ثمة ارتباط وثيق بين أثر الرضا الوظيفي بين الموظف ومستويات آداءه وإنتاجياته ودرجة إنجازه للمهام الموكله إليه .
وانطلاقاً من هذه العلاقة فمن المقطوع به أنه كلما زادت درجى الرضا والقناعة لدى الموظف بوضعيته الوظيفية واحترام رؤسائه له في العمل ، ورضاءه عن طبيعة العمل الذي يؤديه كلما زادت معدلات آداءه وتفاعله في بيئة العمل وتعاونه مع جميع مستويات ذوي العلاقة من رؤساء وزملاء .

ومن الغريب أن نصادف بعض النماذج التي تشغل مواقع قيادية ممن يضربون بهذا المفهوم عرض الحائط ، رغم أنه يكاد يجمع على صحته أصحاب المواقع القيادية في الدول المتقدمة إدارياً وصناعياً . وربما يسـخر هؤلاء النماذج من تلك المفاهيم الإدارية التي أجمعت عليها الدراسات العلمية الإدارية والنفسية التي أجريت في الشرق والغرب في هذا المضمار .

وعلى النقيض من ذلك ، فإن أصحاب هذه المذاهب الإدارية الغريبة والممثلة في المديرين يرون أن الموظف لا ينبغي له أن يجد من يدللـه داخل بيئة العمل !! بل وربما ليس من مصلحة العمل أن يبش المدير في وجه موظف صغير لديه .

ومن هنا فإن الحديث عن الرضا الوظيفي للموظف من وجهة نظر هؤلاء المديرين هو أمر مرفوض ولا مجال للخوض به أو النقاش حوله أو مجرد طرحه للحوار ! . هذه النوعية من المديرين يعتقدون أن موقع العمل أشبه بموقع عسكري لا يصح فيه سوى الانضباطات والإنصياع للتعليمات دون نقاش أو خروج عن الصرامة أو الجدية ، ولا ينبغي الحديث عن رضا الموظف أو تدليله إذا ما أردنا _ من وجهة نظر هؤلاء _ زيادة إنتاجية الموظف أو تطويعه للتعليمات واللوائح ! .

ولا شك عندي أن مثل هذه النوعية من المديرين أو الرؤساء هي نماذج تكاد تكون مريضة وأبعد ما تكون عن مفهوم الإدارة السليم ، بل عن مفهوم الفطرة التي فطر الناس عليها . وأنه ينبغي على الرئيس أو المدير الإداري أو العام ألا يتقاعس عن الإطاحة بمثل هؤلاء الذين يشغلون مواقع قيادية ويتسببون بسلوكياتهم الإدارية الفاشلة في وضع العراقيل وربما الألغام ! في ساحة عمل الإدارة الإداري أو الميداني ، فتفعل الأفاعيل فيها وتحدث تدهوراً في إنتاجيتها وتفجير العلاقات بين الموظفين ، وإخماد الطاقات الكافية لديهم لأنهم سيكونون ضحايا رؤسائهم أو مدرائهم ذوي الفكر المريض .

ومن حسن الحظ أن مثل هذه النماذج المريضة هي نماذج محدودة وضئيلة ، لكنني من خلال مشواري العملي والوظيفي أؤكد بأنها موجودة ومنتشرة وعلى الشخصيات القيادية العليا ألا تسمح لمثل هذه النماذج بالقفز على مواقع قيادية داخل الإدارة أياً كان مستواها وعدد موظفيها .


هذا وبالله التوفيق .




الباحث / بريد المدينة