالغ مالية أخرى تحت أي مسمى لهؤلاء المحتالين الدجالين الذين يحملون بامتياز الرقم (419) والذي ابتز مئات الملايين من الدولارات من الضحايا المغفلين الذين لا يحميهم القانون بالطبع.
مناسبة الرقم 419 يعود وعيي فيه وإدراكي له منذ عام 2000م فقط والذي أعطى هذا الرقم للنيجيريين هو البريد الأمريكي، وكتبت عنه قبل عدة سنوات في مجلة اليمامة الموقرة من اجل التوعية وبخاصة رجال الأعمال وعامة الناس والمغفلين منهم للحذر من العصابات الإفريقية وبخاصة النيجيرية منها، ولكن ما جعلني اكتب عنه الآن هو أنني ربحت خلال شهر سيارتين بي أم دبليو!! موجودة في كراج السيارات ولكن الخاصة بالشركة ولم تسلم لي بعد وسبعمائة وخمسين ألف جنيه إسترليني مع كل سيارة بالطبع مازالت في احد البنوك!! والبركة في بريدين الكترونيين وصلاني من مجهولين: الأول يقول، وهي العبارة المستخدمة دائما ، «تهانينا لقد فزت بسيارة بي. أم. دبليو. ومبلغ وقدره سبعمائة وخمسون ألف جنيه إسترليني»!!.
والثاني ، قبل أسبوع، تقول العبارة نفسها «تهانينا لقد فزت باليانصيب «lottery» بمبلغ وقدره مليونان ونصف المليون دولار أمريكي وذلك بالسحب عن طريق بريدك الالكتروني الذي فاز هو وليس أنا ؟»، (وانتبهوا أيها القراء الأعزاء لبقية الكلام)، بأنني فزت من ضمن مئة فائز (ياسلام) والرجاء أن تحتفظ برقم التذكرة وغيرها من الأرقام عندك سرية ولا يطلع عليها احد وإلا فان الجائزة سوف تنتقل إلى غيرك»!!. ولكن المريح للنفس أن عقالي وشماغي وطاقيتي لم تطر من على رأسي من شدة الفرحة لان من أعطاهم هذا الرقم أو الرمز (419) وفضح هذه العصابات الإفريقية والنيجيرية بالذات أبلى بلاء حسنا. جرائم الكمبيوتر الآن حلت محل رسائل النيجيريين التي تمتلئ بها مكاتب البريد العالمية وأصبحت جرائم الحاسب (cyber crimes) سيدة الموقف وأبطالها معروفون ومتمرسون بالاحتيال وذلك بجعل الدولارات تتوالد، أي عملية استنساخ على أيدي عصابات نيجيرية تقوم بتحويلها إلى دولارات أمريكية وهذا بالطبع قمة النصب.
الهاتف المحمول أصبحنا نستلم عليه مكالمات سريعة مقطوعة تذهب إلى خانة «مكالمات لم يرد عليها» وهذه أيضا خطورة أخرى فعندما ترى الرقم من خارج المملكة لا ترد عليه إطلاقا ولا تحاول الاتصال على تلك المكالمات الغريبة.
المطلق عليهم الرقم (419) أصبحوا الآن جزءاً لا يتجزأ من الجريمة المنظمة والجرائم العابرة للحدود وبالتالي يجب علينا محاربتهم ومكافحتهم لأنهم مجرمون محتالون نصابون علينا مسؤولية متابعتهم وكشف حيلهم وزيفهم وطرق نصبهم واحتيالهم.
من منا يصدق هؤلاء الغرباء المحتالين؟، ومن منا يصدق أن سيارات جديدة من ماركات عالمية مشهورة وأموال تنتظرك سوف تعطى لك؟ المنطق يقول لنا لو أن هناك سيارات فارهة وأموالاً طائلة بالملايين فان من يهنئك بالفوز بها هم في واقع الحال الأولى بها هذه بديهة يجب أن يعرفها كل شخص مهما بلغت نسبة ذكائه.
من منا يتوقع أن شخصًا يبشرنا بأموال وسيارات وجوائز بتلك الأرقام الفلكية ويطلب منا مقابلها مبلغًا ماليًا كرسوم في حين أنهم يبعثون لنا الملايين!!.. أمر غريب ولا يمكن بلعه ولا هضمه فما بالك بتصديقه عقليا.
نخلص إلى القول انه إذا تكاتفت الجهود الإعلامية من قبلنا ككتاب وإعلاميين في توعية المجتمع عن هذه الصناعة النيجيرية الخبيثة، وكذلك الجهود المبذولة من قبل الشرطة المحلية ورجال المباحث الإدارية بالتنسيق مع الشرطة الدولية فانه بالإمكان ملاحقتهم والقبض عليهم وتسليمهم للعدالة. فالذي يجعل أعمال هؤلاء المجرمين عبثية ولا طائل منها هو الوعي بأساليب الاحتيال والابتزاز والضحك على الناس ومتى ما وعينا ذلك واتعظنا بمن تم ابتزازهم والضحك عليهم فان ذلك هو خط الدفاع الأول للوقاية منهم وعدوانيتهم وشرورهم.
بريدنا السعودي عليه إرجاع أية رسائل قادمة من أفريقيا وبخاصة نيجيريا وما جاورها أسوة بالبريد الأمريكي الذي كشف طريقة النصب هذه قبل أكثر من عشر سنوات وأصبح يرجعها من حيث أتت. فالبريد أيضا من جانبه عليه حماية أفراد المجتمع من مواطنين ورجال أعمال وغيرهم من هذا العبث النيجيري وغيره من المتخلفين الذين يستخفون بآدميتنا. كما أن مستخدمي الانترنت عليهم من خلال مواقعهم فضح تلك الأساليب المكشوفة التي تنم عن استخفاف بعقولنا وآدميتنا إلى جانب وسائلنا الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية ولكن يبقى الرقم 419 محفورا في الذاكرة ولا يمكن نسيانه البتة لان هناك سيارات وملايين من الدولارات والجنيهات الإسترلينية بانتظارنا وما عليك إلا أن تكون مغفلا بجميع المواصفات والمقاييس!!د. سلطان عبد العزيز العنقري00000000000
مقالة رائعة من النوع الذي يزودك بمعلومات مدروسة وقيمة ، يحتاجها الكثير من الناس وبخاصة الطامعين في الحصول على الثروة السريعة الهابطة من السماء http://al-madina.com/node/123274