التاريخ : 24/11/1426 هــ
الموافق : 26/12/2005 م

العـدد : 1653
قصة اليوم

مشاجرة البوادي و12 حقيبة نسائية فضحت أرباب السوابق
مبعدون.. عائدون من (البوابة الرسمية)



محمد عبده النوساني (جدة)-تصوير: محمد باكراع
قد لا يتوقع أحد أن سائق الليموزين الذي ينقله من موقع لآخر, ويتجاذب معه أطراف الحديث وبشفافية ابناء البلد تطلعه على بعض الخصوصيات, ظنا انه مجرد عابر سبيل.. يمكن ان يكون لصا.. أو مروجا للخمور او المخدرات او معتديا على الشرف أو العرض والمال. لا يتوقع احد ان هذا المجرم او اللص او المحتال (من ارباب السوابق) سبق سجنه وأمضى عقوبة أو ربما اثنتين.. ومع ذلك فهو حسب الاوراق الرسمية مقيم نظاميا, ويحمل رخصة قيادة أكثر نظامية, ويتنقل هنا وهناك بشكل نظامي.. قبل ان تقع الفأس في الرأس.

ولم تكن قصة سائق الليموزين الذي ضبط بـ(الصدفة) في أعقاب حادث تشاجر اعتيادي واتضح فيما بعد انه أحــد هؤلاء المحـتالين وأرباب السوابق.. لم تكن هي الوحيدة التي تعكس وجود خلل ما.. وتكشف عن شيء ما أسمه (عودة المجرمين من البوابة النظامية).

في حي الكرنتينة او البوادي وأحيانا كثيرة بالقــرب من أحياء أخرى يمكن وصفها بـ(الراقية) يتجمع الكثير من الوافدين خــاصة سائقي الليمــوزين في تجـمعات تنتمي لجنسياتهم.. بعضـهم يسعى للقمة العيش.. والآخرون هاربون من شيء ما.. أما الفــئة الثالـثة وان كانت ليست الأخيرة فهي تلك التي تعمل بـ(عقل) قبل ان تدير العداد المتوافق مع التسعيرة.

الشرارة

مضاربة بسيطة وقعت في أحد الشوارع بين سائق ليموزين ومواطن, اسفرت عن كسر يد الأخير, وسرعان ما استدعيت الدوريات الأمنية, خاصة ان السائق المعتدي هرب من مسرح الجـريمة.. وفي غضـون دقــائق تم ضـبطه واحـيل الى الجــهات المخــتصة للنـظر في جريمته الوحيدة آنذاك التي تســمى (تعـدي واعتداء).

وفي اطار الاجراءات الأمنية المتعارف عليها تم الحصول على بصمات السائق ليسقط القناع.. هذه البصمات لشخص من ارباب السوابق, وسبق ان ارتكب ثلاث جرائم منها السرقة والاعــتداء وترويـج الخمور!!

وهذه البصمات لشخص سبق ان أودع السجن, لينال جزاء عمله الاجرامي وبقي في سجن بريمان طيلة مدة العقوبة ثم تم ترحيله الى بلاده.

لكن الحقيقة الأخرى امام الجهات المختصة كانت ايضا تؤكد ان هذه البصمات للسائق المعتدي على المواطن في قارعة الطريق والذي يمتلك اقامة نظامية ورخصة قيادة ويعيش وسطنا حرا طليقا.. لكن باسم آخر.

وهنا كان السؤال.. ما دمنا لا نشك مطلقا في ترحيله خارج البلاد بعد قضاء العقوبة المقررة.. كيف عاد هذا المجرم المحتال?!

نموذج ثانٍ

وليس بعيداً عن سائق الليموزين الباكستاني, وقريبا من حي العزيزية ضبطت الاجهزة الامنية لصا باكستانيا سُلم الى مركز شرطة الشمالية, وبمجرد مضـاهاة بصماته.. اتضح انه سبق ان كان مقـيماً في هذه البلاد وارتكب جريمة سرقة نال بحقها عقوبة السجن وتم ابعاده لكنه عاد مجددا بتأشيرة عمرة بجواز جديد وباسم آخر وشكل جديد.. الا ان البصمات وحدها التي قادت لاكتشاف أمره.

أبرز النماذج

من أمام احد المراكز التجارية, طار بلاغ الى الأجهزة الامنية بوجود عصابة تخصصت في السطو على حقائب السيدات, وان الضحايا بلغ عددهن (12) امرأة.

ولم تمتد البلاغات, حتى وقع اللصوص في قبضة الشرطة, وبعد مضاهاة بصماتهم تبين انهم متخلفون من تأشيرات العمرة لاعوام سابقة وانهم من ارباب السوابق الذين ارتكبوا قضايا جنائية ونالوا عقوبات متفرقة في السجن ثم ابعدوا.. ولكنهم عادوا بتأشيرات عمرة بعدما غيروا هوياتهم حتى لا تتعرف عليها الحواسيب .

ماذا يحدث

لم تكن تلك القصص سوى مجرد نماذج لنحو 444 لصاً ومحتالاً من ارباب السوابق.. نجحوا في العودة الى المملكة, والدخول من البوابة الرسمية باسماء مستعارة.. بعدما خرجوا من نفس البوابة باسمائهم الحقيقية وبختم (مجرم مبعد) ولعل نجاح الاجهزة الامنية ممثلة في الادلة الجنائية في كشف حقيقة هؤلاء اللصوص تؤكد اليقظة والعين الساهرة.. لكن هذا النجاح ايضا يدعونا للسؤال..

كيف يعود هؤلاء?

ولعل من البديهي الاجابة ان تأشيرات العمرة هي السبيل البارز في عودة هؤلاء, فيما التسلل السبيل الثاني لكن السؤال يمتد الى ابعد من ذلك.. ليصل الى صيغة.. كيف يمر هؤلاء من البوابات?

واذا كانت جوازات السفر (المزورة), او حتى الرسمية التي تحمل اسماء مزورة ووهمية لارباب السوابق هي وثيقة العبور الآمنة الى داخل البلاد.. يأتي تخوف كل مواطن كلما استقل سيارة ليموزين.. ويتساءل في نفسه.. ترى هل هذا السائق محتال أم نصاب أم سارق أم قاطع طريق.. ام ان (بعض الظن اثم).