التقاعد والبطالة

من المعلوم أن الدولة سخرت كل إمكانياتها في تحسين قدرات أفرادها ورفع امكانياتهم المادية بخططها الخمسية وشملت هذه الخطط سلم رواتب منسوبيها بما يتناسب مع كل خطة بحيث تخلق التوازنات في الدخل القومي.
ولم يكن مستغربا تعديلها الهيكلية العام للوظيفة الحكومية بما يواكب المعطيات ففتحت أبواب الوظيفة استعدادا للطفرة المادية المرتقبة التي ظهرت بوادرها وفعلا عاشت المملكة فترة ازدهار احتاجت فيها إلى القوى العاملة التي تقاطرت عليها الطلبات وأصبح العرض أقل من الطلب. مما اضطر الجهات الحكومية إلى استصدار نظام إجبار الخريجين بالوظيفة الحكومية بمعدل سنوات الدراسة الجامعية وحفزتهم بتخصيص مبلغ خمسين ألف ريال لكل خريج عند تعيينه بالدولة.
استمرت المسيرة بخطوات مدروسة تعالج المتغيرات بثبات المتمكن دون انفعال بردات الفعل المؤقت التي سببتها التحولات الدولية التي أثرت عليها القفزة التقنية للاتصالات بظهور الانترنت والانحسارات الاقتصادية التي سادت بتدني أسعار البترول والهزات التي أصابت ماليزيا ودول الشرق جراء التفاعلات المتداخلة بين السياسة والاقتصاد مما يحتم على جميع الدول إعادة النظر في معطياتها لتحافظ على مكتسباتها.
ومن المشهود له أن المملكة تتروى في إصدار استشفاف للمستقبل. فعندما بدت ظاهرة العمالة الأجنبية وأصبحت محورا يستحوذ على صحافتنا المحلية بادرت حكومتنا الرشيدة بتفعيل القضية عن طريق مجلس القوى العاملة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير / نايف بن عبد العزيز للنظر في إيجاد أنجح الحلول الممكنة لتمكين الخريجين من المشاركة في سوق العمل وإضافتهم إلى القوى الوطنية العاملة.
من هنا استميح العذر من الجميع لطرح هذا الاقتراح بما يخص تعيين الخريجين. من المعروف أن لكل حقبة زمنية أساليبها في الإنتاج فقد تدرجت من اليدوية الصرفة إلى الآلية الكاملة ومن البديهي أن لكل حقبة فرسانها وهذا يعنى أن الحاجة تتطلب الصيانة أو الترميم أو التجديد. ولكل حاجة موجبات لاستخدامها. فالتعاميم والتفسيرات الإيضاحية جزء من صيانة الهيكل الوظيفي والتدريب وإعادة التأهيل جزء من عمليات الترميم للأداء الوظيفي أما عملية التجديد فهي مطلب عندما تتغير آلية التنفيذ .
وهذه المقدمة تمهيد للاقتراح وهو أن تقوم وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل باستصدار نظام استثنائي مدته عشر سنوات يقرر عدم الاستمرار في الوظيفة أكثر من عشرين عاماً يحال بعدها للتقاعد المبكر بشكل تلقائي ويتقاضى 50% من المرتب.
وبافتراض أن القوى العاملة بالمملكة نصف مليون شخص فلو أحيل للتقاعد 10% فقط من هذا العدد ممن أتموا 20 سنة في الخدمة لأصبح لدينا خمسون ألف وظيفة شاغرة للخريجين الجدد وبهذا نكسب القوى المستجدة على سوق العمل بدون إضافة أعباء مادية جديدة حيث إن المستجدين لن يحصلوا على أكثر من نصف مرتب من خدم 20 سنة بالوظيفة.
ومن فوائد هذا النظام تحديث أجهزة الدولة وقطاع الشركات بطاقات شابة ومؤهلة وإبعادها عن الترهل. وبث الحيوية للأجهزة بالتجديد والمسايرة للمستجدات. والاستمرار في عملية دورة التوظيف للخريجين حيث ستظهر لنا في كل سنة مجموعة مستحقة للتقاعد المبكر. وتولي العاملين في الجهاز ممن خدمتهم دون العشرين وفوق عشر السنوات تدريب المستجدين على رأس العمل بشكل إجباري لأنهم مفروضون على الهيكل الوظيفي حسب النظام المقترح.
كما أننا أضفنا إلى السوق مجالات جديدة ستظهر جراء الخبرات المكتسبة للمتعاقدين. بعد انقضاء فترة الاستثناء وهي عشر سنوات نكون قد جددنا كامل موظفي الدولة بشباب, عندها ينظر في الحاجة للاستمرار أو الإيقاف لفتح المجال أمام الراغبين لاستكمال المدة النظامية للخدمة وهي بلوغ سن الستين أو 40 سنة خدمة. أرجو أن يكون في هذا الاقتراح ما يستوجب الدراسة من المسئولين وإقرار ما تسفر عنه الدراسة.
منقول
والله من وراء القصد