قصيدة غراء لأستاذ سوداني سابق بجامعة الأزهر يدعى { إبراهيم بديوي } ، أعجبتني جدا ، لكن لطولها أحببت اختيار ونشر بعض من أبياتها هنا :
[poem=font="Simplified Arabic,4,skyblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/22.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="1,blue"]
ياغافر الذنب العظيم وقابلا = للتوب: قلب تائب ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي = حاشاك ترفض تائبا حاشاك
يارب جئتك نادماً أبكي على = ما قدمته يداي لا أتباكى
أخشى من العرض الرهيب عليك يا = ربي وأخشى منك إذ ألقاكا
يارب عدت إلى رحابك تائباً = مستسلما مستمسكاً بعراكا
مالي وما للأغنياء وأنت يا = رب الغني ولا يحد غناكا
مالي وما للأقوياء وأنت يا = ربي ورب الناس ماأقواكا
مالي وأبواب الملوك وأنت من = خلق الملوك وقسم الأملاكا
إني أويت لكل مأوى في الحياة = فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة = فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً = فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أو فليسخطوا = أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
أدعوك ياربي لتغفر حوبتي = وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي = ماخاب يوما من دعا ورجاكا
يارب هذا العصر ألحد عندما = سخرت ياربي له دنياكا
علمته من علمك النوويَّ ما = علمته فإذا به عاداكا
ما كاد يطلق للعلا صاروخه = حتى أشاح بوجهه وقلاكا
واغترّ حتى ظن أن الكون في = يمنى بني الانسان لا يمناكأ
أو ما درى الانسان أن جميع ما = وصلت إليه يداه من نعماكا؟
أو ما درى الانسان أنك لو أردت = لظلت الذرّات في مخباكا
لو شئت ياربي هوى صاروخه = أو لو أردت لما أستطاع حراكا
يأيها الانسان مهلا واتّئد = واشكر لربك فضل ماأولاكا
واسجد لمولاك القدير فإنما = مستحدثات العلم من مولاكا
الله مازك دون سائر خلقه = وبنعمة العقل البصير حباكا
أفإن هداك بعلمه لعجيبة = تزورّ عنه وينثني عطفاكا
إن النواة والكترونات التي = تجري يراها الله حين يراكا
كل العجائب صنعة العقل الذي = هو صنعة الله الذي سواكا
والعقل ليس بمدرك شيئا اذا = مالله لم يكتب له الإدراكا
لله في الآفاق آيات لعل = أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته = عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا = حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى = ياعارف الأمراض : من أرداكا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما = عجزت فنون الطب : من عافاكا؟
قل للصحيح يموت لا من علة = من بالمنايا ياصحيح دهاكا؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة = فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام = بلا اصطدام : من يقود خطاكا؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا = راع ومرعى : ماالذي يرعاكا؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء = لدى الولادة : ماالذي أبكاكا؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه = فاسأله : من ذا بالسموم حشاكا؟
وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو = تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت = شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟
بل سائل اللبن المصفى كان بين = دم وفرث ماالذي صفاكا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا = مّيّتٍ فاسأله: من أحياكا؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً = فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً = فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا؟
قل للنبات يجف بعد تعهّد = ورعاية : من بالجفاف رماكا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو = وحده فاسأله : من أرباكا؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا = أنواره فاسأله : من أسراكا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد = كلّ شيء ماالذي أدناكا؟
قل للمرير من الثمار من الذي = بالمر من دون الثمار غذاكا؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى = فاسأله : من يانخل شق نواكا؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها = فاسأل لهيب النار: من أوراكا؟
وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً = قمم السحاب فسله من أرساكا؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال = جرى فسله؟ من الذي أجراكا؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج = طغى فسله: من الذي أطغاكا؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا = فاسأله : من ياليل حاك دجاكا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً = فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا؟
هذي عجائب طالما أخذت بها = عيناك وانفتحت بها أذناكا!
والله في كل العجائب ماثلُ = إن لم تكن لتراه فهو يراكا؟
يا أيها الإنسان مهلا ماالذي = بالله جل جلاله أغراكا؟
حاذر إذا تغزو الفضاء فربما = ثآر الفضاء لنفسه فغزاكا؟
اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً = أو مستغلا باغيا سفاكا
إياك ان ترقى بالاستعمار في = حرم السموات العلا إياكا
إن السموات العلا حرم طهور = يحرق المستعمر الأفاكا
اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح = إن في تعوبقهن هلاكا!
إن الكواكب سوف يفسد أمرها = وتسيء عقباها إلى عقباكا
ولسوف تعلم أن في هذا قيام = الساعة الكبرى هنا وهناكا
أنا لا أثبط من جهود العلم أو = أنا في طريقك أغرس الأشواكا
لكنني لك ناصح فالعلم إن = أخطأت في تسخيره أفناكا
سخر نشاط العلم في حقل الرخاء = يصغ من الذهب النضار ثراكا
سخره يملأ بالسلام وبالتعاون = عالماً متناحراً أفّاكا
وادفع به شر الحياة وسوءها = وامسح بنعمى نوره بؤساكا
العلم إحياءُ وإنشاءُ وليس = العلم تدميراً ولا إهلاكا
فإذا أردت العلم منحرفاً فما = أشقى الحياة به وما اشقاكا[/poem]