البريد السعودي .. بريد أعرج

د. عبدالله علي الغزال



في الدول المتقدمة يعتبر البريد من أهم مؤسسات الدولة حيث يقوم بخدمة الشعب والمؤسسات المختلفة في داخل وخارج الوطن وفي هذه الدول المتقدمة مثل بريطانيا عندما توقف عمال وموظفو البريد عن العمل تعطلت حركة الحياة في بريطانيا وأدت إلى خسائر كبيرة وهذا راجع إلى أن الدولة وشعبها يعتمد اعتمادا كبيرا على مؤسسات البريد.
بينما لو حدث هذا في بريد السعودية فان الأمور سوف تسير بشكل طبيعي إلا في حالة لو تم وقف أو إلغاء صناديق البريد فان البريد السعودي سوف يتوقف معظم عمله بسبب عدم وجود هذه الصناديق وهذا ما أقصده بالبريد الأعرج.
وكان البريد منذ قرون اعتمد على النقل الشخصي ثم تم استخدام الطيور الزاجلة عند إرسال رسائل مستعجلة الى أصحابها مباشرة وهذا هو المتبع أساسا في نظام البريد العالمي وليس الى وسيلة استخدام صناديق البريد كما هو متداول في البريد السعودي ومازال البريد من أهم الوسائل التي تصل الشخص بالآخر مهما تطورت وسائل النقل والاتصالات كالبريد الألكتروني والرسائل القصيرة والفاكسات والمكالمات التليفونية لهذا فان البريد وسيلة مهمة وحضارية تبقى لمدة زمنية طويلة ومنذ نشأة البريد وحتى وقتنا الحاضر فإن عمله يرتكز على وسائل أساسية ومهمة وهي عنوان الشخص المرسل والمرسل إليه وساعي البريد وفي بعض الدول المتقدمة كبريطانيا لاتهتم كثيرا بعنوان مرسل الرسالة وفي هذه الدول يبذلون مجهودا كبيرا في أن يتم إيصال الرسالة إلى عنوان المرسل إليه في مكانه عن طريق ساعي البريد وأتذكر عندما كنت في أمريكا للدراسة قبل أكثر من 20 سنة أرسلت رسالة داخلية مستعجلة وكان عنوان المرسل إليه يحتوي على رقم صندوق البريد إلا أن موظف البريد امتنع عن استلام الرسالة لسبب وجود رقم صندوق البريد على ظرف الرسالة ونصحني بأن أكتب عنوان المرسل إليه بدون رقم صندوق البريد حتى يستطيع ساعي البريد أن يسلمها إلى صاحبها في مكانه بأسرع وقت ممكن وأن وجود رقم صندوق البريد على الظرف يعني أن موظف البريد سوف يضع عدة شعارات في صندوق البريد الموجود بجواره مما يؤدي إلى تأخير وصول الرسالة المستعجلة أو المسجلة وأحيانا قد تعود الرسالة إلى مرسلها بسبب عدم مراجعة المرسل إليه لصندوق البريد وهذا ما هو متبع في البريد السعودي أما في البريد الممتاز فيطلب من الشخص المرسل للرسالة إضافة إلى العنوان أن يكتب رقم تليفون أو جوال المرسل إليه حتى يتم الاتصال به ويحضر إلى مكتب البريد لاستلام الرسالة مما سبق نجد أن البريد السعودي يفتقر إلى عدم وجود عنصر أساسي وضروري وهو ساعي البريد الذي يقوم بإيصال الرسالة إلى أصحابها في بيوتهم أو محلاتهم أو مؤسساتهم وقد يحتج مسؤول البريد بأنه لا يوجد عناوين معلومة للأشخاص المرسل إليهم وأتساءل أين أنتم منذ نشأة البريد أكثر من 40 سنة لماذا لم تطالبوا أو تقدموا دراسات بخصوص إيجاد عنوان لكل بيت أو محل أو مؤسسة في المحافظة والمنطقة وذلك بالتعاون مع الوزارات المعنية مثل وزارة الشئون البلدية والقروية ومن المعروف أن وزارة الكهرباء والماء تقوم بتوصيل فواتير الكهرباء والماء في كل مكان يوجد فيه عداد للكهرباء والماء, وحتى دعايتهم في التلفزيون كانت ضعيفة وتفتقر إلى عدم وجود عنصر هام وهو ساعي البريد الذي يقوم بتسليم الرسائل إلى أصحابها في أماكنهم. ففي اليابان عندما أرادت الحكومة أن تطرح بريدها للتخصيص كانت أملاكه تصل إلى أكثر من 4 مليارات دولار أي ما يعادل ميزانيات دول أو ميزانيات عدد من الوزارات في المملكة وهذا يعني أنه ربما يملك أسطولا بريا وجويا وبحريا وعدداً هائلاً من سعاة البريد وهذا البريد الياباني الضخم يقوم بخدمة إيصال الرسائل إلى أصحابها في أماكنهم دون الحاجة إلى صندوق البريد ومتى وجدت هذه الخدمة فان شعارات وتجديد استمارات السيارات ورخص القيادة وغيرها سوف تصل إلى أصحابها في أماكنهم دون الحاجة إلى مراجعة هذه الدوائر الحكومية وإضافة غرامات عليهم كما هو الحال في الدول المتقدمة أم تريدوننا أن ننتظر أكثر من 40 سنة أخرى حتى يتم إيصال البريد إلى بيوتنا.


نشرت المقالة في صفحة الراي بجريدة اليوم يوم الاثنين 3 ذو القعده الجاري





كل ما اتمناه ان يتم التعليق على مقال الدكتو ر بعين العقل والمنطق