مصلح جميل
ساعي البريد والمخدرات
وصلني قبل بضعة أيام طرد بريدي من السعودية إلى عنواني هنا في أمريكا. كان يفترض أن يصل كما وعد الموظف الذي استلم الطرد بعد أربعة أيام، ولكنها أصبحت عشرة أيام. هذا وهو مرسل بخدمة السريع وبمبلغ 130 ريالاً. القضية ليست التأخير ولا التكلفة المبالغ بها مقابل خدمة تعيسة ولكن المثير للتساؤل هو عبارة ختمت على الطرد تقول باللغة العربية "المخدرات سلاح أعدائنا لإفساد شبابنا، مع تحيات إدارة البريد" هذه العبارة التي قد يراها البعض لا تستحق الاهتمام إلا أنها توضح صورة من آليات إدارة البريد وتسويق خدماته.
ولن أضيف على ما قاله الأستاذ قينان الغامدي في مقالاته الاحتفالية الواعية بالبريد وأهميته، وشكره لمديره -الدكتور محمد بنتن- وهو يستحق ذلك، من إدراكي لأهمية ما يقوم به، ولكن قضيتي هنا هي تسليط الضوء على مسألتين. الأولى، أن هكذا عبارة تقليدية من بقايا حملة الثمانينيات الميلادية حينما بدأت السيدة نانسي ريقان حملتها الاجتماعية بعبارة "فقط قل لا للمخدرات" لتنتشر في كل أرض ثم تلقفتها رعاية الشباب، ثم جدران المدارس وها هي المخدرات تبدو أكثر انتشاراً والله أعلم. هذه العبارة التي أفترض أنني الوحيد الذي قرأها على ذلك الطرد، ماذا تريد؟ ومن هو جمهورها؟ هكذا عبارة يفترض أن يراها الدكتور بنتن كدليل على مدى وعي إدارة تسويق خدمات البريد. وكما أراها، فهي تقول إن البريد بحاجة إلى إزاحة أعداد كبيرة من موظفيه القدماء وإحلال أفكار وطاقات جديدة مثل ما فعلت شركة الاتصالات سابقا.
المسألة الثانية، هي أنني مؤمن أن مجتمعنا يخاف من كل شيء. وصندوق البريد أضاف فوبيا جديدة ليس إلا، وهي "فوبيا واصل" لذا فالقضية المهمة لتأسيس خدمات بريدية هي إصدار قانون يجرم كل من يعبث ويرفض صندوق البريد. ولا أدري ما المانع لذلك، ففي أمريكا بلد القوانين، يعتبر فيها تخريب أو العبث بصندوق البريد جريمة فدرالية، أي أنها من أشنع الجرائم! لذا نحن بحاجة إلى قانون له رهبة وتطبيق. وقانون إلزامي بأن يكون لكل منزل وعمارة وصندقة وعشة صندوق بريد، وبدونه لا يحصل المواطن على أي وثيقة رسمية. http://www.alwatan.com.sa/news/write...3360&Rname=300