قابلته في موقعه الدائم في محل الاسترخاء والاستجمام هناك في " المنـتـزه " وقد زرعه بالمصابيح لتلبية طلبات الزبائن ، تكلم عن أحد زبائنه قائلا : تخيل أنه لم يتنازل ويضيء المصباح بيده بل أكتفي أن يضغط على الأزرار بأحد أصابع القدم ليستدعي مضيف ومقدم الطلبات .

ضحكت وأنصت فأنا أحب أن استمع لمثل هذه الأحاديث لما لها من دراسات نفسية عميقة تعرفك على مسارك فيما تقرؤه من علم النفس وهل أنت في الاتجاه الصحيح ؟!

زادت فرحتي عندا أشار صاحب الرجل الحديدية بطرف أحد أصابع يديه مناديا ، فاشتد غضب صاحبنا وحاول أن ينسى خوفا من ارتفاع ضغط الدم وحتى يخفف من آلامه ، ثم بدأ يشكر البعض على أدبهم ، وذوقهم في التعامل مع الآخرين أمام الخدمات وتقديم الطلبات التي يتقاضى عليها أجرا , ولا يهم هذه الأجراء إذا كان راتبا شهريا أو احتساب الغلة مع نسمات الفجر في ليالي الشتاء .

تركت صاحب " المنتزه " لدقائق ينتابه القلق ، ووضعته تحت المجهر ، وهل يستطيع أن يستمر ويزيد من صبره للمستقبل ، وعادت نظراته تحكى وتتساءل ، فقلت له أسمع .. " هنا وفي مثل هذه المواقف سوف يكون مستمعك آذانا صاغية ، ولا بد أن تكون حذرا في مخرج الكلمات ورفع وانخفاض الصوت والشدة في موقع ، واللين في آخر لئلا يهرب من لجأ إليك مستعينا ، ولا تنس النظرات فلها دور كبير في أن تجعل من أمامك يذوب استماعا وينسى ما حوله بهذه المواقف , أنت المهندس خلل المحرك الطري الذي تتحكم به مجموعة الأعصاب والخلايا وبعض المواسير التي تتسع وتضيق لتدفقات الدم " .

طلبت منه أن يحدد نوعية الزبائن الذين يرغب التعامل معهم وذلك باختيارهم عند بوابة الدخول . لا شك أنه اعتبر حديثي استهزاء وليس جنونا ، ولكن الذي أوقفه عن ذلك الاعتبار جدية الموضوع ، وفجأة تنازلت عن هذا الطلب وسألته عن مدى إمكانية الاستعانة برجال الأمن للذين يظهرون مجردين من الأدب والذوق .

وجاء الرد مستفسرا ..عن ماذا تتكلم ؟ فهؤلاء عملاؤنا ونحن بحاجة إليهم ، وهذا المكان فتح من أجلهم لتقديم ما يتم طلبه ، وأخبرني بما أردت الوصول إليه ، فهو هذا الموقع لا بد له أن يقابل مختلف المستويات ، وهذا مقياس لكل المواقع ، ومع هذا يبقي للمراجعين والزبائن حساب سواء عند الموظف أو صاحب المحل ، فالذي يعمل هناك على الرغم من أنه يعتبر قارئا جيدا ، فمقابلته ، لمستويات مختلفة تجعله يستكمل قراءة كتاب في سويعات قليلة ، ويتمعن جيدا أيضا ، ومع هذه الاستفادة يحصل على راتبه أو أجره كاملا ، فلماذا التبرم أمام الحصول على وحدة النقود وتنوير القلوب ؟؟ لماذا التبرم وعدم الصبر والاحتمال لما يصادفك من هذه المستويات التي تجعل منك مسئول المستقبل الناجح في إيجابية اتخاذ القرار الصحيح ؟؟ .. ولا تنس نجاحك بالمنزل وتعليم الأبناء كيف يتعاملون مع الآخرين قبل أن يجلسوا خلف مكاتب العمل , وهيهات .. هيهات أن يبدأ جيل المستقبل بمصارعة الحياة بالأسلوب الصحيح المرن إذا إنعدم فيك الصبر ، وأصبحت يدك لسانا طويلا تستعملها من أجل الصمت ، وخاصة إذا كنت تملك الأصابع القوية التي استعصى عليها مقبض " الشيشة " فتكسر نفوس الصغار وهي ..في مراكز الأزهار ليستعدوا للانتقام ، فمن عندها يحاسب الآخر .

ودمتم