قبل أيام، عرضت فقرات من كتاب المستعرب الياباني نوبواكي نوتوهارا الصادر مؤخراً بعنوان "العرب وجهة نظر يابانية" وفيه رؤية اختراقية لمجمل سلوكنا الاجتماعي العام، الذي رصده هذا الياباني المحب للعرب، بعد سنوات طوال من المعاشرة لشرائح متفاوتة، في مجتمعاتهم المدينية والريفية والبدوية.
من جملة ما يأخذه نوتوهارا على العربي.. انه قلما يعترف بالخطأ، لاحساسه بأن ما يعمله هو الصحيح دوماً!! بينما يشير إلى شعبه الياباني، وقد اكتشف أخطاءه التي جرته إلى الكوارث مع نفسه ومع الآخرين، فطفق يصححها بعدما نزلت عليه النوازل من كل صوب..
لقد كان اعتراف اليابانيين بأخطائهم هو ما قادهم إلى تجاوزها، وتجاوز حالة واسعة من التخلف الحضاري في بلادهم.. إلى حيث أصبحوا اليوم مجتمعاً ناهضاً على مستوى التجربة الإنسانية في العصر الحديث، بما أنجزوه من إبداع تقني ومساهمة حضارية، أوقفتهم على مستوى التحدي مع أعدائهم.
وجدت نفسي أستدعي هذه الصورة الأخلاقية الفائقة في النقد الذاتي.. وأنا أنتهي من قراءة رد مدير عام بريد منطقة الرياض المنشور هنا قبل يومين، علي مقالي "محاولة في هجاء بريد الرياض"..
لقد هالني مستوى الثقة، في رده، حتى ظننت أن كل من تناول بالنقد أداء إدارته الموقرة من الكتاب والقراء، هم على خطأ، وسعادته الوحيد على صواب!
هذه العقلية القطعية المالكة للحقيقة المطلقة، هي ثمرة واقع اجتماعي وثقافي وتربوي، نخضع جميعاً لمؤثراته.. إذ أننا نادراً ما نعترف بأخطائنا.. وكأن ذلك هو الخطأ بعينه لا الصواب! الذي تدعو قيمنا الإسلامية إلى تمثله بقول الحق ولو كان مراً.
ولكن ماذا يفعل المرء أمام مغالطات السيد المدير العام؟!
لقد أشار إلى اشتراكي في صندوق بريد الملز منذ عام 1406هـ.. وهو يخصني - كما ذكر - بالرقم والرمز.. إذن ماذا يقول في استمرار وصول رسائل لا تخصني.. وعليها نفس رقم صندوق بريدي ورمزي الخاص؟! كما بينت ذلك أكثر من مرة في تهميشاتي على بعض تلك الرسائل الخاصة بمحمد أحمد يوسف زينل علي رضا، التي لا تزال تصل إليَّ على نفس الرقم والرمز حتى ساعته.. وهي رسائل صادرة إليه من البنك السعودي البريطاني - الإدارة العامة - عمليات الاستثمار - الرياض.
علماً بأنه سبق وأن أتتني رسائل تخص عصام الدين محمد هاشم.. وهي صادرة من البنك العربي الوطني - الإدارة العامة - الرياض.. وتوجد لدي نماذج من هذه الرسائل.
إن سعادته ينكر عدم اشتراك آخرين في رقم صندوق بريدي ورمزي الخاص.. فكيف أتتني إذن رسائل هذين الأخوين على رقمي البريدي، ورمزي الخاص بشكل متواصل، رغم تنبيهي مدير بريد الملز إلى ذلك أكثر من مرة؟!
يقول سعادة مدير عام بريد منطقة الرياض: إذا كانت ثمة رسائل تأتي على نفس بريدي المشترك، فما على هذا إلا أن يشرح عليها ويعيدها إلى صندوق المعادات.. ليقوم الموظف المختص بإعادة إرساله إلى الجهة المرسلة، موضحاً سبب الإعادة بناء على شرح المشترك حتى يتم ملاحظة ذلك من الجهة الراسلة.. ويأخذ عليّ سعادته بأنني قمت بالشرح على إحدى رسائل الأخ محمد أحمد يوسف زينل علي رضا شرحاً مطولاً، لا يخلو من التهديد بالشكوى لمعالي الوزير، أو الكتابة في الصحف عن هذا العمل المعيب حسب قولي!!
وأنا ما زلت عند مافعلت.. فبالله عليك ماذا أفعل وقد عجزت من الكتابة على رسائل الأخ زينل بأنه "غير معروف لدينا" مرات عديدة دون جدوى؟! فهل قامت إدارة بريد الملز فعلاً بإشعار الجهة المرسلة وهي البنك السعودي البريطاني.. بأن رقم الصندوق ورمزه المستخدم من قبل عميلها محمد أحمد يوسف زينل علي رضا.. هو لا يخصه.. وإنما يخصني؟! إنني أشك في ذلك بدليل استمرار وصول رسائل هذا الأخ منذ شهور، على صندوق بريدي بنفس الرقم والرمز حتى يومنا هذا!!
وإنني لأتساءل: كيف يحدث أن يتطابق رقم الصندوق والرمز البريدي تماماً ليس مع مشترك واحد.. وإنما مع أكثر!! في نفس رقم صندوق ورمزي البريدي في نفس المدينة!! فهذا هو الأخ عصام الدين محمد هاشم تصل رسائله البنكية - هو الآخر - على نفس رقم صندوقي ورمزي البريدي تماماً!!.. أمام هذا يريدني سعادة مدير عام بريد منطقة الرياض، أن أتقبل ذلك ببرودة أعصاب!! متخلصاً من إحساسي بما تنطوي عليه رسائل الأخوين اللذين لا أعرفهما من قيمة وأهمية!! خاصة وأنها صادرة إليهما من بنكين معروفين!!
إنني سأكون مستهتراً، وغير أخلاقي لو أنني ظللت أستلم رسائلهما، دون احتجاج على الجهة الموكلة بخدمة المشتركين في صناديقها!! لا بل إنني سأواصل "غلاظتي" في الاحتجاج، حتى تنتهي هذه المهزلة غير اللائقة، بالتاريخ الطويل للخدمة البريدية في المملكة.
وهذه لن تنتهي ما لم يتخلق المسؤولون الجدد فيها، بمستوى فائق من النقد الذاتي، يتجاوز الإحساس بالرضى وعدم الخطأ.. إلى معالجة جذرية لأداء البريد الفوضوي، حيث يشكو الكثيرون من ضياع رسائلهم -عادية وغير عادية -!! ومنهم بالتأكيد من ذكرت.. ولا حل لهذه المهزلة، سوى تخصيص البريد، حتى تتم إدارته على أسس استثمارية حديثة، وذات تأهيل فني وإداري عال للعاملين في هذا القطاع، بعيداً عن الروتين الحكومي الذي لا يجيد موظفوه سوى لغة التبرير ومدح الذات!
فهل يرى المواطن طرح أسهم قطاع البريد قريباً في السوق.. كما هو الشأن مع الاتصالات، التي تقود سوق الأسهم - اليوم - إلى مزيد من الحيوية والتفوق بعد خصخصة قطاعها.. نأمل ذلك يا معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات.